وضع قضاة مصر الرئيس محمد مرسي في حيرة جديدة بعدما قرروا عدم الإشراف على الاستفتاء على الدستور المقررتنظيمه في 15 كانون الاول (ديسمبر) الحالي، واشترط القضاة تراجع الرئيس المصري عن إعلانه الدستوري لتغيير موقفهم.


القاهرة:تواصل اختبار القوة بين السلطة القضائية في مصر ورئيس البلاد محمد مرسي، فأعلن نادي قضاة مصر مساء الاحد رفض القضاة الاشراف على الاستفتاء على الدستور الذي اعلن الرئيس عن تنظيمه في الخامس عشر من الشهر الحالي، في حين اعلنت المحكمة الدستورية العليا تعليق اعمالها احتجاجًا على quot;ضغوط نفسية وماديةquot; بعد محاصرة مؤيدي الرئيس المصري لمقر هذه المحكمة.
وقال المستشار احمد الزند رئيس نادي قضاة مصر الاحد إن القضاة قرروا عدم الاشراف على الاستفتاء، وذلك احتجاجًا على الاعلان الدستوري الذي اصدره الرئيس المصري والذي يمنحه صلاحيات واسعة.
وقال الزند في بيان لنادي القضاة quot;تم الاتفاق بين كافة قضاة مصر وأندية قضاة الأقاليم على عدم الإشراف على الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد للبلاد، ومقاطعتهquot;.
وقال الزند متوجهًا الى جماعة الاخوان المسلمين، التي ينتمي اليها مرسي، إن quot;كل عمل وقرار يقدم عليه قضاة مصر هناك من يحاول الالتفاف حول مضامينهquot;. واضاف quot;اذا اعتبرتم قرارنا بالدفاع عن الشعب المصري والقضاة عملاً بالسياسة.. فسنظل نعمل بالسياسةquot;.
وكان المستشار محمود مكي نائب الرئيس المصري قال قبل ذلك في حوار مع التلفزيون المصري إن الهدف من الاعلان الدستوري quot;كان إبعاد القضاة عن السياسة وتجنيب القضاة من أن يتم استخدامهم لضرب مؤسسات الدولةquot;.
واكد مكي أن quot;القضاء يسيس ويدفع به في معترك السياسة.. من يحب القضاة ومن يحب وطنه يتعين عليه أن يحافظ على القضاء بعيداً عن معترك السياسةquot;.
وقد صدر قرار نادي قضاة مصر بالاجماع بعد اجتماع لمجلس ادارات نوادي القضاة على مستوى الجمهورية الاحد في القاهرة، حسب ما قال المستشار احمد عبد العزيز عضو نادي القضاة لفرانس برس.
ويواجه الرئيس المصري اعنف ازمة سياسية منذ توليه الحكم في تموز/يوليو الماضي بعدما اصدر قبل عشرة ايام اعلانًا دستوريًا وسع من سلطاته وحصن قراراته في مواجهة القضاء وهو ما رفضه القضاة والمعارضة.
وقررت معظم الجمعيات العمومية للمحاكم المصرية تعليق عملها حتى تراجع الرئيس المصري عن هذا الاعلان الدستوري.
وفيما اعلن شباب الحركات والاحزاب المعارضة المعتصمون في ميدان التحرير منذ تسعة ايام أنهم سينظمون مساء الثلاثاء مسيرات الى قصر الرئاسة لتوجيه quot;انذار اخيرquot; الى الرئيس المصري، يجتمع قادة المعارضة مساء الاحد لبحث الموقف غداة دعوة مرسي الى الاستفتاء على مشروع الدستور.
من جهتها، اعلنت المحكمة الدستورية العليا، التي يتهمها الاسلاميون بتعطيل مؤسسات الدولة المنتخبة، الاحد quot;تعليق اعمالهاquot; الى أن تتوقف quot;الضغوط النفسية والماديةquot; على قضاتها واكدت أن القضاء المصري شهد quot;يومًا حالك السواد في سجلهquot;، بعد أن حاصر المتظاهرون الاسلاميون مقر المحكمة قبل ان تبدأ نظر دعاوى بطلان تشكيل الجمعية التاسيسية ومجلس الشوري.
وقالت المحكمة الدستورية في بيان إن quot;تعليق الجلسات سيكون إلى أجل يقدر فيه قضاتها على مواصلة رسالتهم والفصل في الدعاوى المطروحة على المحكمة بغير أية ضغوط نفسية ومادية يتعرضون لهاquot;.
واضاف البيان quot;وقع تاريخ الجلسة المحددة لنظر القضايا المنظورة أمام المحكمة الدستورية العليا في الثاني من ديسمبر (كانون الاول) عام 2012 والذى كان يومًا حالك السواد فى سجل القضاء المصري على امتداد عصورهquot;.
ويعمق قرار المحكمة الازمة السياسية المستمرة منذ اصدار الرئيس المصري في 22 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي اعلانًا دستوريًا حصن بموجبه قراراته من الرقابة القضائية، كما حصن الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى من أي قرار قد يصدر عن المحكمة الدستورية العليا ببطلان تشكيلهما.
