أثار تشكيل تنظيمات إسلامية في المغرب لجانا شعبية لمحاربة الدعارة والخمر حفيظة الحقوقيين الذين يتهمون حكومة بنكيران بالتواطؤ والسكوت عن هذه الأفعال البعيدة عن تقاليد أهل البلد.
الرباط: تفجر جدل في المغرب بعد ورود أنباء عن تشكيل أهالٍ في بعض المناطق ما يطلق عليه quot;لجان شعبية لمحاربة الدعارة والنهي عن المنكرquot;.
مومسات في أحد الشوارع المغربية |
ورغم أن وزارة الداخلية نفت، في بلاغ لها، هذا الأمر، إلا أن فاعلين حقوقيين يؤكدون وقوفهم بأنفسهم، كما هو الحال في منطقة عين اللوح، على أشخاص يستوقفون المارة ويتربّصون بالمومسات، اللواتي جرى ترحيل بعضهن بسبب نشاطهن.
وقال أحمد عصيد، المفكر والباحث وعضو حركة quot;اليقظة والمواطنةquot;، إن quot;هذه اللجان الشعبية تابعة لتنظيمات إسلامية، وهدفها التسلط على المجتمع وممارسة الوصاية على السكان من أجل فرض نمط أخلاقي معين، أو نمط من التدين على الجميعquot;، مشيرًا إلى أنه quot;رغم إنكار وزير الداخلية أن يكون هذا أمرا واقعا، إلا أننا في حركة اليقظة المواطنة بعثنا بأشخاص من الحركة إلى المكان عينه في عين اللوح، ليكتشفوا أن هناك مواطنين تابعين لتنظيم التوحيد والإصلاح، التابع لحزب العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة الحالية، يستوقفون المارة ويطلبون منهم البطاقة الوطنية (الهوية)quot;.
وأضاف الناشط الحقوقي أن quot;هذا العمل لا يقوم به إلا الأمن أو الدركquot;، مبرزا أن quot;هؤلاء المتطرفين الدينيين سمحوا لأنفسهم بأن يستوقفوا أصحاب السيارات، ويطلبوا منهم بطاقة التعريف الوطنية، كما إنهم يستوقفون المارة ويمرّون في أزقة معينة تعمل فيها نساء مومساتquot;.
وذكر أحمد عصيد، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;هناك، حسب ما توصلنا إليه من المكان عينه، نساء تم ترحيلهن من عين اللوح، وقيل لهن إنكن لستنّ من المنطقة، وعليكنّ المغادرةquot;، موضحا أن quot;هذه تعسفات خطيرة تدلّ إمّا على غياب الأمن، أو وجود تواطؤ بين السلطة والإسلاميين، أو أن السلطة لديها مخطط آخر ألا وهو إحراق هؤلاء الإسلاميين وتركهم يعتدون على الناس من أجل أن تنقلب عليهم الأمور فيما بعدquot;.
وقال المفكر المغربي quot;هناك تكهنات كبيرة بالنسبة لنا، ولكن ستظهر الأيام المقبلة حقيقة هذه الظاهرة. ونحن نعلن رفضنا التام لمثل هذه الممارسات اللا قانونية، إذ ليس من حق أحد أن يحل محل السلطة والقانون. وإذا أرادت حكومة بنكيران أن تحارب الدعارة فعليها أن تضع برنامجا تنمويا، لهذه المناطق الفقيرة جدا، وليس التسلط على النساء وضربهن في الشارعquot;.
وأكد أحمد عصيد أن quot;هؤلاء النساء لم يخترن الدعارة هكذا، وإنما التفقير والتجويع الذي اتبعته الدولة كسياسة عقابية في مناطق كثيرة في الجنوب، والوسط، والشمال، هو الذي أدى إلى هذه النتائج. لذا، إذا كان الإسلاميون يريدون أن لا توجد دعارة فعليهم أن يقدموا البديل للمجتمع، لكي تجد هؤلاء النساء الكرامة والعمل، وفرص الشغلquot;.
