قبل عام واحد، في 19 آذار/مارس 2011، صوّت زعماء الغرب في مجلس الأمن الدولي لصالح التدخل العسكري في ليبيا، لكن الأمر يختلف في سوريا حيث يرى مراقبون أنّ القوى الغربية ستواجه تحديات سياسية وعسكرية في التدخل ضد الرئيس السوري بشار الأسد.


قبل عام واحد، في ال 19 آذار/مارس 2011، صوت زعماء الغرب في مجلس الأمن الدولي لصالح التدخل العسكري في ليبيا واستخدام quot;جميع الوسائل الضروريةquot;، معتبرين أنهم لا يستطيعون الوقوف والتفرج على ذبح المدنيين.

ونتيجة لقرار الامم المتحدة، شنّ حلف شمال الاطلسي (الناتو) حملة عسكرية بقيادة بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، وحلقت الطائرات الحربية نحو 10,000 طلعة جوية قصفت فيها معاقل العقيد الراحل معمر القذافي، لتساعد بذلك على إنهاء حكمه الذي استمر 42 عاماً، في غضون سبعة أشهر.

في هذا السياق، تساءلت صحيفة الـ quot;تايمquot;: هل يمكن أن يتكرر هذا السيناريو بالنسبة إلى سوريا؟ ربما لا، وفقاً لتقريرين صدرا يوم الاثنين، يشيران إلى أن القوى الغربية ستواجه تحديات سياسية وعسكرية في التدخل ضد الرئيس السوري بشار الاسد، أكبر بكثير مما كانت عليه في ليبيا.

وأصدر المعهد الملكي لدراسات الدفاع والأمن (RUSI) تقريراً بمناسبة الذكرى السنوية للتصويت في الأمم المتحدة على التدخل العسكري في ليبيا، مشيراً إلى أن: quot;التدخل في ليبيا حدث في لحظة فريدة حيث كانت الجهات الدولية مصطفة في موقف واحد وفقاً لظروف مؤاتيةquot;.

وعلى عكس الرئيس الليبي السابق معمّر القذافي، رفع الأسد قدرات بلاده العسكرية الجوية والبحرية منذ اندلاع الثورة الشعبية ضد النظام في بلاده، قبل عام واحد، وفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، الذي يتابع صناعة الدفاع مبهمة.

وفي تقريره السنوي عن عمليات نقل الأسلحة العالمية، أشار معهد ستوكهولم إلى أن الأسد أنفق المليارات على ترسانة الأسلحة في بلاده لتزويدها بأسلحة روسية الصنع، تم تسليم معظمها خلال العام الماضي.
ويقول بول هولتوم، الباحث البارز في عمليات نقل الأسلحة quot;إن أي مناقشات حول غارة جوية على سوريا ستكون أكثر صعوبة مما كان في السابقquot;.

في العام الماضي، سلمت روسيا ما يصل الى 36 صاروخاً من طراز بانتسير-SI المضادة للطائرات الى سوريا، وفقا لمعهد ستوكهولم. ويمكن استخدام هذه الصواريخ الخفيفة الوزن والمحمولة، لوضعها على ظهر الشاحنات، ما يجعل من الصعب على الطائرات المقاتلة استهدافها.

إضافة إلى ذلك، يعتقد المعهد أن روسيا قامت مؤخراً بتسليم نسخ مطورة من الطائرات المقاتلة من طراز ميغ 29 إلى سوريا. وقامت بتطوير مئات الدبابات من طراز تي 72، وذلك سنوياً منذ العام 2007، كما زوّدتها بأسلحة أكثر حداثة.

وفي الأسابيع الأخيرة، قام نشطاء من المعارضة السورية في مدينة حمص المحاصرة بتصوير لقطات فيديو تظهر دبابة من طراز T-72 يستخدمها النظام في المعارك خلال الهجوم على المدينة.

وأشار تقرير معهد ستوكهولم إلى أن روسيا زوّدت سوريا بصواريخ أخرى مضادة للطائرات، وحديثة الطراز، خلال العام الماضي، بما في ذلك نحو 40 صواريخ SA-17 واثنين من أنظمة (بوك) الصاروخية المتوسطة المدى.

وعلى الرغم من غضب المجتمع الدولي على خلفية الحملة الدموية التي يشنها الأسد ضد المعارضين، أعلن الرئيس السوري عن صفقة بقيمة 550 مليون دولار مع روسيا في يناير/ كانون الثاني لشراء 36 طائرة مقاتلة من طراز ياك 130.

وقال هولتوم quot;لو كان القذافي قد أعلن عن صفقة كهذه، كما فعل الأسد، كان سيجعل من نفسه عدواً أكبر بالنسبة إلى قوات حلف شمال الأطلسيquot;، مشيراً إلى أن القذافي طلب 6 طائرات مقاتلة من النوع ذاته عندما اندلعت الثورة في بلاده في شباط/فبراير الماضي من العام الماضي، لكنه لم يحصل عليها، ولذلك افتقر نظامه الحربي إلى الجيل الجديد من الاسلحة المضادة للطائرات.

وأضاف هولتوم للـ quot;تايمquot; أن quot;نظام القذافي لم يكن يملك هذه الأسلحة المتطورة ، وعلى الرغم من أنه دخل في محادثات مسبقة حول شراء عدد من أنظمة الدفاع الجوي وطائرات مقاتلة من الروس، إلا أنه لم يحصل عليهاquot;.

