عندما تبحث المعارضة السورية احتمالات اليوم التالي لسقوط نظام الرئيس بشار الأسد، فأنها تضع في حسبانها احتمال اندلاع حرب أهلية، وكذلك إمكانية سيطرة المتشددين على البلاد.

تحول التخطيط لليوم الذي سيعقب سقوط الرئيس السوري بشار الأسد إلى سباق مع الزمن يخشى كثير من أنصار نشر الديمقراطية والتعددية في سوريا من عدم الإعداد له بالشكل المطلوب.
ويعكف نشطاء المعارضة وأنصارهم في واشنطن واسطنبول وغيرهما من الأماكن في الوقت الراهن على وضع قواعد بيانات وخطط للبنية المؤقتة التي ستكون منوطة بإدارة شؤون البلاد إلى أن يتم الانتهاء إلى شيء يكون أكثر استدامة بهذا الصدد.
لكن حتى هؤلاء الذين يعملون على الخطط يشكون في أنهم سيساهمون بشيء أكثر من الاقتراحات في مرحلة ما بعد الأسد التي يتوقعون أن تتسم في أفضل الظروف بالفوضى والصراعات. كما يتوقعون نشوب حمام دم طائفي واحتمالية فرض الهيمنة من جانب المتشددين الذين يقاتلون مع القوى العسكرية الثورية في أسوأ الظروف.
ويعتقد كثير من الناشطين السوريين أن أميركا وأوروبا تسببتا في تفاقم التحديات عن طريق حظرهما التواصل مع المعارضة المسلحة في البلاد بينما لا يزال الأسد في السلطة.
ونقلت في هذا السياق صحيفة quot;واشنطن بوستquot; الأميركية عن رامي نخلة، المدير التنفيذي لمنظمة quot;اليوم التاليquot; و مقرها في اسطنبول والتي تقدم الدعم التقني لائتلاف المعارضة السورية المدعوم من جانب الولايات المتحدة، قوله :quot; ما نحتاج إليه بالفعل هو العمل مع أبرز القادة وأكثرهم اعتدالاً في الجيش السوري الحر لجعلهم قادة وطنيين ولتأسيس منظمة قوية لهم تحت قيادة سياسيةquot;.
وتابع نخلة حديثه بالقول إن فرض قيود ضد أي تواصل أو تفاعل مع المعارضة المسلحة يعتبر خطأً استراتيجياً كبيراً. فيما أشار آخرون إلى أن المساعدات الإنسانية الأميركية إلى سوريا، التي يتم تقديمها بشكل غير مباشر وبعيداً عن الأضواء إلى حد بعيد من خلال منظمات غير حكومية، لا تحظى بأي تأثير يذكر في الصراع وأن مساعدة إعادة البناء الضخمة المخطط لها في اليوم الذي سيعقب سقوط الأسد سوف تأتي متأخرة للغاية للفوز بقلوب وعقول المواطنين السوريين العاديين.
وقال توم مالينووسكي مدير منظمة هيومان رايتس ووتش في واشنطن quot;لا يفكر أحد في اليوم الذي سيعقب سقوط الأسد. بل يفكرون في اليوم وفيما إن كانوا سيعيشون حتى الغدquot;.
وتابع مالينووسكي حديثه بالقول quot; ويقول حتى هؤلاء الأشخاص ذوي الفكر العلماني الذين يعترفون بأن الجهاديين يشكلون تهديداً محتملاً لهم إنهم الأشخاص الوحيدون الذين ساعدونا وأنكم لم تساعدونا. وليس هناك الكثير من الوقت المتبقي لكي نظهر للسوريين أن الولايات المتحدة كانت معهم عندما كانوا في أمس حاجة لهاquot;.
واعترف مسؤولون أميركيون بأنهم يدركون مدى خطورة الموقف، في الوقت الذي بدأت تزيد فيه القوى العسكرية الثورية من إحكام قبضتها على المحافظات السورية وسط تصاعد في أعداد القتلى من المدنيين وفي ظل تزايد الحاجة للمساعدات الإنسانية.
فيما قال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية quot; لكن هناك أمور قانونية متعلقة بما هو أبعد من المساعدات الإنسانيةquot;. وأكد في الجزئية نفسها مسؤولون أميركيون أن تزويد الثوار بنفس نوعية المساعدات التنظيمية والتدريبية التي يتم منحها خارج سوريا للمعارضة السياسية هو أمر غير قانوني مثل تزويدهم بالأسلحة أو إرسال قوات.
ورغم إشارة الإدارة الأميركية إلى أنها ترى انه من الضروري بالنسبة للرئيس الأسد أن يرحل، إلا أن النطاق الذي تعمل من خلاله ما يزال محدوداً، من واقع الحقيقة التي تقول إن أميركا ليست في حالة حرب مع سوريا وليس لديها حق شرعي في الدفاع عن نفسها، وفقاً لما ذكره مسؤولون رفضوا الكشف عن هوياتهم.
ومضت الصحيفة تقول إنه غير من المحتمل أن تتم العميلة الانتقالية السياسية في البلاد بسلام وبهدوء. ونقلت عن ستيفن هيديمان المسؤول عن مشروع توجيه سوريا صوب مستقبل ديمقراطي من جانب معهد السلام الأميركي الذي يتم تمويله من جانب الكونغرس قوله :quot; إذا افترضنا أن النظام سينهار عما قريب، فعلينا أن نعترف بأننا سنشهد مرحلة من التنافس السياسي المحتدم التي ستحظى فيها الأطراف العاملة على الأرض ممن نجحت في تكوين مصداقية بميزة كبرى. وسيقوم القادة العسكريون في كثير من الحالات بتأكيد سلطتهم، ولو مؤقتاً على الأقلquot;.
وأعقبت الصحيفة بتأكيدها أن ما يثير قلق رامي نخلة وآخرين هو أن طريقة رفع اليد التي تنتهجها الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون ربما تؤكد النتيجة الفوضوية التي يقولون إنهم يسعون لتفاديها. وتكهن نخلة في هذا الإطار بأن تقوم العناصر المسلحة القوية، بمن فيهم المتطرفين، بالبحث عن عدو جديد لاستعادة قوتها بعد النجاح في القضاء على الأسد. وختمت الصحيفة بنقلها عن فريدريك هوف، الذي عمل كمستشار خاص لدى وزارة الخارجية في الفترة الانتقالية بسوريا حتى أيلول/ سبتمبر الماضي ويعمل الآن كزميل بارز لدى المعهد الأطلسي، قوله إنه يتعين على إدارة أوباما أن تستعد لرحلة وعرة في سوريا بمرحلة ما بعد الأسد.