إعداد عبد الإله مجيد: تبدو المصادفة مستبعدة في المحاولتين الفاشلتين لاغتيال دبلوماسيين إسرائيليين في الهند وجورجيا يوم الاثنين، عندما أُصيبت زوجة الملحق العسكري الإسرائيلي في نيودلهي بجروح طفيفة إثر انفجار عبوة أُلصقت بسيارتها، فيما عُثر على عبوة أُلصقت بسيارة دبلوماسي إسرائيلي في تبليسي قبل انفجارها.

بنيامين نتنياهو

وسارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى اتهام إيران وحزب الله اللبناني بالمسؤولية عن الهجومين. ويرى مراقبون أن هذا جائز، ولكن من المتعذر الكلام بمثل هذه الثقة فور وقوع الهجمات.

وهناك أسباب للاشتباه في كل من إيران وحزب الله. فالهجومان وقعا بعد يوم على الذكرى الرابعة لاغتيال القيادي في حزب الله عماد مغنية في دمشق.

وكانت الأرجنتين أصدرت مذكرة اتهام ضد مغنية بالارتباط مع هجمات أوقعت ضحايا على بعثات إسرائيلية في بوينس إيرس إبان التسعينات. وقُتل مغنية بعبوة ناسفة زُرعت في سيارته. واتهم حزب الله إسرائيل باغتياله، وتعهد بالانتقام.

إيران أيضًا لديها سبب لتوجيه ضربة إلى إسرائيل. إذ اتهم مسؤولون في طهران إسرائيل بالمسؤولية عن موجة اغتيالات استهدفت مسؤولين عسكريين ومدنيين يعملون في برنامجها النووي، وتوعدت هي أيضًا بالرد. ورفضت إسرائيل أن تؤكد أو تنفي علاقتها بهذه الاعتداءات. وفي الأسبوع الماضي نقلت شبكة إن بي سي التلفزيونية الأميركية عن مسؤول أميركي، لم تذكر اسمه، إن إسرائيل تقوم بتمويل وتسليح منظمة مجاهدي خلق المعارضة، التي أدرجتها وزارة الخارجية الأميركية على قائمة المنظمات الإرهابية، لتنفيذ عمليات اغتيال كهذه.

وإذا كانت هذه أسباب وجيهة لتكون إيران أو حزب الله موضع شبهة في هجمات يوم الاثنين، فمن المعروف للقاصي والداني أن إسرائيل مكروهة عند طائفة كاملة من الجماعات المسلحة الأخرى، التي تناصب إيران وحزب الله العداء. ولم يُقدَّم أي دليل يؤكد اتهام إيران وحزب الله بالمسؤولية.

تأتي هذه الأحداث على إيقاع طبول الحرب مع إيران بسبب برنامجها النووي. ومما لا شك فيه أن الهجومين سيوظَّفان في الأيام المقبلة لدعم وجهة النظر القائلة إن إيران عدو لدود، لا يمكن التفاهم معه بالعقل، وإن المطلوب خطوات أقوى من العقوبات لثنيها عن طموحاتها النووية، كما أفادت صحيفة كريستيان ساينس مونتر.

وتوصلت الاستخبارات الأميركية إلى خلاصة لا يتفق معها الكثير من السياسيين الإسرائيليين والأميركيين، مؤداها عدم وجود دليل على عمل يتعلق بإنتاج سلاح نووي في إيران.

وقد تكون الحقيقة بشأن هجمات يوم الاثنين في مكان آخر، وتبقى كل الاحتمالات واردة إلى أن تظهر أدلة دامغة على الجهة المسؤولة. وكثيرًا ما تستحضر إسرائيل بيانات اتهام جاهزة في ما يحدث من هجمات إرهابية.

فبعد عملية إيلات في آب/أغسطس الماضي، حين نُفذ هجوم على المدينة الإسرائيلية عبر الحدود المصرية، لم تتردد إسرائيل لحظة في اتهام حركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة. وأعقبت ذلك على الفور غارات جوية استهدفت عناصر حماس في القطاع. وقال مسؤولون إسرائيليون في حينه أن مسلحين من حماس عبروا إلى شبه جزيرة سيناء في مصر عن طريق الأنفاق، ومن سيناء وصلوا إلى إيلات. ولكن بعد شهر أعلن الجيش الإسرائيلي بعد تحليل الأحداث أن جميع منفذي الهجوم مواطنون مصريون.

وفي حالة اعتداءات الاثنين في نيودلهي وتبليسي يبدو منطقيًا أن توجّه إسرائيل أصابع الاتهام إلى إيران وحزب الله، مثلما كان منطقيًا إلى حد ما أن توجّه أصابع الاتهام إلى حماس بعد عملية إيلات، كما تلاحظ صحيفة كريستيان ساينس مونتر.