عام مرّ على ارتكاب مجزرة quot;جمعة الكرامةquot; في العاصمة اليمنية حيث راح ضحيتها 52 قتيلاً من المعتصمين، عقب صلاة الجمعة في 18 آذار/مارس من العام المنصرم في ساحة التغيير، وهي المجزرة التي تسببت باستقالات واسعة هزت أركان النظام وصنعت كل هذه التغيّرات في البلاد.


اليمنيون خسروا الكثير من ابنائهم خلال الثورة

صنعاء: أحيا الثوار اليمنيون في معظم المدن ذكرى مجزرة quot;جمعة الكرامةquot;، حيث شهدت ساحة التغيير في صنعاء عرضاً عسكرياً وكرنفالياً مهيباً في شارع الستين. وتوافد مئات الآلاف للمشاركة في الحفل الذي نظمه الشباب واكتظ شارع الستين بالمواطنين الذين حملوا شعارات ولافتات وصور الضحايا الذين سقطوا في تلك المجزرة.

وأكدت كلمات المهرجان على ملاحقة مرتكبي تلك الجريمة بحق الشباب والاقتصاص لهم.

وزير الداخلية كان يعلم

وحول التحقيقات في القضية، تحدث لـ quot;إيلافquot; المحامي المتابع لملف القضية إسماعيل الديلمي، حيث قال إن quot;النظام القضائي غير حيادي وغير مستقل، وبالتالي لا يمكن لهذا القضاء أن يحقق العدالةquot;.

وأضاف الديلمي أن النيابة quot;حين بدأت بالتحقيق مع بعض القيادات كان مصيرها عزل النائب العام عبدالله العلفيquot;، مشيرًا إلى أن المتهمين في القضية 78 شخصاًفي حين أنالمحبوسين حالياً هم أقل من 10 أشخاص بعد أن أفرج عن معظمهم.

إلى ذلك كشفت وثيقة عن الحقائق التي أوردتها التحقيقات المثبتة في ملف القضية وحصلت quot;إيلافquot; على نسخة منها،إلىجانبعدد من التفاصيل، حيث أوردت تلك الوثيقة أن quot;أركان حرب الأمن المركزي في الأمانة عبدالعظيم الحيمي أكد أثناء التحقيقات أن وزير الداخلية السابق كان على علم مسبق بالجريمة، وأنه هو من أبلغه يوم الخميس وصباح الجمعة، كما قام بإبلاغه أيضا أثناء بدء إطلاق النار، وأن همه كان متابعة عدد القتلى وكم بلغواquot;.

وتضيف تلك الوثيقة أن quot;رئيس عمليات الأمن المركزي علي قرقر قال إن نجل شقيق الرئيس السابق quot;يحي محمد عبدالله صالح وبعض القيادات كانوا في قيادة الأمن المركزي، الذي يديره صالح،يتابعون العملية أثناء ارتكاب المجزرة ولم يوجهوا بأي شيء، وأرسلوا قوات مكافحة الشغب عند الساعة الخامسة مساء، أي بعد 4 ساعات من العمليةquot;.

جنود بلباس مدني وتخطيط لمسؤولين

في السياق ذاته،أشارت الوثيقة التي قام بتجميعها عدد من المحامين من محاضر تحقيقات في النيابة، إلى أن إطلاق النار بدأحين كان المصلون جالسين في أماكنهم ويدعون عقب الصلاة، وأن quot; أول شهيد سقط أثناء ترديدهم quot;الشعب يريد إسقاط النظامquot; عقب الصلاة ولم يكونوا قد قاموا من أماكنهمquot;، وتبع ذلك إطلاق نار كثيف من منزل محافظ المحويت المجاور للساحةquot;.

وأشارت الوثيقة إلى أن من بين من أطلقوا النار ضباطاً وجنوداً بلباس مدني.

والاستنتاجات التي اوردتهاالوثيقة أن القيادات الأمنية التي خططت للمجزرة لم يقدم منهم أي شخص للمحاكمة رغم أن التحقيقات أوردت أسماءَهم، وأن من تم تقديمهم للنيابة والمحكمة ليسوا سوى جزء بسيط من أفراد العصابة.

كما أوردت الوثيقة وفقاً لمحاضر التحقيقات أسماء أشخاص في كثير من الجهات الرسمية، بينهم شخص من الرئاسة شارك بالترتيب للواقعة يدعى جمال عيسى، إضافة إلى أسماء قيادات عسكرية بينها وزير الداخلية السابق والعمليات في الوزارة وإدارة أمن الأمانة والبحث الجنائي والمنطقة الغربية، ورئيس هيئة التفتيش القضائي، وأشخاص في وزارة العدل والنيابة العامة والأمن السياسي، ومحافظ المحويت وأعضاء في السلطة المحلية وقيادات حزبية في الحزب الحاكم.

وأشارتالوثيقة إلى أن قوات الأمن المركزي شاركت أثناء إطلاق النار برش المياه على المعتصمين، وكان المسلحون يطلقون النار من وسط الجنود، موردة أن الضباط الذين تم التحقيق معهم طلبوا التحقيق مع قياداتهم حول لماذا تم سحبهم قبل ارتكاب المجزرة ليلة الخميس ليسيطر المسلحون على المنطقة.

وأشارت إلى تفاصيل أخرى منها الاستعداد بالتصوير من قبل القنوات الرسمية لتعزيز فرضية أنه صراع مع أهالي الحي، إضافة إلى دفاع تلك القنوات عن الأمر على اعتبار أنه حق للدفاع عن أبناء الحي.

وأشارت إلى أن quot;النيابة استمرت بالتحقيق وطلب منها إحالة الملف إلى المحاكمة حين وصلت بعثة الأمم المتحدة إلى اليمن لكي يقال إن النيابة قامت بواجبها وأحالت الملف إلى المحكمةquot;.

وحسب الوثيقة فإن quot;قرار الاتهام ذكر 78 شخصاً منهم 10 أشخاص محبوسين فقط.

مجزرة صنعت التغيير

وكانت المجزرة التي هزت اليمن حينها قد تسببت بسيل من الاستقالات بدأ من قيادات المؤسسات الإعلامية الرسمية، وذلك عقب تصوير الرئيس السابق صالح بأن المجزرة وقعت بسبب خلاف بين أهالي الحي والمعتصمين.

كما تسببت المجزرة باستقالة القيادي البارز الجنرال علي محسن الأحمر، قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية، وقائد الفرقة الأولى مدرع، وعدد كبير من القيادات العسكرية.

وما زال المعتصمون وأهالي الضحايا يطالبون بمحاكمة الجناة، في حين مازال الجدل قائماً بعد الحصانة التي منحت للرئيس السابق وأركان حكمه وحول مدى إمكانية محاكمة القتلة والمخططين للمجزرة.

يذكر أن المجزرة حدثت عقب صلاة جمعة الكرامة قبل عام، حيث تمركز قناصة ومسلحون على منازل وخلف سور كان يفصل بين المعتصمين وقوات الأمن المركزي والحي، ثم قاموا بإحراق إطارات لإخفاء المسلحين وتم إطلاق النار من وراء ستار الدخان ليسقط هذا العدد من المعتصمين عقب الصلاة مباشرة.