كان إعلان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بمثابة مفاجأة للحلفاء، بعد اقتراحه تسليح مقاتلي المعارضة السورية، فانقسم التحالف الغربي حول الاقتراح غير المتوقع لرئيس الحكومة وتصاعدت الأسئلة حول جدوى التسليح ونتيجته.


من المعروف أن الولايات المتحدة تشعر بالقلق من تنامي دور الجماعات الإسلامية المتشددة في القتال الدائر في سوريا، إلى جانب أنباء عن انتهاكات لحقوق الإنسان. لكن اقتراح كاميرون يهدف إلى تغيير في حظر الأسلحة المفروض من قبل الاتحاد الأوروبي للسماح بتدفق السلاح للثوار انطلاقاً من الاعتراف بحقهم في quot;الدفاع عن النفسquot;.

لكن اعتراف بعض الجماعات السورية المعارضة بإعدام معتقلين، وتمتع المجموعات الإسلامية والمتطرفة بدعم شعبي وعسكري واسع داخل الاراضي السورية سببا ارتباكاً لدى مسؤولي وزارة الخارجية الاميركية وفي العواصم الحليفة الأخرى.

فوضى بدلاً من التغيير

كاميرون وحلفاؤه في الاتحاد الاوروبي، من ضمنهم فرنسا وايطاليا، يرغبون في أن تسلط الاضواء خلال أي نصر للمعارضة السورية على الاسلحة التي تأتي الى الثوار من أوروبا. السبب قد لا يقتصر على الرغبة في مساعدة الثوار، إذ يرى بعض القادة العسكريين في المعارضة السورية أن quot;السياسة الدولية الحالية تبدو هادفة إلى إشعال حرب أهلية طويلة الامد في المنطقةquot;.

فقال يحيى البيطار، وهو منشق من القوات الجوية للنظام، في مقر الجيش السوري الحر في محافظة ادلب، إن الدول الغربية تعمل على توفير الأسلحة الشخصية للثوار، إنما بالعدد الذي يكفي لترك الوضع كما هو عليه الآن. وعندما يصبح الثوار أكثر قوة ويبدأون بهزيمة قوات الحكومة، يتوقف المجتمع الدولي عن إرسال الأسلحة للمعارضة. quot;ثم عندما تصبح المعارضة ضعيفة، يصل المزيد من الدعمquot;.

وأضاف مشيراً إلى أن من يراقب كيف تتدفق الأسلحة ثم تتوقف، يصل إلى استنتاج بأن هذه الخطوات مرتبة ومصممة من أجل ترك سوريا في حال من الفوضى، بدلاً من إحداث تغييرquot;.

أمل في اجتماعات الدوحة

ويأمل زعماء العالم أن تؤدي الاجتماعات والنقاشات في الدوحة إلى رسم استراتيجية أكثر تماسكاً. ويعتبر التصويت على تعيين جورج صبرا، المسيحي الشيوعي السابق، كرئيس للمجلس الوطني السوري بمثابة خطوة إلى الأمام، لكنه لم يفعل شيئاً يذكر لإخفاء تردد الفصائل المتنافسة على وضع طموحاتهم جانباً من أجل الوحدة.

ويقول ديبلوماسيون إن التعيينات الجديدة تعتبر تقدماً عن الاجتماعات السابقة، حيث بدت الانقسامات واضحة إلى حد أنه تم استدعاء الأمن خمس مرات أثناء تجمع للمعارضة في تونس لتفريق الشجارات بالأيدي بين المندوبين. أما في تركيا، فغادر أحد المندوبين احتجاجاً على موقعه أثناء الوقوف لالتقاط صورة جماعية للمشاركين.

اقتراح كاميرون هو محاولة لتجاوز حال الجمود في قطر وفي سوريا على حد سواء. وقال quot;لنتحدث بصراحة، ما فعلناه خلال الأشهر الـ 18 الماضية لم يكن كافياًquot;، مؤكداً عزمه على رحيل الأسد من منصبه.

الدفاع عن النفس لتسهيل بيع الأسلحة

وتبدو وزارة الخارجية البريطانية وكأنها تتخبط لمتابعة كيفية تلبية مقترح رئيس الوزراء لإعادة التفاوض بشأن الحظر المفروض على الأسلحة، على الرغم من احتمال واحد هو إدراج عبارة quot;الدفاع عن النفسquot; ليتم بيع الأسلحة، على الرغم من أن التقارير تشير الى أنه لا توجد نية لبريطانيا لتوفير الأسلحة بنفسها.

لكن من المرجح أن ترفض الولايات المتحدة هذه الفكرة، فقد أعلن السفير الأميركي في سوريا، روبرت فورد بوضوح أنه لا يوجد أي تغيير في قرار بلاده حول تقديم الأسلحة الثقيلة للثوار. تبدو الولايات المتحدة كمن يقف على حافة الماء، لكن ما زال غير مستعد للسباحة، فهي الأكثر حذراً من الجميع حيال مسألة تسليح الثوار.

لكن في ظل هذا التردد والتخوف، سوف تزيد الانقسامات سوءاً بين الثوار مما يجعل مسألة دعمهم قضية أكثر صعوبة وأقل احتمالاً في أن تحصل على الدعم الشعبي والسياسي في الدول الغربية. في الوقت نفسه، يرتفع منسوب الخطر ليهدد بإراقة المزيد من الدماء في الفوضى التي بدأت في الانتشار عبر المنطقة.