آدم لانزا أطلق النار على والدته، التي علّمته استخدام السلاح، فأرداها، ثم قاد سيارته ثلاثة أميال إلى نيوتاون في ولاية كونيتيكت، وتوجّه إلى مدرسة ساندي هوك الابتدائية ليقتل عددًا من الطلبة والمدرسين.
لميس فرحات: أظهرت التحقيقات أن نانسي لانزا (52 عامًا) كانت تحبّ اقتناء الأسلحة، واعتادت على اصطحاب أطفالها إلى الرماية، وفقاً لأصدقائها. وأصبحت هذه quot;الهوايةquot; اليوم محور اهتمام عدد من المحققين، الذين يحاولون معرفة السبب وراء ارتكاب ابنها واحدة من أسوأ المجازر في تاريخ البلاد.
quot;في كثير من الأحيان، كانت نانسي تصطحب أطفالها لممارسة الرمايةquot;، قال دان هولمز، صاحب شركة هندسة المناظر الطبيعية في الحي الذي تسكن فيه العائلة. وأشار إلى أنها تباهت أمامه في يوم من الأيام ببندقية حديثة، كانت قد اشترتها، quot;وكانت فخورة بها للغايةquot;.
المهاجم آدم لانزا، شاب في العشرين من العمر، قتل والدته أولاً في المنزل، ثم توجّه إلى المدرسة، حيث كانت أمّه موظفة فيها، وهو كان تلميذاً فيهامنذ سنوات، فقتل 20 تلميذاً لا تتعدى أعمارهم عشر سنوات، إضافة إلى عدد من موظفي المدرسة والمعلمات.
وأشار عدد من أقرباء العائلة إلى أن لانزا كان يعاني متلازمة التوحد، وكان من الصعب على أقربائه وعائلته التعامل معه بسهولة لصعوبة مراسه. كما قالت العائلة إن والد ووالدة آدم انفصلا منذ سنوات، وغادر شقيقه إلى ولاية نيوجرسي.
أطلق لانزا نحو 100 رصاصة في حرم المدرسة، مستخدماً سلاح quot;سيغ سويرquot;، ومسدس غلوك، بقدرة على إطلاق 15 طلقة و 17 طلقة على التوالي، إضافة إلى بندقية أوتوماتيكية قادرة على إطلاق 30 رصاصة، قبل أن تحتاج تلقيمًا. وقيل إن الشرطة عثرت على بندقية رابعة في سيارة والدته.
صدر بيان باسم الأسرة، من جيمس شامبيون شقيق نانسي لانزا، وهو ضابط شرطة في كينغستون، نيو هامبشاير. وقال جيمس إننا quot;نتقاسم الحزن مع المجتمع والأمّة، ونحن نكافح لفهم الخسارة الهائلة التي نتشاركها جميعاًquot;.
وأضاف البيان: quot;أملنا وصلواتنا مع أولئك الذين فقدوا أحباءهم:العائلات والمعلمون والموظفون وطلاب مدرسة ساندي بروك الابتدائية. بالنيابة عن نانسي الأم والأشقاء نمدّ أيدينا للمجتمع في نيوتاون، ونعبّر عن حزننا العميق لهذه المجزرة التي أثرت على الكثيرينquot;.
بعد المجزرة، تحدث العديد من الطلاب والمعلمين عن تجربتهم، لا سيما بطولة المعلمات اللواتي حاولن إنقاذ التلاميذ الصغار أثناء الاعتداء. توفيت معلمة بعدما استخدمت جسدها كدرع بشري لحماية طلابها، بينما قتلت مديرة المدرسة أثناء اندفاعها نحو القاتل لتوقفه. وقام المعلمون بتخبئة تلاميذهم في خزائن الصفوف، قبل أن يعثر عليهم لانزا، الذي كان لا يزال يتجول بين الفصول الدراسية، ويطلق النار على الجميع.
قتل لانزا، الذي كان يرتدي درعاً واقياً ضد الرصاص، ما مجموعه 20 طفلاً ndash; أصغرهم في الخامسة من عمره- وسبعة موظفين قبل أن يوجّه السلاح إلى نفسه وينتحر. وقالت الشرطة إن الضحايا أصيبوا بأكثر من طلقة نارية، كما إن بعض التلاميذ أصيبوا بأكثر من 11 رصاصة، فيما نجا شخص واحد من إصابته.
