بعد عام من الفوضى، تشهد سوريا ارتفاعاً هائلاً في معدلات الجريمة، بعد أن كان واحدة من الدول الأكثر أماناً في الشرق الأوسط.


انتشار الفوضىفي سوريا يشجع على السرقات

شوارع دمشق التي كانت تكتظ بالناس حتى وقت متأخر من الليل، تبدو وكأنها مهجورة بعد غروب الشمس، إذ يفضل السوريون البقاء في منازلهم خوفاً من عمليات السطو والخطف.

كثرت تقارير السرقات والسطو المسلح واقتحام المنازل في الآونة الأخيرة في سوريا، ما يعتبر مؤشراً واضحاً على أن المجرمين يستغلون الاضطرابات التي تعصف بالبلاد في ظل الحملة الدموية التي يشنها الرئيس بشار الأسد ضد المعارضة التي تطالب بإسقاط نظامه.

وتلقي الحكومة باللوم على أفراد الجيش المنشقين والمعارضة في تنفيذ جزء كبير من الجرائم، بينما تتهم العارضة، في المقابل، نظام الاسد بانه يسمح للفوضى بالتفشي في البلاد ليزعم أن الثورة تضر بأمن المواطنين وأمانهم.

لكن السبب الحقيقي قد يكون أن قوات الأمن السورية مشتتة للغاية، فقبل اندلاع الثورة، كانت وكالات الأمن والاستخبارات السورية - التي يبلغها عددها 17 وكالة - تسيطر على البلاد بقبضة من حديد، وكانت الجريمة نادرة، خوفاً من وحشية النظام.

ويعتقد العديد من السوريين أن قرارات العفو الصادرة عن الأسد خلال العام الماضي كبادرة طيبة تجاه المعارضة، ادت إلى إطلاق سراح المجرمين والقتلة المدانين، بما في ذلك اللصوص، جنباً إلى جنب مع بعض السجناء السياسيين.

أيا كان السبب، فإن سكان دمشق يقولون ان المجرمين ينفذون ضرباتهم بجرأة غير مسبوقة. إذ تروي امرأة في حي دمشق تجربتها بعد أن تعرضت لعملية سطو مسلح في وقت سابق من هذا الشهر.

عند الساعة السادسة مساء، قرع ثلاثة مسلحين بأسلحة آلية على باب الشقة، بينما كانت والدتها وشقيقها (8 سنوات) وحدهما في المنزل. وعندما فتح شقيقها الباب، اقتحم المهاجمون المنزل، وفقاً لما قالته ربة الاسرة في حديث مع وكالة اسوشيتد برس.

وقالت المرأة ان المسلحين وضعوا مسدسا الى رأس الصبي وقالوا لوالدته أنهم سيطلقون النار عليه إذا لم تسلمهم مجوهراتها وكل ما في حوزتها من مال. فأعطتهم الأم المجوهرات والمال، بقيمة 30،000 دولار. ثم أُجبرت هي وابنها على الدخول إلى إحدى الغرف حيث كبلت أيديهما.

في وسط مدينة حمص، وقال أحد السكان لوكالة اسوشييتد برس ان مسلحين طرقوا على باب جاره، ووضعوا مسدساً في رأسهم طالبين مفاتيح السيارة. ويقول سكان دمشق ان الكثير من الناس الذين يمتلكون سيارات فاخرة يحتفظون بها في المنزل، ويفضلون التنقل في سيارات الأجرة خوفاً من أن يتعرضوا للسرقة.

ويقول وائل (27 عاماً) ان الجريمة تضاعفت في بعض الاحياء المضطربة لأنه quot;ليس هناك أمن، والناس يتصرفون كما يريدونquot;. وأضاف: quot;quot;في الماضي، كنا ننام ونوافذنا مفتوحة. أما الآن، لا نستطيع أن نفعل ذلكquot;.

وقال اياد أنور البني (58 عاما) وهو تاجر من دمشق، ان غياب الاستقرار والأمن سمح للصوص بأن يتصرفوا على راحتهم، quot;فالجماعات المسلحة تستغل الفراغ الأمني للقيام بأعمال السلب والنهبquot;.

وكشف المحامي العام الأول بدمشق مروان لوجي عن أن نسبة الزيادة في جرائم القتل الشخصي والانتقام والانتقام المضاد في دمشق وريفها وصلت إلى آفاق خيالية تتجاوز 400% خلال العام الماضي مقارنة بالعام 2010.

اتهم مصطفى أوسو، وهو ناشط سوري ومحام يدافع عن السجناء السياسيين، نظام الأسد بتنفيذ هذه الجرائم quot;من أجل إظهار أن السلطة يجب أن تبقى في سوريا حتى تكون مستقرةquot;.

واضاف quot;انهم يريدون ان يقولوا انهم إما سيبقون في السلطة، أو أن الفوضى والرعب سينتشر في البلادquot;.