رغم ما يبدو من قدرة إسرائيل على تدمير ما تريد في غزة، فقد عجزت عن دك مبنى المخابرات القديم الذي كان تابعًا لـlaquo;فتحraquo;. وقد ظلّت تستهدفه في سائر معاركها مع أنهظلّمهجورًا منذ تولي laquo;حماسraquo; السلطة.. ولكن بلا طائل.



لندن: لفت مبنى المخابرات في غزة أنظار الإعلام الغربي لأنه لا يزال قائم الجدران والدرج رغم قصفه ما لا يقل عن خمس مرات بالقذائف والصواريخ الإسرائيلية، ولذا سمّوه laquo;المبنى الذي يرفض الموتraquo;.

وتبعًا لصحيفة laquo;لوس انجليس تايمزraquo;، فقد شيّد هذا المبنى، الذي يسميه الفلسطينيون laquo;السفينةraquo; بسبب شكله، في الطرف الشمالي الغربي لمدينة غزة قبل نحو عشر سنوات ليضم المكاتب الأمنية (الموغلة في السريّة وفقًا للصحيفة) للسلطة الفلسطينية. فهجرته في 2007 بعد هزيمتها على يد laquo;حماسraquo; في المعركة الحاسمة التي شهدت نهاية laquo;فتحraquo; في غزة وبدء حكم الإسلاميين.

وظل هذا المبنى، المؤلف من خمسة طوابق، مهجورًا منذ ذلك الحين. لكنه صار مصدر تندر وسط الفلسطينيين كافة لأنه يظل، على مدى السنوات الخمس الماضية وحتى الآن، هدفًا للصواريخ الإسرائيلية. ومع أنه صار قوقعة فقط ، فإن الجزء الأعظم منه يرفض الانهيار كبقية المباني التي تستهدفها الغارات.
وعلى هذا النحو صار laquo;السفينةraquo; لدى العديد من الغزاويين رمزًا للصمود والمقاومة وسط الفلسطينيين. ولا أحد يعلم السبب في إصرار إسرائيل على قذفه في كل مرة تلتهب الأشياء بينها وبين غزة. فيذهب البعض الى القول إنها تعتقد أن رجال المقاومة يطلقون صواريخهم عليها منه، بينما يقول آخرون إن الغرض هو تخويف اولئك الذين يسكنون في محيطه.

والتقت الصحيفة مواطنًا يدعى ابراهيم عمر (25 عاماً)، فقال إنه ما إن يصل التوتر مرحلة الخطر حتى يهجر مع اسرته مسكنه القريب من ذلك المبنى الى جزء آخر في المدينة، لأنه يعلم أنه سيكون بين أبرز الأهداف في أي قصف إسرائيلي.

وبالطبع فإن شظايا القنابل وحدها كفيلة بإلحاق خسائر بشرية ومادية كبيرة إذا لم يتحسب الناس. وبلغ الأمر بالبعض الى حد امتناعهم عن إعادة تركيب زجاج نوافذهم لأنهم يعلمون أنه سيتحطم مع أول غارة جديدة... تستهدف مبنى المخابرات القديم كالعادة.

وكان أهل محيط المبنى قد رحّبوا بوجوده بينهم في بادئ الأمر، بسبب laquo;ترقيتهraquo; المكان، ونوع الأمان الذي يأتي في وجوده، وأيضًا ضمان استمرار التيار الكهربائي من دون الانقطاع الذي يشكو منه الباقون. ورغم أن المبنى كان مصدرًا للشعور بالفخر، فقد كان دخوله فقط للعاملين فيه وفيما كان محرّمًا على البقية. وبعد فرار فتح، تعرض للنهب فاختفى كل شيء فيه، من الأثاث والأدوات المكتبية الى زجاج النوافذ، بعد وقت قصير.

لكنه صار الآن شيئاً من أطلال لا تسرّ العين وفي الوقت نفسه هدفًا مستمرًا للقصف الإسرائيلي. وبلغ ضيق الجوار به حد أن الناس كتبوا الى رئيس وزراء حماس، اسماعيل هنيّة، من أجل هدمه وبناء ما يفيد على أنقاضه مثل مستشفى أو حتى ملعب رياضي. وبالفعل فقد شُرع في هدمه لكن هذه المعركة الأخيرة أوقفت البلدوزر والمعول. ورغم أن هذا كان يعني أن إسرائيل هي التي قررت تولي المهمة نيابة عن الفلسطينيين أنفسهم، فقد عجزت هي أيضًا عن إغراق هذه السفينة.