بعد مقابلته الشهيرة مع الوطن السعودية، يزل لسان ميخائيل بوغدانوف مرة أخرى فلا يستبعد سيطرة المعارضة السورية على البلاد، ما يسلط الضوء على حقيقة الموقف الروسي الغامض. فهل بدأت روسيا تعيد حساباتها مع حليفها المتمسك بالسلطة على حساب دماء شعبه؟


لمّحت تقارير صحافية غربية إلى أن الروس قد بدؤوا يسحبون دعمهم لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، ناقلةً عن ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي والمسؤول عن متابعة الشؤون الشرق أوسطية، قوله: quot;لا يمكن استبعاد انتصار المعارضة، وللأسف يتوجب علينا مواجهة الحقائق، والاتجاه صحيح في هذا الاتجاه، فقد بدأ النظام يفقد سيطرته بشكل متزايد على أجزاء كبيرة من البلادquot;.

تلك هي المرة الثانية التي تُنسَب فيها تصريحات لبوغدانوف تثير ضجة كبرى، إذ سبق أن نقلت عنه صحيفة الوطن السعودية في آب (أغسطس) الماضي قوله إن الرئيس السوري يتحضر للتنحي، ما اضطر الحكومة الروسية إلى نفي حصول المقابلة الصحفية بين بوغدانوف والوطن. وحين نشر الصحافيون السعوديون تسجيلًا لتلك المقابلة، سارع المسؤولون الروس إلى التأكيد أنه تسجيل زائف.

القتال سيزداد عنفًا

من ضمن التصريحات التي أدلى بها بوغدانوف خلال جلسة استماع للغرفة العامة في موسكو، وأبرزتها مجلة فورين بوليسي الأميركية، قوله: quot;تقول المعارضة إنها تفرض سيطرتها على 60 بالمئة من الأراضي السورية، لكننا نقول إن كنتم ترغبون في الاستمرار، فما زال هناك 40 بالمئة. وإن كنتم قد استحوذتم على 60 بالمئة من سوريا في خلال عامين من الحرب الأهلية، ستحتاجون إلى عام آخر أو عام ونصف للسيطرة على الجزء المتبقيquot;.

أضاف: quot;إن كان قد مات حتى الآن 40 ألف شخص، فإن القتال سيزداد عنفًا وستفقدون العشرات أو المئات أو الآلاف من الأشخاص. وإن وافقتكم على أن يكون ذلك ثمنًا للإطاحة برئيس، فما بوسعنا أن نفعله؟quot;.

وتابع بوغدانوف: quot;تهدف الحملة التي يشنها الغرب، بدعم من جامعة الدول العربية، لتشويه الموقف الروسي حول سوريا، لإضعاف نفوذنا في المنطقة، ولتجميد علاقات روسيا المستقبلية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقياquot;.

بالرغم من تأكيد المعارضة السورية ومناصريها الخارجيين أن نظام الأسد قد انتهى، إلا أن لا وجود لأي دليل محسوس على أن الروس مستعدون لوقف أو تخفيف دعمهم السياسي والعسكري والاقتصادي للأسد.

ولم يفوت ناطقون رسميون روس آخرون الفرصة لإدانة مساعي تسليح الصراع السوري والتدخل الأجنبي في الشأن السوري الداخلي، وخطة الناتو لتزويد تركيا بصواريخ باتريوت، للمساعدة في تأمين مجالها الجوي ضد أي غارات سورية.

وكان الشيء الرئيسي الذي فعله الروس أخيرًا هو التراجع خطوة على الصعيد الدبلوماسي، بمحاولتهم بث الحياة من جديد في اتفاق جنيف، الذي يسعى إلى صوغ مبادئ العملية الانتقالية في سوريا، بحسب الرؤية التي تم التوصل إليها في شهر حزيران (يونيو) 2011.

وأوضحت المجلة أن ما يقيّد روسيا هو قلقها العميق من دعم الغرب المتزايد للتدخل الإنساني في الصراعات الداخلية، مثل ليبيا وسوريا، فضلًا عن قلقها مما قد يحدث إن استمرت الأوضاع السورية في الخروج عن نطاق السيطرة.

كما تترقب روسيا ما قد تسفر عنه الأزمة في سوريا من تداعيات على العلاقة بين السنة والشيعة في الشرق الأوسط، وعلى العلاقات القديمة والغامضة بين مسؤولين عسكريين واستخباراتيين روس وسوريين.