حلم فلسطينيو مخيم اليرموك بالعودة إلى فلسطين، فهجرتهم الحرب السورية، وصار حلمهم أن يعودوا إلى بيوتهم المتواضعة والمتهالكة في المخيم الدمشقي، حيث لم تنجح المساعي بعد لتحييد كل المخيمات الفلسطينية عن الصراع في سوريا.
كان الفلسطينيون يحلمون بأن تقرع لهم أجراس العودة إلى ديارهم في فلسطين، لكن الحرب الدائرة منذ أيام في مخيم اليرموك جنوب العاصمة السورية دمشق حجمت هذا الحلم إلى أصغر، إلى العودة لهذا المخيم، بعدما اضطر ثلث القاطنين فيه إلى ترك بيوتهم والنزوح شرقًا شرقًا نحو الأردن وغربًا نحو لبنان، هربًا من قصف سلاح الجو السوري لمناطق واسعة من المخيم، سيطر عليها أفراد الجيش السوري الحر.
عائدون إلى اليرموك
ما زال مخيم اليرموك الدمشقي للاجئين الفلسطينيين ساحة للمعارك المتقطعة بين الحيش السوري النظامي وعناصر تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة الموالية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد من جهة والجيش السوري الحر وفلسطينيين منشقين عن الجبهة من جهة أخرى.
لكن هذه المعارك لم تثنِ الآلاف من اللاجئين الفلسطنيين عن العودة إلى المخيم اليوم الخميس، للاستقرار في منازلهم بدلًا من النوم في العراء تحت المطر، أو لإخراج متاعهم منها لاقتناعهم بأن الصراع طويل.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن أحد سكان المخيم قوله إن العائدين كانوا يرددون أغنيات ثورية فلسطينية، وعبارة quot;عائدون الى مخيم اليرموكquot;، وعن آخر تأكيده غياب مقاتلي الجيش السوري الحر، الذين كانوا متواجدين بالآلاف في المخيم، quot;وعدد قليل منهم موجود في بعض الازقة، يشرب الشاي ويدخن النرجيلة، لكنهم لن يغادروا قبل مغادرة الجيش النظاميquot;.
تحييد لم يتم
كانت أخبار سرت اليوم الخميس عن إمكانية التوصل إلى اتفاق لتحييد مخيم اليرموك والمخيمات الفلسطينية الأخرى في سوريا. وأفادت وكالة الانباء الفلسطينية (وفا) أن فصائل منظمة التحرير اتفقت مع طرفي النزاع السوري على اعتبار المخيمات الفلسطينية مناطق آمنة، بعد جهود بذلها الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتجنيب الفلسطينيين في سوريا ويلات الصراع السوري.
واوضحت وفا أن مبادرة فصائل المنظمة، وفي مقدمها فتح، تقضي بانسحاب الجيشين الحر والنظامي من المخيم، وتشكيل لجان مراقبة فلسطينية مدنية للحفاظ على الأمن فيه. إلا أن أنور رجا، المتحدث باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة نفى لوكالة الصحافة الفرنسية quot;حصول اي اتفاق مع المجموعات الارهابية المسلحةquot;، على حد قوله، مشيرًا إلى أن عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى المخيم كانت نتيجة قرار شعبي فلسطيني، لأن الناس تفضل الموت في المخيم على التشرد والتهجير.
أما الخارجية السورية، فقد ناشدت الامم المتحدة وامينها العام بان كي مون مطالبة الدول التي دعمت المجموعات الارهابية المسلحة وشجعتها على احتلال مخيم اليرموك بالخروج من المخيم فورًا، حفاظًا على حياة اللاجئين الفلسطينيين، ولمنع الدمار الذي تنشره هذه المجموعات أينما حلت. وأكدت التزام سوريا استضافة اللاجئين الفلسطينيين على ارضها ومعاملتهم كأبنائها.
لم يرد عليّ!
من جدة، كشف نبيل العربي، أمين عام الجامعة العربية، الخميس رفض النظام السوري التجاوب مع مساعيه بشأن تحييد مخيم اليرموك. وقال: quot;تلقيت اتصالًا من الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشأن الوضع المتأزم في مخيم اليرموك بدمشق، وقمنا بكل ما نستطيع من اتصالات، فمنذ تجميد عضوية سوريا في جامعة الدول العربية لم يكن هناك اتصالات كما يجب، وحاولت الاتصال بوزير الخارجية السوري وليد المعلم، وأقولها صراحة... لم يرد عليquot;.
ومن بيروت، أعلن النائب الاشتراكي أكرم شهيب، عضو جبهة النضال الوطني النيابية، أن quot;نظام الأسد الممانع يتولى مهمة تصفية القضية الفلسطينية عندما تعجز إسرائيل عن تصفيتها، فمع عصابات الاسد كل الوسائل متاحة لإستكمال مسلسل التصفياتquot;.
أضاف: quot;ما زالت عصابات الاسد تؤمن بأن بعض ملاحق الممانعة في لبنان قادرون على تكملة المهمة، فبالأمس انبرى وزير ممانع يؤمن بسوريا الكبرى ويطالب مع وزير الطاقة بإقفال الحدود أمام النازحين السوريين والفلسطينيين، وهذا الموقف يترافق مع موجة عنصرية ضد شعب يحتاج إلى الإغاثة والإحتضان بعد أن سلموا من اجرام نظام الأسدquot;.
مضياف.. ولكن!
ويأتي تصريح شهيب بعد تلاسن وزاري في جلسة مجلس الوزراء اللبناني الأخيرة الأربعاء، على خلفية دعوة الوزيرين علي قانصو وجبران باسيل إلى إقفال الحدود بوجه اللاجئين، وخصوصًا الفلسطينيين منهم، إذ عادت بعض الأصوات إلى نغمة الخوف من توطين الفلسطينيين.
ورفض عدنان منصور، وزير الخارجية اللبناني، هذا الرأي بتأكيده أنه quot;لا يجوز ترك الباب مفتوحًا، وعلينا وضع حد لحركة النزوح وضبط الحدود، كما فعل بعض دول الجوارquot;.
وكشفت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التابعة للامم المتحدة الاربعاء مغادرة نحو 100 ألف لاجىء فلسطيني مخيم اليرموك، أي ثلثي عدد الفلسطينيين المقيمين فيه، وصل منهم نحو أربعة آلاف إلى لبنان، ليضافوا إلى نحو 160 ألف لاجئ سوري وصلوا إلى لبنان منذ بداية الأزمة السورية، ما يضع لبنان تحت ضغط اقتصادي كبير، ويوسّع الهوة بين أطراف النزاع الداخلي البناني.
من جانبه، دعا وزير المهجرين علاء الدين ترو quot;لتحصين الظروف الحياتية للنازحين وتعزيز الإحتضان الرسمي والشعبي لهم، من خلال حملة ديبلوماسية لبنانية واسعة لتوفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة لهؤلاء النازحين، انسجامًا مع حس بالواجب الوطني والقومي وصونًا للساحة اللبنانية من أي تأثيرات سلبيةquot;، رافضًا أي إهمال أو تلكؤ أو أي تعامل فئوي على هذا الصعيد.
التعليقات