وتنضم المحكمة الدستورية بذلك الى الهيئات القضائية الاخرى في البلاد التي اعلنت الاضراب احتجاجاً على الاعلان الدستوري ووصفته بـquot;الاعتداء الصارخ على السلطة القضائيةquot; وهي محاكم القضاء الاداري ومحكمة النقض ومحاكم الاستئناف ومحاكم اول درجة واعضاء النيابات.
وازدادت الازمة السياسية تعقيدًا مساء السبت مع دعوة مرسي الى استفتاء منتصف الشهر الجاري على مشروع الدستور الذي ترفضه قوى واحزاب المعارضة وكذلك الكنائس المصرية.
واكدت المحكمة الدستورية في بيانها أنه quot;عندما بدأ توافد قضاة المحكمة فى الصباح الباكر لحضور جلستهم، ولدى إقترابهم من مبناها، تبين لهم أن حشدًا من البشر يطوقون المحكمة من كل جانب، ويوصدون مداخل الطرق إلى أبوابها، ويتسلقون أسوارها، ويرددون الهتافات والشعارات التى تندد بقضاتها، وتحرض الشعب ضدهم، مما حال دون دخول من وصل من القضاة نظراً لما تهددهم من أذى وخطر على سلامتهم، فى ظل حالة أمنية لا تبعث على الارتياحquot;.
واعتبر البيان أن quot;أساليب الاغتيال المعنوي لقضاتها، التي سبق ممارستها الفترة الماضية من هذا الحشد وغيره ممن ينتمون إليه، والذي يتظاهر اليوم ضد المحكمة، هي التي قادت إلى هذا المشهد المفعم بالخزي والعار بما حمله من تشهير وتضليل وتزييف للحقائقquot;.
واضاف البيان ان قضاة المحكمة quot;لا يستطيعون مباشرة مهمتهم المقدسة فى ظل هذه الأجواء المشحونة بالغل والحقد والرغبة في الانتقام واصطناع الخصومات الوهميةquot;.
وكان من المقرر أن تبدأ المحكمة الدستورية العليا الاحد نظر طعون في عدم دستورية القانونين اللذين تم على اساسهما تشكيل الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى.
وبعد تظاهرة شارك فيها مئات الآلاف من الاسلاميين دعمًا للرئيس المصري، بدأ مئات من انصار جماعة الاخوان والاحزاب السلفية المتحالفة معها التوجه منذ مساء السبت الى مقر المحكمة حيث امضوا الليل قبل أن ينضم اليهم الآلاف صباح الاحد.
وردد المتظاهرون هتافات مطالبة بحل المحكمة مثل quot;عيش، حرية، حل الدستورية وquot;الشعب يريد حل الدستوريةquot; وquot;يا قضاة الدستورية انتو فاقدين الشرعيةquot;، وquot;يا قضاة الدستورية اتقوا شر المليونيةquot; ورفعوا لافتة كبيرة كتب عليها quot;لا حكم الا للهquot;.
واستبقت وزارة الداخلية بيان المحكمة الدستورية العليا واكدت في بيان اصدرته صباح الاحد أن quot;قوات الامن التي تتولى حماية مقر المحكمة تحكم سيطرتها على المداخل والمخارج الخاصة بالمبنى لتأمين دخول القضاة وجميع العاملين بالمحكمةquot;.
وسبق أن اتهمت المحكمة الدستورية العليا الاربعاء الماضي الرئيس المصري بالهجوم عليها وطالبته بأدلة على اتهامه quot;الخطيرquot; لها بتسريب الاحكام قبل صدورها كما اكدت أنه quot;لن يرهبها تهديد أو وعيد أو ابتزاز ولن تخضع لأي ضغوطquot;.
وقال شباب المعارضة المعتصمون في التحرير والمنتمون الى 18 حركة وحزب سياسي من بينها حزب الدستور بقيادة محمد البرادعي والتيار الشعبي بقيادة المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي وحركة 6 ابريل واتحاد شباب ماسبيرو إنهم سينظمون مسيرات الى قصر الاتحادية مساء الثلاثاء لتوجيه quot;الانذار الاخير لمرسي، الذي انتخب كرئيس شرعي ديموقراطي للبلاد، أن شرعيته تتآكل وتتناقص بسياساته وممارساته المنحازة لحزبه وجماعتهquot;.
وجدد شباب التحرير quot;رفضهم لاستمرار العمل بالاعلان الدستوري ورفضهم الكامل للاستفتاء على مشروع الدستور الذي أعدته جمعية تأسيسية مطعون في شرعيتها القانونية وفاقدة لشرعيتها السياسية والشعبيةquot;.
واكد مسؤول رفيع من حزب الحرية والعدالة لوكالة فرانس برس أنه على قناعة بأن القضاة، الذين تقضي الاجراءات القانونية بأن يديروا عمليات الاقتراع، سيشرفون على الاستفتاء رغم تهديد بعضهم بمقاطعة الاشراف عليه.
وقال عمرو دراج الذي كان الامين العام للجمعية التأسيسية quot;انا واثق من أن القضاة سيشرفون في نهاية المطاف على الاستفتاء فلدينا 14 الف قاضٍ ولم يقل أحد أن هؤلاء جميعاquot; يريدون مقاطعة الاستفتاء.