تشيع في العراق اليوم ظاهرة سرقة السيارات الحديثة التي تحمل لوحات تابعة لإقليم كردستان، يسهل تهريبها ثانية إلى الإقليم، حيث تُهرّب وتُفكك لتُباع مجزأة. ويقف الأمن العراقي حتى الآن عاجزًا عن وضع حد لهذه الظاهرة.

بغداد: تشهد العاصمة بغداد وبقية مدن العراق ظاهرة سرقة السيارات الحديثة، التي تحمل لوحات أرقام المدن الشمالية كأربيل ودهوك والسليمانية، تسرقها عصابات مختصة في مثل هذه الاعمال. والمثير في هذه الظاهرة حدوثها في وضح النهار في مراكز المدن والشوارع الرئيسية، وليس بعيدًا عن مفارز الشرطة والنقاط الامنية.
ففي مدينة بابل، أُرغم المهندس احسان الكاظمي على ترك سيارته وإلا واجه الموت، حيث تركته العصابة المسلحة مستسلمًا لقدره بعد أن سرقت منه سيارته الحديثة، موديل 2012، وتحمل لوحة أربيل.
ويقول الكاظمي إن أفراد العصابة اقتربوا منه بهدوء وشهر أحدهم مسدسًا ليأمره بترك السيارة أو القتل. ويتابع: quot;حدثت الواقعة هذه في وقت الظهيرة حين كان الشارع يعجّ بالسيارات والمارةquot;.

لماذا كردستان؟

شهدت الايام الماضية سرقة عشرات السيارات في العاصمة كما في بقية المدن، القاسم المشترك بينها جميعًا أنها آتية من اقليم كردستان، ما يوحي بأن العصابات تفضل هذه السيارات لسببين: الاول أنها حديثة جدًا، والثاني أنها تحمل لوحات تسجيل محافظات الشمال، ما يجعل مرورها إلى اقليم كردستان أمرًا سهلًا، حيث يمكن بيعها أو تفكيكها في تلك المناطق.
سليم مطر، مهندس من كربلاء، يروي أن عصابة مكونة من رجلين وامرأة نجحت في ارغامه على تسليم سيارته الحديثة، التي تحمل لوحة تسجيل باسم محافظة دهوك، بعدما استدرجته إلى مكان شبه معزول.
ولم يكتفِ أفراد العصابة بسرقة السيارة بل اخذوا منه كل الاوراق الرسمية، ومن ضمنها رخصة القيادة والهوية الشخصية.
وعلى الرغم من مرور أشهر على الحادثة، إلا أن الشرطة لم تعثر على أي أثر يدل على العصابة والسيارة المسروقة. يقول مطر: quot;أفراد العصابة شهروا المسدسات بوجهي، وهددوني بالقتلquot;. يعتقد أن سارقي سيارته نقلوها إلى كردستان في شمال العراق، حيث يتم تفكيكها وبيعها مجزأة.
وتعرض جمعة دهام، من قضاء المحاويل التابع لمحافظة بابل، للضرب من قبل عصابة على الطريق بين حلة وبغداد، بعدما رفض التخلي أولًا عن سيارته، لكنه تركها تحت تهديد القتل. ويؤكد دهام أن ما يحدث أصبح ظاهرة معروفة، لا تنكرها الجهات الامنية، متحسرًا على سيارته الجديدة التي اشتراها في العام 2011 بمبلغ خمسة وعشرين ألف دولار.

حوادث متكررة

يؤكد عاصم الكلابي هذه الاحداث، وهو صاحب معرض لبيع السيارات، مشيرًا إلى أن أغلب مالكي السيارات الحديثة يتبادلون في ما بينهم قصص هذه الحوادث، مؤكدين وجوب الحذر من أي حالة غريبة تصادفهم في الطريق.
بلغ عدد السيارات الداخلة إلى العراق منذ العام 2003 أكثر من مليون ونصف مليون سيارة، بحسب مصادر مرورية، ما يوضح حجم الاستيراد الضخم الذي جرى بصورة اعتباطية منذ ذلك التاريخ، بحسب كريم حسن، الموظف بالشركة العامة للسيارات.
ويستورد الكثير من العراقيين ومالكي معارض بيع السيارات الحديثة منهامن اقليم كردستان، بسبب فرق الاسعار من ناحية، وانتشار الماركات الحديثة في الاقليم، إذ أصبحت أربيل السوق الاول في تجارة السيارات وقطع غيارها على مستوى العراق.
وفي هذا الصدد، يشير حسن إلى أن بعض تجار السيارات يدفعون العمولات لاكراد يقيمون في الاقليم، من أجل تسجيل السيارات بأسمائهم لمدة موقتة وإكمال اوراقها الرسمية. وتصل قيمة هذه المعاملات نحو 500 دولار للسيارة الواحدة.

ضعف الأمن

يشير ضابط الشرطة محمد طارق إلى أن الظاهرة مثيرة للقلق بالفعل، وقد رصدتها المفارز الامنية، موضحًا أن العصابات تنقل السيارات إلى اقليم كردستان حيث تباع هناك. وبحسب طارق، تشير الدلائل إلى أن افراد العصابات يستفيدون من اللوحات المرورية الخاصة بكردستان، ويعملون على تحريف وثيقة تسجيل السيارة السنوية الموقتة التي يسهل تزويرها.
وبسبب ظاهرة سرقة السيارات الحديثة، يعزف البعض عن اقتناء سيارات باهظة الثمن. وبحسب مصادر في شرطة النجدة في العاصمة بغداد، فإن الجهات الأمنية ضبطت مائة سيارة مسروقة خلال الأشهر القليلة الماضية.
ويرى ضابط الشرطة كريم العاقولي في جرأة العصابات على السرقة في مراكز المدن وفي وضح النهار تطورًا نوعيًا في عمليات السطو على الممتلكات، ودلالةً على ضعف القانون والرقابة الامنية.
ويدعو العاقولي إلى الحذر الشديد لحين تمكن الاجهزة الامنية من القبض على مرتكبي هذه الجرائم التي تحدث بشكل دوري، بعدما كشف مصدر أمني في بابل في العام 2011 اختفاء 45 سائق أجرة منذ بداية العام، وقعوا ضحية لعمليات غامضة تمارسها عصابات مسلحة.