يؤكد معظم اللاجئين السوريين في دول الجوار أنهم يفضلون العيش في خيمة داخل بلادهم، وما يزيد شعورهم باليأس والإحباط هو احتمال البقاء لشتاء ثانٍ في مخيم للاجئين مع تلاشي الآمال للوصول إلى حل للأزمة السورية.


صعاب عديدة يواجهها الآن نصف مليون سوري يعيشون في مخيمات للاجئين بدول الجوار في ظل هذا المناخ الشتوي قارس البرودة، خاصة بالنسبة للأطفال الصغار في ظل تلاشي أي آمال متعلقة بإمكانية الوصول لأية حلول خاصة بالصراع الدائر في سوريا.

وهي الظروف التي تجعل من فصل الشتاء الحالي وقتًا أكثر قتامة وكآبة، في وقت تعتقد فيه الأمم المتحدة أن عدد اللاجئين الحالي قد يتضاعف بحلول منتصف العام القادم.

وسردت صحيفة واشنطن بوست الأميركية في مستهل تقرير لها بهذا الخصوص قصة أم سورية تدعى أم خالد قالت إنها تريد بيع بعض أنواع الطعام في سبيل شراء ملابس الشتاء لأبنائها الثمانية. ومضت تنقل عنها قولها وهي تتحدث عن حساباتها: quot;كنت أعتقد أن بمقدوري شراء أشياء كل شهر لطفل من الأطفال بتلك الطريقةquot;.

ثم أشارت الصحيفة إلى المشهد خارج المخيمات مع سقوط الأمطار بغزارة، وتحول الأرض إلى طين زلق، وعاودت لتنقل عن أم خالد التي تبلغ من العمر 32 عاماً وما زالت ترتدي العباءة الخفيفة الطويلة التي أتت بها إلى تركيا خلال الصيف الماضي، قولها quot;أنا لست مهتمة بنفسي، فكل ما أهتم به هو ما يحتاج إليه أطفاليquot;.

وبينما بدأت تسيء الأوضاع بداخل بعض المخيمات في سوريا، حيث يوجد نقص في الغذاء وعدم وجود للكهرباء، فإن كآبة الشتاء تبدو أكثر وضوحاً حتى في المخيمات التي تبدو أفضل، كذلك الموجود في يايلاداغي، حيث جهزت الحكومة التركية الأراضي المحيطة بمستودع تبغ سابق وزودته بوسائل راحة من المفترض أنها ستوفر سبل الحياة الأساسية لما يقرب من 2800 لاجئ سوري يتواجدون هناك.

وأوضحت الصحيفة أن هناك كهرباء بذلك المخيم، ويمتلك كثيرون هناك تلفزيونات تستقبل القنوات الفضائية، وهي أجهزة رخيصة اشتراها السكان من الأموال التي يتقاضونها نظير عملهم في دهان المنازل وجمع الزيتون في يايلاداغي، إلى جانب وجود عدد قليل من الغسالات الأوتوماتيكية. ومعلوم أن نصف سكان هذا المخيم من الأطفال.

ورغم تلبية معظم الاحتياجات الرئيسية بالنسبة لكثير من المتواجدين في مخيم يايلاداغي، إلا أن احتمالية البقاء لشتاء ثانٍ في مخيم للاجئين لهو أمر مثير للإحباط. وقالت سيدة تبلغ من العمر 55 عاماً quot; أتواجد طوال الوقت في الداخل (حيث تقيم بغرفتين مع زوجها وثلاثة صبية وزوجة أحدهم). ولا أخرج إلا إذا كنت متوجهة للطبيبquot;.

والجدير ذكره أن درجات الحرارة في يايلاداغي تنخفض عادةً لتصبح ما دون الصفر في ليالي الشتاء، فيما تُغطَّى الجبال القريبة من هناك بكميات كبيرة من الثلوج. ثم أشارت الصحيفة إلى أن الحكومة التركية تبذل جهوداً من جانبها في غضون ذلك من أجل تحسين الأوضاع في يايلاداغي، وهو الأمر الذي أكد عليه محمد غونيس المسؤول عن المخيم هناك.

وقال مروان سالم، وهو محامٍ سوري يقيم هناك ويبلغ من العمر 39 عاماً: quot;لقد فقد أبنائي حوالي عامين من حياتهم في ذلك المخيم. وأنا حزين بالفعل لأنهم يتعلمون بالمدارس هنا باللغة التركية وليس باللغة العربيةquot;.

وعاودت أم خالد في الأخير لتؤكد بقولها quot;أُفضِّل أن أعيش في خيمة داخل سوريا. فهي على الأقل بلادي. وقد فعل الأتراك أشياء كثيرة لنا. لكني أشعر بأني غريبة هناquot;.