مسلحون من المعارضة السورية

نددت منظمة quot;هيومن رايتس ووتشquot;، الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الانسان، الثلاثاء، للمرة الأولى بمسلحين في المعارضة السورية يرتكبون laquo;انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسانraquo; بينها أعمال خطف وتعذيب وإعدامات.


لندن: تخترق خطوط المواجهة في سوريا المدن والبلدات، مقسِّمة الأحياء وقاطعة الشارع عن الشارع ومؤلبة الجار على الجار. وبالتالي ليس من المستغرب أن يُتهم عناصر في المعارضة المسلحة ضد نظام الرئيس بشار الأسد بارتكاب أعمال لا تقل قسوة عن الأعمال التي تُقترف ضدهم.

ففي رسالة مفتوحة الى القيادات السياسية والعسكرية للمعارضة السورية اتهمت منظمة quot;هيومن رايتس ووتشquot; لحقوق الانسان بعض المعارضين بارتكاب quot;انتهاكات صارخة لحقوق الانسانquot; بينها اعمال خطف وتعذيب واعدامات طالت افراداً في أجهزة الأمن ومدنيين، وهي الاتهامات نفسها التي وجهتها الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية إلى أزلام الأسد.

وتستعرض رسالة هيومن رايتس ووتش بالتفصيل والأسماء بعض المجموعات الضالعة في هذه الخروقات والمناطق التي تعمل فيها. وتشير المنظمة الى أشرطة فيديو لإسناد اتهاماتها قائلة: quot;إن بعض الاعتداءات التي تستهدف الشيعة والعلويين تبدو مدفوعة طائفياًquot;.

وفي أحد الأمثلة يقول مروان، وهو علوي، من حي كرم الزيتون في حمص، إن مسلحين دخلوا الحي في 23 كانون الثاني/يناير وخطفوا والديه العجوزين من منزلهما. وطالب quot;عبيسquot; زعيم المجموعة في اتصال هاتفي بالمال والسلاح مقابل الافراج عن والدي مروان.

وقال الابن لمنظمة هيومن رايتس ووتش إنه اتصل بعبيس في اليوم التالي الذي قال له أن يكف عن الاتصال لأنهم quot;قتلوا والديَّ، ثم شاهدنا شريط فيديو على اليوتيوب يعرض جثتيهماquot;. وقال مروان لمنظمة هيومن رايتس ووتش: quot;أنا من مؤيدي الحكومة ولكن هذه جريمة طائفية، ولا تمت بصلة الى المالquot;.

ويبدو أن تقرير المنظمة يؤكد شهادات صحافيين في الميدان. ورغم اصرار المعارضين السوريين، الذين يتقنون استخدام الانترنت والاعلام، على النفي، فإن الانتفاضة السورية اتخذت منحى طائفياً بشعاً، بحسب مجلة تايم قائلة إن مراسليها الذين تنقلوا في انحاء سوريا عبر حدودها من كل الجهات تقريباً سمعوا مراراً تشنيعات طائفية ضد الطائفة العلوية التي ينتمي اليها الأسد.

ورغم وجود علويين ومسيحيين ودروز في صفوف المعارضة، فإن هوية الشخص المذهبية عند السوريين اليوم، كما في العراق ولبنان من قبل، كثيراً ما تكون المحدِّد الأول واحياناً المحدِّد الرئيسي لموقفه السياسي المفترَض. وفي سوريا كما في العراق ولبنان، فإن هذا هو الخط الرفيع الذي يفصل بين الأمان والخطر.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها إن الأساليب الوحشية التي تستخدمها الحكومة السورية لا يمكن أن تبرر الانتهاكات التي ترتكبها مجموعات مسلحة من المعارضة. وتضيف مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة سارة لياه ويتسون quot;أن على قادة المعارضة أن يجعلوا من الواضح لأتباعهم بأن لا يمارسوا التعذيب أو الخطف أو الاعدام بأي حال من الأحوالquot;.

ولكن قادة المعارضة، العسكريين منهم والسياسيين، لا يستطيعون حتى الكلام بلغة واحدة، على حد تعبير مجلة تايم، مشيرة الى quot;المماحكات والتجاذباتquot; المستمرة منذ اشهر بين المجلس الوطني السوري والجيش السوري الحر quot;تاركين المحتجين والمقاتلين يتدبرون أنفسهم بأنفسهمquot;. وقال منشق عن جيش النظام في تركيا لمجلة تايم: quot;إنهم جميعاً يفكرون في مراكزهم بعد سقوط النظام ولكنْ لا أحد منهم يفكر في كيف سنصل الى هذا الهدف أو يفكر فينا، نحن الذين نقاتلquot;.

وهناك بين الناشطين والمقاتلين على الأرض استياء واسع الانتشار ومتزايد ممن يُسمون قادة المعارضة في الخارج. ويتعين على وحدات الجيش السوري الحرأن تعتمد على نفسها للحصول على السلاح والتمويل. ولعل أسطع تعبير عن عمق الغضب هو شريط الفيديو القصير الذي بُث هذا الاسبوع وتظهر فيه مجموعة صغيرة من الرجال بملابس مدنية يقفون في صفين منتظمين امام شجرة زيتون وقد غطوا وجوههم بكوفياتهم.

ولا يختلف هذا الشريط عن أشرطة أخرىلا تُحصى يُفترض أنها تصور أفراد الجيش السوري الحر، سوى أنه لا يوجد فيهأحد من أفراد المجموعة،وعددهم تسعة،يحمل سلاحًا. بعضهم يحملون حبات الليمون بدلاً من القنابل اليدوية والبعض الآخر يتنكبون العصي وكأنها بنادق، بينما يحمل أحدهم مطرقة.

ويقول المتحدث في الشريط بعد البسملة quot;نحن احرار ادلب نعلن تشكيل كتيبة quot;الأمل بتسليحناquot;، لأنه ليس لدينا أي اسلحةquot;، مضيفاً أن مجموعته تطلب من المجلس الوطني السوري وقائد الجيش السوري الحر أن ينفذا وعودهما quot;الكاذبةquot; والكف عن quot;قراءة المواويل على الثوارquot; من دون أن يرسلا أي أسلحة quot;لأن مواويلكم تقتلناquot;.

ويجري سجال محتدم في صفوف المعارضة السورية على اختلاف فصائلها بشأن التسليح. ويخشى البعض أن يؤدي التسليح الى المزيد من سفك الدماء (وتزايد امكانية ارتكاب خروقات) بدلاً من وقفه. ولكن هل يجوز للمقاتلين الذين تنقصهم الامدادات أن يسعوا الى ايجاد مصادر تمويل من الفديات التي تتوفر عن طريق الخطف؟ يقول بعض المعارضين إن المعركة الحقيقية يجب أن تكون اقناع السوريين الذين ما زالوا يقفون مع النظام وخاصة الأقليات، بالابتعاد عنه.

ولكن اقناعهم سيكون عملية بالغة الصعوبة في ضوء ما اورده تقرير quot;هيومن رايتس ووتشquot;. وكما هو متوقع، لجأ بعض السوريين الى مواقع التواصل الاجتماعي للهجوم على التقرير، قائلين إنه ليس كل انتهاكات حقوق الانسان متساوية، كما افادت مجلة تايم. ولكن كانت هناك مراجعة ايضاً. وقال معلق على تويتر: quot;ثوري اليوم هو شرطي الغدquot;. وفي هذه المرحلة من الانتفاضة السورية ما زال الغد يبدو بعيداً.