القاهرة: رغم كل التحديات التي يواجهها رئيس اليمن الجديد، إلا أن أياً منها قد لا يكون بنفس أهمية الوضعية غير المستقرة التي يعيشها الجنوب، حيث يسعى كثيرون هناك وراء الانفصال، وحيث سمح الخرق الأمني لفرع تنظيم القاعدة بأن ينمو ويزداد قوة.

وقد تحرك سريعاً الرئيس عبد ربه منصور هادي لدعم الجنوب، وسط تزايد في معدلات العنف وحالة عدم اليقين السياسي. حيث قام بتعيين رئيس جديد لجهاز الأمن ومحافظ جديد لمحافظة عدن الجنوبية وكذلك قائد جديد لقوة الجيش المتمركزة في الجنوب. لكن سكان الجنوب يقولون إنه في الوقت الذي قد يساعد فيه تغيير الموظفين على المدى الزمني البعيد، فإن الأزمة لابد وأن تُعَالَج على نحو أكثر قوة الآن.

وقال الشيخ طارق عبد الله، الذي يمارس القانون في عدن منذ أن كان المستعمرون البريطانيون هناك قبل 50 عاماً :quot; لا يمكن أن تكون الأمور أسوأ. وهناك أغلبية كبيرة للغاية من اليمنيين الجنوبيين من كل فئة تقريباً لا تريد الوحدة. وما يقوله الشارع الآن هو أنهم قد ضاقوا ذراعاً تماماًquot;. ولفتت في هذا السياق اليوم صحيفة النيويورك تايمز الأميركية إلى أن اليمن بدأ يُقَيِّم ويتعامل مع الأضرار التي لحقت بالاقتصاد والنسيج الاجتماعي بعد مرور قرابة العام على الانتفاضة ضد الرئيس علي عبد الله صالح، الذي حكم البلاد على مدار ثلاثة عقود قبل أن يُجبَر على الرحيل.

وأعقبت الصحيفة بقولها إن اتفاق صالح على التخلي عن السلطة قد نُظر إليه باعتباره شرط مسبق، وليس رد، لتسوية التحديات التي تواجه دولة كانت تجسد قبل الثورة سمات الدولة الفاشلة. وهو ما ينطبق بالفعل على الأوضاع في الجنوب، حيث لم يفعل الانتقال السياسي أي شيء يذكر لاستقرار الأوضاع، وعمل كذلك على تضخيم الشكاوى الموجودة منذ فترة طويلة فيما يتعلق بأن الجنوبيين مهمشون سياسياً واقتصادياً واجتماعياً من جانب الحكومة في الشمال منذ توحيد البلاد عام 1990.

وقال هنا محمد باشراحيل، وهو من السكان المعروفين الذي يقول إن القضايا السياسية والأمنية لابد وأن تحل بصورة تلقائية: quot;لا يمكنك أن تحل المشكلة بصورة جزئية. فهي عبارة عن حزمة واحدة وينبغي التعامل معها على هذا النحوquot;.

ثم مضت الصحيفة تبرز الأجواء الحاصلة الآن في مدينة عدن الساحلية، حيث تتفشى الجريمة، ولا يتم الالتفات بشكل كبير إلى سيادة القانون، وترسم لوحات جدارية تقول quot;الحرية للجنوب المحتلquot;. ويشكو سكان المدينة هناك، على سبيل المثال، من أنهم لا يستطيعون الذهاب إلى الشرطة من أجل الإبلاغ عن الجرائم نظراً لإقدام العصابات على حرق أقسام الشرطة. وقال احد المواطنين الداعمين لانفصال الجنوب :quot; ماذا يمكن أن يحدث حين تخفق الحكومة ؟ ونحن نرفض الانتخابات. ونرفض عبد ربه. ونريد أن ننهي من جانبنا الاحتلال الذي يتعرض له جنوب اليمنquot;.

وأضافت الصحيفة أنه ورغم التزام كثير من الانفصاليين الجنوبيين بالاعتراض عبر الوسائل السلمية، حتى في وجه الوحشية الشرطية، إلا أن العام الماضي اتسم بزيادة في الثورة العنيفة. فيما اشتكى انفصاليون آخرون من أن العصابات المسلحة تتألف من بدو غير منضبط قادم من المناطق الريفية المحيطة، في تذكير لأن الجنوب نفسه يبتعد كل البعد عن الوحدة المتجانسة وأن الحركة الانفصالية ممزقة للغاية.

وتابعت الصحيفة بنقلها عن شخص يدعى أحمد الفاضلي، وهو من أسرة قوية في منطقة محافظة أبين التي يسيطر عليها المتشددون، قوله :quot; حين يتولى أحد المسؤولية ويقول أنا أريد أن أحكم بالشريعة، لا يمكن لأحد أن يقف في وجه. وهذا عدل حقيقيquot;.

وقال أحمد سعيد، أب لثمانية أبناء وقد أتى مؤخراً من عدن رفقة أسرته بعدما أخبرهم متشددون أن هجوماً قد يتم شنه على منطقة جعار في محافظة أبين :quot; نحن نريد الأمن سواء كان من القاعدة أو من الحكومةquot;. وفي وقت يأمل فيه اليمنيون بالشمال أن يعمل تنحي صالح على منح بداية جديدة للبلاد، يقول معظم الجنوبيين إنهم لا يريدون أي شيء يكون له علاقة بجدول الأعمال السياسي الجديد.