حالها كحال المجتمع الدولي، تواجه وسائل الإعلام تحديات كبيرة فيما يتعلق بنقل التطورات فيفي سوريا، فهي أما تغامر بإرسال مندوبيها إلى هناك وتعرض حياتهم للخطر أو تبقى على الهامش وتحاول الحصول على الخبر بشكل غير مباشر.


جاءت الحوادث التي راح ضحيتها مؤخراً في سوريا الصحافية الأميركية، ماري كولفن، والمصور الفرنسي، ريمي أوشليك، ومن قبلهما مراسل صحيفة النيويورك تايمز الأميركية، أنطوني شديد، إثر تعرضه لأزمة ربو حادة، لتبين أن ارتفاع مستوى المخاطر في سوريا وضع وسائل الإعلام في مأزق حقيقي فيما يتعلق بتغطية الأحداث.

وقالت في معرض حديث لها ضمن هذا السياق صحيفة واشنطن بوست الأميركية إن تطورات الأوضاع بهذا الشكل وضعت المنافذ الإعلامية في موقف لا تحسد عليه تماماً، حيث باتت أمام خيارين لا ثالث لهما هما إما أن ترسل صحافيين لمناطق الحرب المحفوفة بالمخاطر أو أن تبقى على الهامش وتحاول الحصول على الخبر بشكل غير مباشر.

ونقل عن توم ناغورسكي، مدير تحرير قسم الأخبار الدولية بمحطة إيه بي سي الإخبارية الأميركية، قوله: quot;كما كانت حالتي وفاة ماري كولفن وريمي أوشليك مأساويتين، فقد كنا نجري تلك النوعية من المحادثات الصعبة داخل غرفة الأخبار هذه على مدار أشهرquot;.

وتابع توم: quot;وكان جزءً مهماً من الحسبة هو معرفة ما يمكن أن يتمخض عما يدور من أحداث في البلاد للمشاهدين. ونحن حريصون للغاية لتقييم ما الذي سنضيفه للتغطية الصحافية من خلال القول إننا متواجدون بداخل سوريا. أي تقييم جديد بمعنى الكلمة في كل صباح ومساء تقريباًquot;.

ومن الجدير ذكره أن مقدمة البرامج بمحطة إيه بي سي، باربرا والترز، قد أجرت مقابلة في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، مع الرئيس السوري بشار الأسد، وقد قامت المحطة بإجراء بعض التغطيات الإخبارية على أرض الواقع بعد إجراء المقابلة. لكن المهمة، كما أشار توم، كانت quot;معقدةquot;. ورغم الضمانات الشخصية التي قدمها الأسد لطاقم المحطة الإخبارية فيما يتعلق بإمكانية تجولهم بالبلاد بحرية، إلا أن الصحافيين واجهوا بالفعل واقعاً مختلفاً على أرض الواقع عكس ما كانوا يتصورون.

وتابع أحد أفراد طاقم المحطة بقوله: quot;لم يُسمَح فحسب لطاقمنا بالسفر إلى مدينة دايل، بل رافقت سيارتنا أيضاً ثمانية سيارات أخرى ممتلئة بأفراد من قوات الشرطة النظامية والسرية، بالإضافة لوسائل إعلام حكومية ظلت تصورنا على مدار اليومquot;.

وقد يفسر ذلك سر لجوء المنظمات والجهات التي تعني بتغطية الأخبار إلى التسلل لداخل سوريا، على اعتبار أن تلك هي الطريقة الأفضل التي يمكن من خلالها تغطية أخبار الانتفاضة المستمرة منذ ما يقرب من عام دون مساعدة المسؤولين السوريين.

وهو ما جعل مراسل النيويورك تايمز، أنطوني شديد، يلجأ إلى إحدى الطرق المحفوفة بالمخاطر بامتداد الحدود السورية- التركية كي يدخل ويخرج من البلاد، مثلما كان الحال أيضاً معه مراسلة محطة سي بي إس، كلاريسا وارد، التي كان يتم تهريبها.

ووصف دافيد رودز، رئيس قسم الأخبار بالمحطة، المهام التي قامت بموجبها وارد بتغطية الأخبار دون الحصول على أي مساعدة من الجانب السوري، بأنها جهود quot;من جانب واحدquot;. وأضاف: quot;نحن نقيم الموقف باستمرار وقد يتغير ذلك الأمر. وعلينا جميعاً أن ننظر بعناية في احتمالية استهداف النظام السوري لوسائل الإعلامquot;.

في غضون ذلك، أعلن متحدث باسم شبكة سي إن إن الإخبارية أنه لا يوجد أي مراسلين صحافيين للشبكة في سوريا، وأنه تم سحب طاقمين من البلاد قبل بضعة أيام. فيما تحتفظ محطة إيه بي سي بمراسلها ألكسندر ماركواردت على الحدود السورية التركية. وهنا أشار بيتر غيلينغ، المحرر البارز لدى غلوبال بوست، إلى أن نقص المراسلين من سوريا يعني أنه سيكون من الصعب تجميع الحقيقة من خلال تقارير تكون أقل في درجة ارتباطها بما يدور من صراع حقيقي على أرض الواقع.