وظّفت روسيا أرصدة سياسية ومادية في إقامة تحالفات مع سوريا وإيران. وبالتالي ليس من المستغرب أن تسعى موسكو الآن إلى الدفاع عن مصالح حلفائها على طاولة المفاوضات. فتربطها بإيران علاقات عسكرية وتجارية متينة، كما تستضيف سوريا القاعدة العسكرية الروسية الوحيدة في ميناء طرطوس.
سيرغي لافروف |
إعداد عبد الإله مجيد: في سوريا على وجه التحديد كانت روسيا سندًا موثوقًا وقويًا لنظام الرئيس بشار الأسد، الذي زادت صادراتها العسكرية إليه بنسبة 600 في المئة خلال السنوات الخمس الماضية. وتستضيف سوريا القاعدة العسكرية الروسية الوحيدة في ميناء طرطوس على البحر المتوسط. وأصبحت روسيا في ما بعد لاعبًا أساسيًا في تحديد موقف سوريا من الموافقة على الجلوس إلى طاولة المفاوضات وبأي شروط.
وأشارت روسيا يوم الثلاثاء إلى أنها ستدعم مهمة المبعوث الدولي الخاص كوفي أنان، على ألا تتضمن أي شروط مسبقة، مثل مطالبة الأسد بالتنحّي.
وفي إيران، التي تربط روسيا بها علاقات عسكرية وتجارية متينة، دعمت موسكو أربع جولات من العقوبات الدولية، لكنها حذرت من أنه إذا ذهب المجتمع الدولي بعيدًا في ضغوطه على إيران، ونفذت إسرائيل تهديداتها بتوجيه ضربة عسكرية، فإن إيران لن يبقى لديها من خيار سوى تطوير السلاح النووي نفسه الذي يخشاه الغرب.
ونقلت وكالة فرانس برس عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله في حديث لإذاعة كورمسانت الروسية المحلية إن وكالة المخابرات المركزية والمسؤولين الأميركيين يعترفون بأنهم لا يمتلكون معلومات عن اتخاذ القيادة الإيرانية قرارًا سياسيًا بإنتاج أسلحة نووية. وأضاف لافروف أنه يكاد يكون واثقًا من quot;أن مثل هذا القرار سيُتخذ بكل تأكيد بعد توجيه ضربات عسكرية إلى إيرانquot;.
وقال لافروف إن الضغط على إيران يدفع العديد من بلدان العالم الثالث إلى التوقف والتفكير في أنها إذا امتلكت قنبلة نووية لن يتعرّض لها أحد. وتابع quot;إن عقوبات خفيفة قد تُفرض عليك، ولكنك ستكون موضع دلال وغزل من الآخرينquot;.
وليس من المستغرب أن تريد موسكو موقعًا على طاولة المفاوضات، وخاصة بشأن بلدان وظفت فيها أرصدة كبيرة، سياسية وغير سياسية، لدعم أنظمة تخدم المصالح الروسية. فإن هذا هو ما تفعله الدول عادة، بحسب صحيفة كريستيان ساينس مونتر، مشيرة إلى أن جهود روسيا لمؤازرة دمشق وطهران في الأزمة التي تمر بها سوريا وإيران تُعدّ بنظر الغرب موقفًا خطرًا يزعزع الاستقرار.
وأشارت دول مجاورة عدة لسوريا، ومنها تركيا، إلى أنها ستكون مستعدة للتدخل العسكري وفتح ممرات إنسانية لحماية اللاجئين داخل سوريا ووقف تدفقهم على تركيا. ولكن مثل هذه الخطوة يمكن أن تُعدّ عملاً استفزازيًا وتثير معضلات سياسية أخرى. ولمحت إسرائيل من جهتها إلى أن لديها قنابل صُنعت خصيصًا لإلقائها على منشآت إيران النووية، التي تؤكد طهران أنها لإنتاج الطاقة المدنية حصرًا.
لكن الوضع يزداد تعقيدًا حين يذهب التفكير إلى أبعد من أفعال الدول إلى جماعات صغيرة سريعة الحركة، كثيرًا ما تكون لديها مصالحها الخاصة التي تريد حمايتها، مثل حزب الله اللبناني. إذ يتلقى الحزب دعمًا ماليًا وسياسيًا من سوريا وإيران على السواء، وبالتالي فإن أي تهديد لهذين النظامين سيكون تهديدًا له أيضًا. ولم يتردد حزب الله في تذكير المجتمع الدولي بقدراته على التحرك خارج الحدود اللبنانية، وأجاب المجتمع الدولي بأن الرسالة وصلته واضحة، وفهمها بلا لبس، على حد تعبير صحيفة كريستيان ساينس مونتر.
وأفادت وكالة أسوشيتد برس أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أعلن في إندونيسيا quot;أننا لا نعرف المنحى الذي ستتخذه الأحداث، ولكننا نعرف أن مسؤولية تقع على عاتقنا للعمل من أجل حل هذه الأزمة العميقة والخطرة للغاية... أزمة قد تكون لها تداعيات بالغة الأثر على المنطقة والعالمquot;.
لذا قد يكون من السذاجة أن يُنظَر إلى دور روسيا في سوريا وإيران على أنه مجرد محاولة لإقناع نظامين بالبحث عن حلول سلمية من خلال الحوار. ولكن عندما تُقدِم الدول على توظيف المال والوقت لبناء تحالفات في منطقة استراتيجية، سيكون من السذاجة أن نفترض أنها لن تتخذ إجراءات للدفاع عن هذه المصالح.
التعليقات