الرباط: تطورت أساليب الاحتجاج الاجتماعي، خلال الفترة الأخيرة، في المغرب، وبدأت تأخذ أشكالا تصعيدية غير مسبوقة، وصلت إلى حد quot;الفوضىquot;، بنظر بعض المراقبين.
ورغم أن هذه الأشكال، التي توزعت بين الاعتصام واقتحام المقرات وإحراق الذات، أثارت الكثير من الجدل والاستياء لدى البعض، إلا أن مهتمين بالملفات الاجتماعية يرون بأن هذه الأساليب مبررة لكون quot;الحكومة لا تستجيب لمطالب المحتجين، وأن الانتباه إليهم لا يتأتى إلا من خلال التصعيدquot;.

وقال علي لطفي، القيادي والخبير النقابي، إن quot;ظاهرة الاحتجاجات والاعتصامات، وحتى احتلال بعض المقرات، ليست وليدة اليومquot;، مؤكدا في الوقت نفسه استغرابه quot;للطريقة التي تتعاطى بها الحكومة الجديدة، وعلى رأسها عبد الإله بنكيران، مع هذا الموضوع، علما أنه عندما كان العدالة والتنمية في المعارضة كان يساند وبقوة هذه الاحتجاجات والتظاهرات، بما فيها احتلال المقرات العموميةquot;.

وأوضح علي لطفي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، إن quot;هذه الاحتجاجات حضارية، لكون الشباب حاملي الشهادات والعاطلين عن العمل لو لم يلجؤوا إلى هذه الممارسات، لما كان استمع لهم أحد، بخصوص موضوع العطالةquot;.
وأضاف الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للعمل quot;عندما يتم اللجوء، حتى من قبل النقابات، إلى الأسلوب المتمثل في احتلال المقرات أو قطع الشارع، تتدخل السلطة مستعملة العصا، وفي الوقت نفسه تطلب منهم الجلوس إلى طاولة الحوار والتفاوض معهم. لهذا، فالكرة اليوم في مرمى الحكومة والمسؤولين لأنهم هم من اختاروا هذه الثقافةquot;.

واستغرب علي لطفي الأسلوب الجديد الذي انتهجته الحكومة الحالية، والمتمثل quot;في الهجوم على المعتصمينquot;، مبرزا أن quot;هذا يدخل في ثقافة المقاربة الأمنية، التي لن تجدي نفعا في معالجة الظواهر الاجتماعية في المغربquot;.
من جهته، قال علي الشعباني، باحث في علم الاجتماع، إن quot;هذه الظاهرة حديثة في المغرب، ولم تظهر إلا مع قدوم حكومة التناوب الأولى، التي فتحت المجال أمام المتظاهرين من أجل أن يعبروا عن رأيهمquot;.
وأضاف علي الشعباني، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;لم تكن هذه الاحتجاجات تمر دون تدخل القوات العمومية، التي كانت تستعمل في بعض الأحيان العنف، غير أن هذا لم يحل دون استمرارهاquot;، مشيرا إلى أنه quot;سنة بعد أخرى بدأت أساليب هذه الاحتجاجات تتطور وتتنوع، قبل أن نصل إلى مرحلة الربيع العربي، التي تميزت بظهور أسلوب حرق الذات، الذي اعتمده البوعزيزي في تونس، علما أن المغاربة أقدموا على مثل هذا الفعل قبل العملية المذكورةquot;.

وأكد الباحث في علم الاجتماع أنه quot;بعد إحراق الذات، وإطلاق التهديدات العنيفة، وصلنا إلى المرحلة الثالثة، وهي التي نعيشها حاليا، والمتمثلة في اقتحام المؤسسات العامةquot;، مبرزا أنها quot;بدأت في السنة الماضية، عندما جرى احتلال مقر حزب الاستقلال، الذي كان يقود الحكومة آنذاك، قبل أن يجري الانتقال إلى اقتحام البرلمان، ووزارة التربية الوطنية، وإدارة التكوين المهني في الدار البيضاءquot;.
وأرجع الباحث المغربي هذا التحول إلى كون quot;ما ينادي به المحتجون لم يتحقق، إلى جانب انسداد الآفاق في الحوار بين المحتجين والدولة، ولجوء الدولة إلى استعمال العنف المبالغ فيه وغير المبرر أحياناquot;.

لذلك يرى هؤلاء المحتجون أن احتجاجهم لن تكون له قيمة، ولن يحقق أهدافه إلا باللجوء إلى التصعيد، وإلى ابتكار أشكال جديدة للاحتجاج والمطالبة بتحقيق مطالبهم.
وكان رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران جدد استعداده للحوار مع الجميع بداية من حركة 20 فبراير وجماعة العدل والإحسان، وصولا إلى مجموعات المعطلين، مؤكدا أن الحكومة لم تأت للجلوس في المكاتب.