يعاني مسلمو ميانمار الأمرين من البوذيين، ويتعرضون لشتى فنون الاضطهاد لتهجيرهم وطردهم على طريقة التطهير العرقي، بعدما أبدى البوذيون خوفًا من أسلمة أرض أسلافهم بسبب التزايد السكاني للمسلمين.


أشرف أبو جلالة من القاهرة: نقلت تقارير صحافية أميركية حقيقة الأوضاع الحياتية والمعيشية بالغة الصعوبة التي يواجهها المسلمون في ميانمار، وأوضحت أن الرسالة هناك واضحة تمامًا، حيث يرى البوذيون في المسلمين هناك غزاةً وأفاعي وضيوفًا غير مرغوب فيهم.

وقال مدرس بوذي في أحد الأديرة يدعى يو نيارنا: quot;تمنعنا التعاليم البوذية من الإقدام على القتل، لكن حين نشعر بأننا مهددون، لا يمكننا أن نكون قديسينquot;.

تطهير عرقي

أشارت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إلى أن العنف المشتعل في ولاية راخين، حيث خلفت الصدامات ما لا يقل عن 167 قتيلًا ونحو 100 ألف من المشردين معظمهم من المسلمين، قد تسبب بحدوث نزوح أدانته بعض جماعات حقوق الإنسان، معتبرةً إياه تطهيرًا عرقيًا.

هذا النزوح الذي يعتبر مقياسًا لحالة متأصلة من غياب التسامح في الولاية غرب ميانمار، حيث يشارك رجال دين بوذيون من أمثال نيارنا، وهو رئيس رابطة الرهبان الشبان، في حملة لإخراج المسلمين من البلاد، التي بدأت للتو مرحلة انتقالية إلى الديمقراطية، بعد أن كانت تعيش في فترة حكم تتسم بالاستبداد.

وبعد سلسلة من أعمال الشغب وحوادث الإحراق عن عمد خلال الأشهر الخمسة الماضية، بدأ البوذيون يدعون المواطنين المسلمين، الذين فشلوا على مدار ثلاثة أجيال في تثبيت حقهم القانوني في الإقامة، للسكن في مخيمات او المغادرة إلى أي دولة ترغب في استضافتهم.

مخيمات عشوائية

على الرغم من العنف الذي رافق هذه الدعوة، التزمت داو أونغ سان سو كي، الصوت الليبرالي الأبرز المدافع عن المظلومين، جانب الحيطة في تصريحاتها.

حظي هذا الموضوع باهتمام الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال زيارته الأخيرة لميانمار قبل أيام، في الوقت الذي عبرت فيه عدة بلدان إسلامية مثل اندونيسيا والسعودية عن انزعاجها وبالغ قلقها إزاء الأوضاع في هذا البلد.

يعيش المسلمون الذين تركوا منازلهم في مخيمات عشوائية، تفتقر إلى الطعام والرعاية الطبية، يقيم حولها بوذيون لا يريدونهم كجيران.
وقال سو شوي مونغ، وهو نائب مسلم في البرلمان :quot; لا بد من حل هذا الموضوع على وجه السرعة، فحين لا يكون هناك طعام أو مأوى، فإن الناس يواجهون خطر الموتquot;.

والخطر يهدد شوي مونغ نفسه، إذ بات يسافر برفقة قوة أمنية تؤمنها له الحكومة.

يخافون الأسلمة

في مقابل ذلك، تؤكد الغالبية البوذية في الولاية إنها تشعر بأنها مهددة بأعداد المسلمين المتزايدة، بسبب تزايد الولادات ونتيجة الشعائر الإسلامية التي يحسّون بأنها عدوانية، مثل ذبح الحيوانات.

في هذا السياق، وقالت يو أو هلا سو، أمين عام حزب تنمية الجنسيات في ولاية راخين، وهو الحزب الأكبر في الولاية: quot;نحن متخوفون جدًا من الأسلمة، فهذه أرضنا الأصلية، وهي بلاد أسلافنا من قبلناquot;.

يخلو الآن وسط مدينة سيتوي، التي كانت تعتبر إحدى مخافر الاستعمار البريطاني من قبل، من السكان المسلمين الذين كانوا يعملون فيها بأعداد كبيرة كمتعهدي شحن وتفريغ، إلى جانب مجموعة أخرى من المهن والأعمال التي تتطلب مهارات يدوية.

وأشار قادة سياسيون في ميانمار إلى أن الفصل شبه الكامل للمسلمين يعتبر أمرًا موقتًا، لكن الصحيفة تشكك في هذه المزاعم، لأن هذا الفصل يبدو أكثر دوامًا.