مواجهة ساخنة بين الجبهة الإسلامية والديمقراطية في الجزائر

تسعىغالبية التشكيلات السياسية ذات التوجه الإسلامي في الجزائر إلى تشكيل تحالف إسلامي من أجل الفوز في الانتخابات التشريعية المقبلة، فيما اعتبر المعسكر المبادرة بـ laquo;الخطر الذي يحدق بالجزائرraquo;، وطالب الأحزاب ذات التوجه الديمقراطي والوطني إلى ضرورة مجابهة هذا laquo;الخطرraquo;.


الجزائر: تسعى مختلف التشكيلات السياسية ذات التوجّه الإسلامي في الجزائر، إلى محاولة الاستفادة من الربيع العربي، بتشكيل تحالف إسلامي من أجل الفوز في الانتخابات التشريعية، المقرر إجراؤها شهر أيار (مايو) المقبل، على غرار ما حدث في تونس ومصر والمغرب، يأتي هذا بعدما أطلقت في وقت سابق نحو 168 شخصية من التيار الإسلامي مبادرة في هذا الاتجاه.

وحسب وثيقة صادرة وتحمل توقيع شخصيات إسلامية محسوبة على التيار الإخواني والسلفي بمختلف أطيافه، فإن سبب إقدامهم على هذه الخطوة، التي توصف بأنها الأولى من نوعها في هذا السياق، هو quot;الأوضاع السياسية التي تشهدها الجزائر في ظل ما أسمته بـquot;الفشل المتكرر للسلطةفي إدارة شؤون البلادquot;.

هذه السياسة جعلت quot;المواطن الجزائري يفقد جزءًا مهمًا من كرامته الإنسانية، رغم أنفهquot; حسب الوثيقة، وقد وصفت الوثيقة الوضع السياسي الحالي في الجزائر بـquot;التصحرquot;، نتيجة ما وصفته بـquot;الاستبداد السياسي وسياسة الانفراد بالحكم تحت مسميات مختلفةquot;.

يعزو واضعو الوثيقة حالة الترهل السياسي هذه إلى quot;الضعف الكبير الذي أصبحت عليه الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، بسبب الانقسامات والتشرذم السياسيquot;، وتضيف الوثيقة أن quot;هذه الأحزاب والمنظمات أصبحت عاجزة عن تحريك الجماهير الشعبية، التي فقدت الثقة في عملية التغييرquot;.

ورأى معدّو الوثيقة أن quot;الهبة العربية، التي برزت في جزء مهم من العالم العربي قد تساهم بشكل ايجابي في بعث الأمل في نفوس الجزائريين عامة، وأصحاب الفكر الإسلامي بوجه خاص، من أجل إحداث التغيير الإيجابي في المشهد السياسي، إذا ما توافرت الظروف والمناخ العام لإجراء انتخابات شفافة حرة ونزيهةquot;.

أمام هذا الوضع، دعت هذه الشخصيات في بيانها إلى quot;تحالف انتخابي يضم كل تشكيلات هذا التيار الإسلامي أو غالبيتها على الأقل، بحيث يستطيع أن يحمل رسالة واضحة للشعب الجزائري عامة، ولأنصار ومحبي التيار الإسلامي خاصة، مفادها أن هذه الأحزاب مستعدة وقادرة على تقديم المصلحة العليا على المصالح الحزبية الضيقة وأنه قد آن الأوان لذلك، وأنه يمكن تحقيق ذلك عبر دخول الانتخابات التشريعية المقبلة بقائمة موحدة، تضم مختلف الأحزاب والتنظيمات، بحيث تتصدرها القيادات والإطارات الكفؤة والنزيهة والقادرة على رفع التحدي خدمة للشعب وتجسيدًا لتطلعاتهquot;.

عن المبادرة، يتحدث جرافة عز الدين أحد مؤسسي رابطة الدعوة الإسلامية لـquot;إيلافquot; قائلاً quot;إن الإجماع حول هذه الفكرة لم يتحقق بعد، هناك من هو مقتنع بالفكرة، وآخر متحفظquot;.

وأشار جرافة إلى أن quot;هناك أربعة أحزاب، من المتوقع أن تنخرط في هذا المسعى، ويتعلق الأمر بحركة مجتمع السلم وحركة النهضة وحركة الإصلاح الوطني، إلى جانب حركة الدعوة والتغيير قيد التأسيس برئاسة عبد مناصرةquot;، ويسعى جرافة إلى لمّ شمل رؤساء هذه الأحزاب خلال الفترة المقبلة، من خلال quot;لقاء قمة سيتم تحديد موعده بعد إنهاء المرحلة الأولى من مجموع خمس مراحل، يتضمنها مخطط الفكرة أو المشروعquot;.

يراهن أصحاب المبادرة على لسان منسقها quot;على الفوز بالغالبية خلال التشريعيات المقبلةquot;، من خلال quot;جلب صوت الناخب الإسلاميquot;. وذكر جرافة أن quot;كل من العالم الطاهر آيت علجت والرئيس السابق أحمد بن بلة باركا المبادرة، لكن الأول اعتذر عن الانضمام، ودعا العلماء إلى عدم التحزب وممارسة النشاط السياسي، في حين يعاني الزعيم التاريخي أحمد بن بلة المرض، لكنه أوصى، حسب جرافة، بعض المقربين إليه بالانضمام إلى هذه المبادرةquot;.

