دمشق: جاءت انتفاضة مدينة الرقة أخيراً لتنضم إلى موجة الانتفاضات التي عرفتها المدن السورية، وإن جاءت متأخرة، مع مرور عام كامل على الانتفاضة الشعبية في سوريا، لكنها شكلت صدمة في وعي النظام ومؤيديه؛ نظراً لهدوء المدينة العشائرية في تركيبتها الإثنية، وخطاب الرئيس بشار الأسد بين أبنائها في منتصف العام المنصرم، اعترافاً منه بمناصرة أبنائها لنظامه، فضلاً عن رغبته بتأكيد تحالفه مع التركيبة العشائرية في المحافظة المترامية الأطراف.

انتفاضة الرقة جاءت في أعقاب دخول الجيش النظامي إلى إدلب، وهي محافظة مجاورة لها، وفسره النظام على أن الجيش الحر أو quot;العصابات الإرهابية المسلحةquot; قد هربت من إدلب وحمص لتجد موطئ قدم لها في الرقة، لكن الاحتقان الشعبي المتصاعد، وحالات النزوح الجماعي من المدن التي دخلها الجيش إلى المحافظات المجاورة، ومنها الرقة، وإلى خارج سوريا، كلبنان وتركيا والأردن، وانشقاق أعداد من كوادر الأمن في المحافظة، عجل باندلاع الحراك فيها أخيراً.

وعلى إثر انتفاضة محافظة الرقة التي تعد واحدة من أكثر المحافظات السورية quot;محافظةquot; وانتماءاً إلى المكون العشائري، الذي عمل النظام السوري، بزعمه، على تجاوزه بوصفه نظاماً علمانياً متجاوزاً للانتماءات العرقية والدينية والمذهبية والعشائرية، حث النظام وجهاء العشائر في الرقة على معاودة تقديم الولاء والطاعة إليه من خلال الاجتماع بهم والتأكيد على التعاون معهم.

وجهاء العشائر والقبائل في الرقة أكدوا خلال اجتماع جمعهم بالمسؤولين الرسميين في محافظتهم quot;تمسكهم بالوحدة الوطنية ووقوف جميع أبناء المحافظة بوجه حملات التجييش والتضليل الإعلامي المستمرة ضد سورياquot;، بحسب ما نقلت عنهم وسائل إعلام محلية.

واعتبر وجهاء العشائر أن الأحداث المؤسفة التي تعرضت لها المحافظة تم تأجيجها بأياد غريبة عن المحافظة، واستغلت من قبل وسائل الإعلام بحسب بيان رسمي سوري.

ودعا زعماء العشائر إلى وحدة الصف بين جميع مكونات وأطياف الشعب السوري الواحد للتصدي للمخططات التآمرية وضرورة محاسبة المقصرين من الجهات المعنية، وتكاتف جهود جميع أبناء المحافظة لحماية الممتلكات العامة والخاصة وتجنب الشائعات بكافة أبعادها وتشكيل لجنة حكماء اجتماعية تضم عدداً من وجهاء العشائر ورجال الدين والفكر والسياسة والثقافة والاقتصاد للحفاظ على الاستقرار الذي تعيشه المحافظة.

أمين فرع الرقة لحزب البعث العربي الاشتراكي سليمان سليمان، وعدنان السخني محافظ الرقة، لم ينسيا خلال اجتماعهما بالعشائر في الرقة التأكيد على التحالف بين النظام وبين عشائر المحافظة، بوجه ما سموه quot;المؤامرة المتواصلةquot;، مؤكدين على حرص النظام على تجاوز الممارسات السلبية التي شابت العلاقة خلال الفترة الماضية، والتي أودت إلى وقوع ضحايا أبرياء.

يذكر أن ائتلافاً جديداً للمعارضة السورية تم تشكيله مؤخراً ضم في مكوناته الشيخ نواف البشير شيخ مشايخ عشيرة البقارة الموالية تاريخياً للنظام، وكان هدفها، رغم انضوائها تحت لواء المجلس الوطني السوري، التركيز على عسكرة الثورة وتسليح الجيش الحر، كما تم تشكيل عدة كتائب لعدد من العشائر السورية للوقوف مع الجيش الحر في مواجهته للنظام، ما ينذر بانفجار المكون العشائري الذي لطالما حرص النظام في سوريا على مهادنته والتحالف معه.