أما في ما يتعلق بالوقفات الاحتجاجية، التي يقوم بها هذا التيار الديني، في إشارة إلى التوحيد والإصلاح، من أجل منع بيع الخمور للمسلمين، فهذا، في نظر الناشط الحقوقي، تطاول على الحريات الفردية غير مسموح به، مبرزا أن quot;هناك قانونا في البلد، وهو يقول إنه لا يباع الخمر للمسلمين، والجميع يعرف أن الخمر يباع للمسلمين، وإذا أرادت الدولة أن تطبق القانون فعليها أن تنزل إلى الميدان وتطبقهquot;.
وأكد أنه quot;إذا كان الإسلاميون لا يشربون الخمر، فعليهم أن يشربوا الشاي والقهوة ونحن نساندهم في أن يشتروا البضائع التي يريدون، ولكن ليس من حقهم أن يمنعوا أحدًا من اختيار نمط حياة أو استهلاك مواد معينة أو ارتداء ملابس معينة. فهذه أمور شخصية، وليس من حق أي أحد أن يتدخل فيهاquot;.
من جهته، قال عبد الإله بنعبد السلام، نائب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن quot;لا أحد يمكنه أن يقوم مقام السلطات المعنية، وأي دولة تحترم نفسها لا يمكن أن يضع فيها كل واحد قانونه الخاصquot;، وزاد موضحا quot;من المفروض أنه من يجب أن يعمل على تطبيق القانون هي الأجهزة المخولة بذلكquot;.
وأضاف عبد الإله بنعبد السلام، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;لا يمكن أن يكون هناك تراجع عن المكتسبات والحقوق التي تراكمت عبر نضال وتضحيات كبيرة، ونحن كحركة حقوقية سنكون حريصين على حماية الحرياتquot;.
هجوم شرس على المهرجانات
ولم يقتصر الجدل على اللجان الشعبية، بل امتد إلى الجانب الفني، بعد أن هاجم وزير في الحكومة مهرجان quot;موازينquot;، بينما دعا قيادي في العدالة والتنمية الله لينتقم من الفنانات قائلا quot;أرفع عقيرتي من هذا المنبر بالدعاء إلى الله لينتقم في الدنيا والآخرة من كل من ساهم في دفع درهم واحد للفنانات العاهرات والساقطات القادمات من مصر وتركيا وإسبانيا وفرنسا ضدا عن مصالح المستضعفينquot;.
وأثارت مثل هذه التصريحات ردود فعل مستنكرة لمثل هذه التصريحات، التي اعتبرها البعض مؤشرا على بداية مواجهة شرسة بين المحافظين والعلمانيين في المغرب.
وفي هذا الإطار، قال أحمد عصيد إن quot;مجموعة من أعضاء حكومة بنكيران وحزبه، يتدخلون ليقوموا بحملة ضد مهرجانات لا يذهبون إليها ولا تشغلهمquot;، مشيرا إلى أنهم quot;لا يحبون الفن، والفرح، والرقص، والبهجة، لذا فعليهم أن يعيشوا حياتهم المظلمة في بيوتهم الخاصة، أما ثقافة المغاربة الأصلية، ألا وهي الأمازيغية، فهي ثقافة فرح، وبهجة، ورقص، وغناء، وليس لأحد أن يقول إن هذه الأمور ليست من تقاليدناquot;.
وأضاف quot;إذا كان أحد ذهب إلى الشرق لاستعارة إيديولوجية دينية غريبة عن المغاربة، فليس للمغرب مكان لترويجها، وليس عليهم سوى رد بضاعتهم الشرقية إلى أصحابهم في المشرقquot;.
وفي ما يتعلق بالمال العام، فقال quot;نعتبر أنه ليس من الضروري إنفاق المال العام في المهرجانات. وهذه النقطة لا تتعلق بالأخلاق، و20 فبراير أثارت بدورها هذه النقطة، ولكن المهرجانات في حد ذاتها كمناسبات للفرح والاحتفال وملاقاة الفنانين الكبار وطنيا وعالميا فهذا شيء لا يمكن أن نتخلى عنهquot;.
وكان الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، قال، في تصريحات صحافية، quot;مهرجان موازين لا يمكن أن يظل خارج منطق الحكامة والمحاسبة، وزمن حزب الدولة انتهى ويجب أن ينتهي معه زمن مهرجان الدولةquot;.
التعليقات