الأمر نفسه يتعلق بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، التي رفضت على لسان رئيسها عبد الرزاق قسوم ما تناقلته بعض وسائل الإعلام حول انضمام جمعيته إلى هذه المبادرة، مؤكدًا في الوقت نفسه على أن quot;جمعية العلماء بعيدة كل البعد عن المنافسة الحزبيةquot;، لكنه في المقابل quot;يثمّن كل جهد وطني وعمل يهدف إلى ترقية الثقافة السياسية وتنمية التعاطي السياسي والاجتماعيquot;.

وشدد قسوم على هذا التوجه قائلاً quot;جمعية العلماء ليست مع أحد، ولا ضد أحد، ولا بديلاً من أحدضمن التوجيهات والحساسيات السياسية والثقافيةquot;.

وعن موقفهم تجاه هذه الدعوة، أكد القيادي البارز في حركة الدعوة والتغيير المنشقة عن حركة مجتمع السلم عبد المجيد مناصرة، عقد لقاء مع أصحاب المبادرة. وأضاف quot;الفكرة الآن هي محل نقاش بين مختلف الأطراف المعنيةquot;، ودعا بالمناسبة إلى عدم التسرع، لأن quot;الكثير ممّن وجّهت إليهم الدعوة طلبوا فترة من أجل التفكيرquot;.

من جانبه يعتبر عبد الله جاب الله الرئيس السابق لحركتي النهضة والإصلاح ورئيس حزب جديد ينتظر اعتماد وزارة الداخلية تحت مسمّى quot;جبهة العدالة و التنميةquot; يعتبر نفسه غير معني بها، في تصريحات صحافية سابقة، وأكثر من ذلك وصف هذه المبادرة بـquot;الحلمquot; أو quot;الأمنية التي تراود البعضquot;.

وأضاف جاب الله quot;الإسلاميون سيفوزون بأي انتخابات يشاركون فيهاquot;، لكن الإشكال يتعلق، حسب جاب الله، بـquot;التزوير الذي يسلب هؤلاء، مثلما حدث في مواعيد انتخابية سابقة، سواء في سنة 1991 أو 1995 وأخيرًا 2002quot;. لكن رغم هذا، يؤكد جاب الله واثقًا من فوز التيار الإسلامي في انتخابات أيار (مايو) المقبل، لكن ليس بالغالبية المطلقة.

أما حركة النهضة فقد أبدت على لسان أمينها العام فاتح ربيعي quot;استعداده للانخراط في هذا المسعىquot;، وأبدى موافقته المبدئية على عقد لقاء قمة، وأضاف أنه quot;في حال تحققت الفكرة، فإن ذلك سيكون مكسبًا مهمًا للبلاد وللمواطن الجزائريquot;.

من جانبه كشف كمال ميزة الناطق الرسمي باسم حركة مجتمع السلم عن استقبال حركته لوفد من المبادرة، وأشار إلى أن quot;قيادة الحزب عبّرت عن رغبتها في المشاركة في اللقاءquot;، مؤكدًا في الوقت عينه أن quot;حركة مجتمع السلم لا يمكنها أن ترفض أية فرصة للتشاورquot;.

وفي المعسكر الديمقراطي، وصف عبد العزيز بلعيد أمين عام quot;جبهة المستقبلquot; مبادرة الإسلاميين بـquot;الخطر الذي يحدق بالجزائرquot;، وطالب الأحزاب ذات التوجه الديمقراطي والوطني بضرورة وقف ما وصفه بـ quot;الخطر الآتيquot;.

يبرر بلعيد خطابه هذا بحديثه عن التجربة السياسية للجـزائر خلال بداية التسعينيات بعد فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الانتخابات quot;دخلت الجزائر في دوامة من العنف لاتزال آثارها إلى اليومquot;، ويضيف بلعيد أنه يملك مشروع quot;تحـالفquot; سيتم الكشف عنه في حينه، هذا المشروع يأتي في سياق حملة مضادة للأحزاب الإسلامية.

في سياق متصل، دعا القيادي السابق في حـزب التجمع من أجـل الثقافـة والديمقراطية ورئيس حزب الاتحاد الديمقـراطي الجمهوري (قيد التأسيس) عمـارة بن يونس إلى تشكيل تحالف انتخابي بين العلمانيين والقوميين لمواجهة المدّ الإسلامي، ومنعه من الفوز في انتخابات أيار (مايو) المقبل.

وأبدى بن يونس، الذي شغل في وقت سابق منصب وزير الصحة، quot;استعداد حزبه لمناقشة فكرة إنشاء قوائم مشتركة لوضع حاجز أمام تكتل الإسلاميين المحتملquot;. وأكد بن يونس وجود quot;حملة تضليل للجزائريين، من خلال الدعاية المسبقة بفوز الإسلاميين في التشريعيات المقبلةquot;، داعيًا إلى التصويت بقوة quot;لقطع الطريق أمام الإسلاميينquot;، معتبرًا أن quot;المشاركة القوية ضمان لفوز الديمقراطيين والوطنيينquot;.