قبل أن يقتحم المدرسة، قتل آدم لانزا والدته في المنزل، الذي كان يشاركها فيه السكن، عندما أطلق النار في وجهها ببندقيتها الخاصة. وتشير التحقيقات الأولية إلى أن الشرطة تحقق في الإدعاء بأن لانزا قد تشاجر مع أربعة موظفين من المدرسة قبل يوم من المجزرة، وأنه قتل ثلاثة منهم في اليوم التالي، فيما تحقق الشرطة مع الرابع للبحث عن وجود دافع.
أظهرت تقارير الأطباء إلى أن الرصاصات التي عثر عليها في أجساد الضحايا تعود إلى سلاح أوتوماتيكي. وقال متحدث باسم المدرسة إن العديد من الأطفال لقوا حتفهم، وإن الأعداد كانت ستكون أكبر لولا الإجراءات السريعة من معلميهم.
رفع أحد المعلمين أجهزة الصوت في المدرسة، حتى يسمع الجميع أصوات الصراخ والرصاص، لتنبيه المعلمين من القاتل، قبل وصوله إليهم. وما إن سمع بقية الموظفين حتى هرعوا إلى تنفيذ تعليمات الطوارئ، فأقفلوا الغرف، وعمدوا إلى نقل الأطفال إلى مناطق آمنة.
يشار إلى أن كل الأطفال الذين قتلوا كانوا في فصلين دراسيين فقط، بالقرب من المدخل الرئيس للمدرسة. وكان الأطفال تلاميذ في الصفوف الإبتدائية، أي أن اعمارهم لا تتجاوز السبع سنوات. quot;كانوا أطفالاً صغارًا عاجزين. لماذا قتلهم؟، ربما لن نعرف أبداًquot;، قال نيل هيسلين، والد طفلة في السادسة من عمرها، التي راحت ضحية المجزرة، لصحيفة الـ quot;تليغرافquot;. وأضاف: quot;ما فعله كان عملاً جباناً. حتى الطريقة التي قتل فيها نفسه كانت جبانة. إنه يستحق عقاباً أكبر من الموتquot;.
في مؤتمر صحافي، قالت الشرطة إنها عثرت على quot;بعض الأدلة الجيدةquot;، التي ستساعد على معرفة السبب وراء ارتكاب المجزرة. لكنها لم تقدم المزيد من التفاصيل.
وقال المسؤول عن الشرطة في كونيتيكت، الجنرال بول فانس، إنه تم العثور على أدلة في منزل القاتل وفي المدرسة، مما يعني أن لانزا قد ترك رسالة أو تسجيلاً في العنوانين. من بين القتلى الذين تم التعرف إليهم، لورين روسو (30 عاماً)، وهي مدرّسة كانت تعيش في نيوتاون مع والدتها، تيريزا. وقالت والدتها إن روسو بدأت عملها في المدرسة هذا الخريف، وكان quot;هذا العام هو الأفضل في حياتهاquot;.
يقول الزملاء السابقون والجيران إن آدم لانزا كان شخصاً وحيداً، لكنه ذكي للغاية، وربما يعاني اضطرابًا نفسيًا، فيما وصفه البعض بـ quot;المهووسquot; وquot;الطالب الذي يدرس كثيراً ويعيش مع والدتهquot;.
وأشارت الشرطة إلى أن لانزا كان يرتدي ملابس سوداء، وتسلل إلى المدرسة عن طريق كسر إحدى النوافذ، متفادياً بذلك الحراس والأمن عند مدخل المدرسة. على الرغم من أن دافع لانزا ما زال غامضاً، قال أحد أقاربه إن والدته كانت في وقت من الأوقات تعمل كمساعدة في المدرسة.
وقالت جانيت روبنسون، مديرة المدرسة، إن المعلمين أنقذوا العديد من تلاميذهم. quot;وهناك الكثير من الأطفال على قيد الحياة اليوم بسبب تصرفات المعلمين الأبطالquot;. داون هوشسبرانغ، مسؤولة الفصل، وميريام شيرلاك، طبيبة النفس المقيمة، كانتا في طريقهما إلى الصفوف بعد اجتماع، فحاولتا التصدي للانزا.
وكانت هوشسبرانغ أول من ركضت نحوه لإيقافه، لكنه أطلق النار عليها، وأرداها قتيلة، فيما نجت المعلمة نتالي هاموند من الموت بإصابة لم تكن مميتة، فكانت الضحية الوحيدة التي نجت من المجزرة.
