في وقت كشف فيه الانهيار السريع للبعثة الدبلوماسية الأميركية في ليبيا عن المخاطر التي تتعرّض لها منشآت وزارة الخارجية في الخارج، فقد قدمت قدرة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية quot;سي آي إيهquot; على درء هجوم ثانٍ في الليلة نفسها، لمحة عن عنصر أساسي في ترسانة الوكالة الدفاعية: وهو المتعلق بقوة أمنية سرّية تم تكوينها في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر عام 2011.


أشرف أبوجلالة من القاهرة: تبين أن اثنين من الأفراد الأميركيين الذين قتلوا في بنغازي كانا عضوين في هيئة الاستجابة العالمية التابعة للسي آي إيه، التي تجنِّد المئات من العملاء السابقين في القوات الخاصة الأميركية، للعمل كحرس مسلّح للعملاء النشطين في الوكالة.

هذا وقد تم إنشاء تلك الهيئة، التي تعرف اختصاراً بـ quot;GRSquot;، لكي تبقى في الظل، ولكي تقوم بتدريب الأطقم للعمل بصورة سرية، وتوفير ناحية أمنية غير مزعجة لضباط quot;السي آي إيهquot; في المناصب والأماكن، التي عادةً ما تكون محفوفة بالمخاطر المتزايدة.

غير أن سلسلة من الحوادث المميتة، التي وقعت على مدار الأعوام الأربعة الماضية، قد كشفت عن حقيقة تنامي الدور الذي تقوم به تلك الهيئة، وكذلك وضعيتها الناشئة، باعتبارها واحدة من الجهات التي تكون منوطة بتنفيذ مهام الوكالة الأكثر خطورة.

وأفادت في هذا الصدد صحيفة واشنطن بوست الأميركية بأن من بين الـ 14 موظفاً الذين كانوا يعملون في السي آي إيه ولقوا حتفهم منذ عام 2009، كان هناك 5 يعملون في تلك الهيئة، جميعهم مقاولون. ومن بينهم اثنان لقيا حتفيهما في بنغازي، وثلاثة آخرين لقوا حتفهم في نهاية العام 2009، حين قام عميل أردني مزدوج بتفجير قنبلة عند مجمع تابع لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في خوست في أفغانستان.

مضت الصحيفة تقول إن الدور متزايد الوضوح الذي تقوم به الهيئة هو جزء من توسع أكبر في النطاق للقدرات شبه العسكرية للسي آي إيه خلال السنوات العشر الماضية.

بخلاف استعانتها بأفراد سابقين في القوات العسكرية الأميركية، فقد سبق للهيئة أن تعاونت مع أطقم العمليات الخاصة الأميركية في مهام، من بينها الغارة التي أسفرت عن تصفية زعيم تنظيم القاعدة السابق، أسامة بن لادن، وكذلك الغارات التي تم شنها بالطائرات الآلية، وأسفرت عن مقتل الآلاف من المدنيين، وكذلك المسلحين الإسلاميين.

وأكد مسؤولو السي آي إيه الكبار أن أطقم الهيئة باتت تشكل عنصراً رئيسًا لعمليات التجسس التقليدية، وتعني بتوفير الحماية للضباط، الذين يكونون منوطين بتنفيذ مهام ذات صلة بمكافحة الإرهاب وتكون محفوفة بالمخاطر. ومن المعروف أن أنشطة التجسس تتطلب في بعض الأحيان التسلل بمفردهم إلى داخل مدن في شرق أوروبا.

ثم نوهت الصحيفة بإقدام السي آي إيه على تطوير برامجها الخاصة بالتدريب في أكاديمية الضباط في ساوثيرن فيرجينيا لتعليم الجواسيس أساسيات العمل مع أطقم الهيئة.

وأوضح مسؤولون استخباراتيون أميركيون سابقون وحاليون أنه يوجد في هيئة الاستجابة العالمية التابعة للسي آي إيه ما يقرب من 125 موظفاً يعملون في الخارج في أي وقت، وأن ما لا يقلّ عن نصفهم من المقاولين، الذين يتقاضون غالباً 140 ألف دولار أو أكثر سنوياً، وينفذون مهمات في الخارج طوال مدة تقدر بـ 90 أو 120 يوماً.

وقال مسؤول استخباراتي أميركي سابق إن تلك النوعية من العمل تستهوي كثيرين، لدرجة إنهم يوافقون على القيام بذلك الأمر بمجرد أن يتم الاتفاق معهم شفهياً. ويتسم معظم المنضمين إلى الهيئة ببعض المهارات، لاسيما بشأن التعامل مع الأسلحة، التي يقومون بحملها، والتي يكون من بينها مسدسات غلوك وكذلك بنادق إم 4.

ومع أن السي آي إيه قام بإنشاء الهيئة بغية حماية الضباط في مناطق الحروب، مثل العراق وأفغانستان، إلا أن نطاق عملها قد تطور لينطوي على توفير الحماية لقواعد الطائرات الآلية السرية ومقار وضباط السي آي إيه في أماكن، منها اليمن ولبنان وجيبوتي.

وتابع هنا مسؤول استخباراتي أميركي سابق بقوله: quot;ولا يتعلم أفراد الهيئة لغات أخرى، ولا يقابلون مواطنين أجانب، ولا يتم تكليفهم بكتابة أو إعداد تقارير استخباراتيةquot;.

عاودت الصحيفة لتتحدث عن هجوم بنغازي بقولها إن طاقماً تابعاً لهيئة GRS بادر بالذهاب إلى مبنى محترق تابع للخارجية الأميركية، في محاولة لإنقاذ الدبلوماسيين الأميركيين، ثم قام بنقل الناجين إلى مقر قريب تابع للسي آي إيه، تعرّض هو الآخر لهجوم.

وتم قتل اثنين من مقاولي الهيئة بعدما أخذا مواقع فوق سطح ذلك المكان، وذلك إثر تعرّضهما لهجوم بقذائف مورتر. وكان يدعى أحدهما غلين دوهيرتي، وهو مقاول تابع للهيئة، كان يقوم بثاني مهمة للسي آي إيه في ليبيا، بعدما خدم في حوالي 10 أماكن أخرى، منها مكسيكو سيتي، وفقاً لشقيقته كاثلين كويغلي، التي أبدت حزنها الشديد لرحيل شقيقها في مهمة كهذه، وهو مثقل بديون كثيرة. ووسط هذا كله، رفض مسؤولو وكالة الاستخبارات المركزية أن يعلقوا بأي شيء.