واعتبرت الصحيفة أن عدم تمكن القذافي من الحصول على الأسلحة المتطورة من روسيا كان في مصلحة حلف quot;الناتوquot;. وأضافت أن تقرير معهد ستوكهولم أشار إلى أن الحملة الغربية العسكرية في ليبيا كانت أصعب بكثير مما كشفه الزعماء الغربيون، ما يجعل احتمال حدوث حملة عسكرية على سوريا، مسألة مثيرة للقلق بالنسبة إلى السياسيين الذين مرّوا بالتجربة الليبية.

ووفقاً للمدير الملكي لدراسات الدفاع والأمن، جوناثان ايال quot;كان القذافي عدواً قوياً عندما بدأ حلف شمال الاطلسي قصف ليبيا في آذار الماضي، وفقاً لما اعترف به رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وقد قيل في الأمم المتحدة إن الحملة هدفت فقط إلى حماية المدنيين في شرق ليبيا، ولذلك صممت هذه العملية عند أدنى مستوى ولأقصر فترة من الزمنquot;.

وبدلا من ذلك، تحولت الحملة المحدودة بسرعة إلى حرب شاملة. وأدى ذلك إلى حدوث توتر شديد لدى القوات الأوروبية، التي نفذت نحو 90٪ من الطلعات الجوية للهجوم.

quot;المخزونات الأوروبية صارعت من اجل التأقلمquot;، كتبت إليزابيث كوينتانا، باحثة في مجال القوات الدفاعية الجوية في المعهد الملكي، مشيرة الى ان الولايات المتحدة اضطرت في نهاية المطاف إلى quot;سد الثغراتquot;.

وأضافت: quot;وبما أن طائرات الـ quot;تورنايدوquot; والـ quot;تايفونquot; البريطانية كانت تحلق يومياً فوق ليبيا، تُرك المجال الجوي في بريطانيا مكشوفاً ومعرضاً للخطر بشكل كبيرquot;، مشيرة إلى أن الجيوش الأوروبية التي تعتمد على الطائرات القديمة غير مجهزة للحرب الشديدة وسريعة الوتيرة، كما في ليبيا.

وفيما استمرت الحرب في ليبيا لأشهر، ارتفع الضغط على قوات حلف شمال الأطلسي، حتى أن كاميرون وساركوزي قد تنفسا الصعداء عندما قتل الثوار الليبيون معمر القذافي يوم 20 اكتوبر، ما أنهى حملة حلف شمال الأطلسي العسكرية.

وكتبت كوينتانا في تقرير المعهد الملكي: quot;القوات المسلحة كانت محظوظة بأن المتمردين تمكنوا من الإطاحة بنظام القذافيquot;. ومن المفارقات، فإن الحرب الليبية الآن تجعل من الصعب على القادة الغربيين كسب موافقة الأمم المتحدة على التدخل العسكري ضد الأسد، على الرغم من أن سوريا تبدو أسوأ، من حيث ارتكاب النظام للمذابح بحق المدنيين.

ويقدر مسؤولو الامم المتحدة أن أكثر من 8000 شخص قتلوا في سوريا، بينهم العديد من المدنيين في هجمات ضد حمص، إدلب، وجيوب المعارضة الأخرى.

وهذه المرة، جعلت روسيا من حق النقض في مجلس الامن للامم المتحدة، موقفاً واضحاً بأنها لن تتخلى عن حليفتها، فهي تريد أن تحافظ على قاعدتها البحرية الوحيدة في المنطقة في ميناء طرطوس السوري.

وذكر المسؤولون الروس مراراً انهم يعتقدون ان القادة الغربيين قاموا quot;بتضليلهمquot; في الأمم المتحدة، في آذار/مارس 2011 بالقول ان الهجمات المنظمة لحلف شمال الأطلسي كانت فقط لحماية المدنيين، وليس لإطاحة القذافي. كما أن الصين التي لديها أيضاً حق النقض في مجلس الأمن قد أعربت عن وجهات نظر مماثلة.

واعتبرت الصحيفة ان القذافي قام بإضعاف نفسه خلال الثورة في بلاده، وهو خطأ يبدو أن الأسد قد تعلمه. فالزعيم الليبي تحدى في خطاباته من طرابلس في شباط/فبراير وآذار/مارس الماضي، الزعماء الغربيين إلى مهاجمة بلاده.

وفي هذا السياق، يقول تقرير المعهد الملكي ان القذافي quot;دعا تقريباً الدول الغربية إلى شن هجوم عسكري عليه. فمن من الدكتاتوريين العرب سيجرؤ بعده على الإعلان عبر وسائل الاعلام عن نيته بذبح مدينة بأكملها مثل الجرذانquot;، وهي عبارة لطالما استخدمها القذافي لوصف المعارضين له.

وعلى الرغم من الحملة الدموية التي تشنها القوات الأمنية على المعارضين في سوريا، إلا أن هناك بعض الاختلافات: وصل مبعوث الامم المتحدة كوفي أنان الى دمشق الاسبوع الماضي لمناقشة مفاوضات محتملة مع الأسد.

ويقول التقرير ان quot;القذافي ليس لديه أصدقاء أقوياء وكان معزولاً على عكس بشار الأسدquot;. حتى الآن، يبدو أن الأصدقاء يقفون إلى جانب الأسد الذي، إضافة إلى دعمهم، ما زال يمسك ببطاقات قوية في يده.