وقال أحد الأطفال إن معلمته فيكتوريا سوتو (27 عاماً) قتلت، وهي تحاول حماية تلاميذها، مشيراً إلى أنها خبأت الأطفال في الزاوية، وألصقت نافذة الغرفة بورقة بيضاء، لكن لانزا اقتحم الصف، فاستخدمت سوتو جسدها لحماية تلاميذها، وتوفيت في وابل من الرصاص، الذي اخترق جسدها، لكنها تمكنت من إنقاذ حياة بعض الأطفال على الأقل.
آن ماري ميرفي (52 عامًا) مدرسة التربية، حاولت أيضاً استخدام جسدها كدرع لحماية تلاميذها. وقال والدها إن الشرطة عثرت على جثتها في أحد الفصول، وهي تغطي مجموعة من الأطفال الذين لقوا حتفهم أيضاً. ماري روز كريستوبيك، معلمة موسيقى، خبأت 15 تلميذاً داخل خزانة، فيما كان لانزا يحاول تحطيم الباب للدخول إلى الصف. وقالت بريندا ليبينسكي، إن quot;معلمة ابنتي هي بطلتيquot; لأن ابنتي ما زالت حية بفضلها.
من جهته، قال رايان لانزا، من هوبوكين- نيو جيرسي، إن شقيقه آدم يعاني من التوحد واضطراب في الشخصية. أما والده بيتر لانزا، ويعمل مدير الضرائب لشركة جنرال إلكتريك، فيعيش في أحد الأحياء الثرية من ستامفورد في ولاية كونيتيكت، وتزوج في العام الماضي. وقال في بيان صدر يوم السبت: quot;عائلتنا تشعر بالحزن، وتقف جنباً إلى جنب مع جميع أولئك الذين تضرروا من هذه المأساة الهائلةquot;.
وأضاف: quot;لا يمكن للكلمات التعبير عن حزننا. نحن في حال من الذهول، ونحاول كل ما في وسعنا لنجد بعض الإجاباتquot;. ووصف زملاء الدراسة السابقون آدم بالعصبي والمتوتر، فقالت صديقته آليكس أسريل: quot;كان دائماً مختلفاً عنا، إنه كتوم، انطوائي وهادئ للغاية. لكن يمكن القول إنه تلميذ ذكي للغاية، لكنه خجول اجتماعياً. كنت أزوره في منزله، وكانت والدته لطيفة دائمًا معي. إنها أم نموذجية تشبه جميع النساء في الضواحيquot;.
وأضافت: quot;كان دائماً يمشي بسرعة، ويحمل حقيبته على ظهره. ورفض المشاركة في النشاطات المدرسية، حتى إنه رفض أن يضع صورته في الكتاب السنوي أو يعطينا صورة له وهو طفلquot;.
وقال بعض زملاء الدراسة السابقين إن آدم يعاني متلازمة اسبرجر، وهو ما يعتبر نوعًا شديدًا من مرض التوحد. حياة نانسي لانزا صارت محور اهتمام الشرطة، التي تحاول أن تعرف عنها المزيد قبل ليلة مقتلها، لتحديد دوافع لانزا وراء تنفيذ واحدة من أسوأ المجازر في تاريخ البلاد.
وكانت نانسي لانزا، مرت بتجربة طلاق في العام 2008، ووصفها الأصدقاء بأنها امرأة اجتماعية وكريمة، وتعطف حتى على الغرباء، لكنهم نظروا إليها على أنها شخصية متوترة وتعاني الكثير من الضغوط. عاشت نانسي في منزل كبير مع ابنها آدم، وكافحت لمساعدته على مواجهة اضطرابه، الذي أدى إلى انسحابه من الدراسة، وابتعاده عن أصدقائه وأقاربه وزملاء الدراسة السابقين.
وقال جيم ليف، وهو موسيقي، اعتاد الجلوس بجانبها في مقهى قريب في الشارع، إن نانسي كانت معطاءة ولطيفة، حتى إنها في يوم من الأيام سمعت أحد الأشخاص يطلب من صديقة إقراضه بعض المال، فعرضت عليه شيكاً.
وأضاف: quot;كانت في الواقع إنسانة دافئة ولطيفة، لكنها تبدو متوترة دائماً. والآن صرت أعرف السبب، إذ يبدو أنها كانت تكافح مع ابنها المضطربquot;.
التعليقات