بغداد: تشهد أسواق العراق ألعاباً يسميها البعض إسلامية، منها الفتيات المحجبات، ومسجلات صغيرة تقرأ القرآن، وسجادات صلاة للأطفال وللدمى أيضا، إضافة الى دمى تجسد رموزاً إسلامية مثل صلاح الدين الأيوبي وخالد بن الوليد إضافة إلى سيف (ذو الفقار) حيث تعرض هذه الألعاب جنبا إلى جنب مع ألعاب تقلد الأسلحة النارية والبيضاء.

وبينما ترى الأسر راحة نفسية في توفر الألعاب (الإسلامية) فأنها في ذات الوقت تقلق من الانتشار الكثير لمجسمات أسلحة بمختلف الأنواع. ويقول سعيد الجبوري، صاحب متجر لبيع أطفال الألعاب في الكاظمية في بغداد أن صغيرات العراق يبدين حرصا على شراء دمى البنات بالزي الإسلامي ومنه الحجاب.

الدمية فلة بالحجاب

واشترت لمياء حسين (9 سنوات) الدمية (فلة) المرتدية للحجاب والزى الإسلامي ومعها سجادة صلاتها. وعلى رغم ان متجر الجبوري يتوفر على اللعبة (باربي) والدمى بالزي الغربي، فان الإقبال أصبح قليلا عليها في ظل انتشار مظاهر التدين في المجتمع. ويشير الجبوري الى الإعلانات الكثيرة للدمية (فلة) وهي عبارة عن دمية لفتاة مسلمة (ملتزمة).

وتنتشر فلة في كردستان في شمال العراق مثلما في مدن الوسط والجنوب. لكن هناك دمية اخرى تنافس (فلة) وهي الدمية (فاطمة) التي ابتُكرت في إيران وهي نموذج آخر لفتاة مسلمة ملتزمة، ترتدي حجابا إسلاميا يختلف عن حجاب فلة.

وبينما ترتدي فلة حجابا هو الأقرب الى الحجاب التركي، فان فاطمة ذات حجاب مقلد للطريقة الإيرانية. وعلى رغم إقبال الكثير على الدمى الإسلامية، فان هناك من يرى ان الدمى في الأساس حرام ويتوجب عدم إدخالها للبيوت.

وتؤكد ام حيدر ذلك بالقول: ان الدمى تقليد للخلق الإلهي وغالبا ما يتقمص الشيطان هيئتها ولهذا حرمها الله بحسب ما سمعته من رجال دين. والدميتان فاطمة وباربي، يشبهان باربي، لكن ملامحهما شرقية بزي اسلامي. و صُنعِت (فلة ) بحجاب أبيض و خمار واسع للصلاة، في حين تتوفر الدمية (فاطمة) بعباءتها السوداء وسجادتها. اما الفتى حيدر فقد اشترى راديو، يسمعك صوت الأذان في أوقاته.

الألعاب والمنشورات الإسلامية

وفي مدينة السليمانية (330 كم شمالي بغداد) يبيع حسام الياسري قصص أطفال مصورة تروي واقعة الطف وحكاية ظهور الإسلام. ويقول الياسري : أن الألعاب والمنشورات الإسلامية هي الرائجة اليوم، ونحن نبيع الكثير من الألعاب والمستلزمات التي تحتوي في معانيها على قيم الإسلام.

وفي مدينة كربلاء (108 كم جنوب غربي بغداد) يبيع محمد الخفاجي في متجره الزاخر بأنواع الألعاب قلائد تحمل اسم الإمام الحسين، إضافة الى تقليد سيف الإمام علي، الخليفة الرابع للمسلمين. ويقول الخفاجي ان هذه السلع مرغوبة من قبل الأطفال والفتيان. كما تنتشر في المتاجر أيضا ألعاب بشكل سيف (ذو الفقار) حيث خطت عليها عبارات دينية.

وبحسب الباحث الاجتماعي ليث الخزاعي فان انتشار الألعاب الإسلامية هو جزء من الاتجاه المحافظ العام في المجتمع حيث يحرص الجميع على تنشئة أطفاله النشأة الإسلامية. ويتابع : على رغم ان هذه الألعاب تنتشر لكن هذا لا يعني انها هي الطاغية في السوق بل على العكس منذ ذلك فان الألعاب بأسلوبها الغربي واغلبها مصنوع في الصين مازالت هي الأكثر انتشارا.

الغزو الثقافي الغربي

ويعتبر رجل الدين حيدر الياسري ان انتشار الدمى الإسلامية هو دليل على فشل الغزو الثقافي الغربي للمجتمعات الإسلامية. ويضيف : ان الألعاب المرتبطة بقيم وتاريخ الإسلام تقدم تنشئة صحيحة لأطفال يختزنون صور الحرب والقتل والمعارك حيث انعكس ذلك على شخصيتهم وطريقة تفكيرهم.

ويتابع : باربي وغيرها، عبارة عن دمى تحث على التحرر غير المنضبط وتشجع على الانفلات الأخلاقي. لكن ألعابا غربية أخرى مازالت محط أنظار الفتيان والأطفال مثل quot;سبايدرمانquot; وquot;باتمانquot; و سلسلة ألعاب quot;هاري بوترquot;.

وكان الشركات الصينية أنزلت الى أسواق سوريا والأردن والعراق ودول خليجية وإيران الدمية (سارة) المتحجبة، لكنها لم تنل شهرة وجذبا للفتيات مثل باربي و فلة وفاطمة. الجدير بالذكر أن شركة أميركية طرحت نسخة متحجبة عن باربي سمتها quot;رزانquot; حيث انتشرت بين المسلمين في الولايات المتحدة وبريطانيا. ويقول التاجر كامل حسين انه استورد أعدادا كبيرة من الدمية المتحجبة quot;سلمىquot; من جاكرتا، ويأمل حسين ان تنال إعجاب أطفال العراق وأسرهم.

صلاح الدين الايوبي وخالد بن الوليد

ويتابع حسين: تتوفر السوق العراقي اليوم على الكثير من الألعاب المستوحاة في إشكالها وتصاميمها من الثقافة العربية والاسلامية. ويتابع : بدلا من سوبرمان و باتمان، هناك ألعاب بهيئة أبطال عرب ومسلمين مثل صلاح الدين الأيوبي وخالد بن الوليد، وهي تنال إقبالا من قبل الأطفال والفتيان. وتحث لمياء الهاشمي (مدرسة وباحثة تربوية) على إبعاد أطفال عن الألعاب الغربية، و ألعاب العنف والأفلام التي تضعف القيم الاجتماعية.

وتتابع : بعض ألعاب العنف أدت الى إقبال الأبناء على اقتناء الأسلحة التي تنطلق منها رصاصات بلاستيكية، أو أشعة ليزرية، في محاولة لتجسيد الحرب الحقيقية قدر المستطاع. وبحسب إحصائية لوزارة الصحة العراقية فإن نحو 300 طفل أصيب بالعمى التام عام 2009 بسبب التسديد المباشر للعين عبر أسلحة يقتنيها أطفال.

وكانت الجهات العراقية المعنية بينها وزارة التجارة أقرت في أيار (مايو) عام 2011 ضوابط بشأن استيراد ألعاب الأطفال المحرضة على العنف والمسببة للأذى الجسدي والنفسي ومنها المفرقعات الصوتية والألعاب النارية وكذلك الألعاب التي تحتوي على الليزر.