باريس: يطرح زحف حركة تمرد الطوارق التي تكاد تسيطر على شمال مالي تساؤلات عما يمكن أن يجنيه إسلاميو تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من هذه المنطقة الافريقية التي باتت خارجة عن سيطرة الدول.
لكن الخبراء الذين اعتبروا ان المتمردين الطوارق هم اكبر المستفيدين من الانقلاب العسكري الاخير في مالي، ما زالوا منقسمين حول طبيعة العلاقة التي تربط الحركة الوطنية لتحرير ازواد ابرز حركة تمرد طوارق، بحركات صغيرة اخرى محلية إسلامية وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
وقال دومينيك توما من المدرسة العليا للدراسات في العلوم الاجتماعية quot;في الوقت الراهن يزداد الطوارق قوة في حين ليس تنظيم القاعدة سوى فاعلا ثانوياquot; مذكرا برغبة الطوارق ان يجعلوا من ازواد (شمال مالي) دولة مستقلة.
ويؤكد العديد من الخبراء ان حركة ازواد التي تنفي اي تحالف مع تنظيم القاعدة quot;ليس لها علاقة بالإسلاميينquot; وحتى انها تريد طردهم من المنطقة.
وفي الواقع لا يبدو واضحا ان ثمة تناقضا بين الطوارق -- الرحل المتنقلين عبر عدة بلدان من الساحل الصحراوي -- وعناصر تنظيم القاعدة لان الاثنين استفادا من انهيار نظام معمر القذافي في ليبيا ورحيل المرتزقة من اجل التجنيد وجمع مزيد من الاسلحة.
اما تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي فهو مجموعة من الجهاديين المسلحين تاسس من حول قياديين جزائريين ثم موريتانيين وتطور في الساحل بالتعامل مع الطوارق.
واعتبر دومينيك توما ان quot;علاقات تربط بينهما لكنها ليست بالضرورة مركزيةquot;، موضحا انه quot;من اجل استقرارهم في المنطقة والاستفادة من مكان محمي وتجنيد المقاتلين، تعين على الجهاديين تطوير علاقات حماية واحيانا قبلية مع مختلف اوساط الطوارق سواء كانوا مسيسين ام لا، مسلحين ام لاquot;.
ويرى بعض الخبراء ان احدى كتائب تنظيم القاعدة يقودها احد افراد الطوارق وquot;ذلك نتيجة سياسة ترسيخ وجودهم واستقرارهمquot;.
غير ان بيار بولي مدير مركز الدراسات الافريقية والمتخصص في الطوارق اعتبر ان quot;المجندين الطوارق قليلون. انهم في الاساس شبان عاطلون عن العمل انضم معظمهم سريعا الى حركة ازواد مع انطلاق التمرد في 17 كانون الثاني/ينايرquot;. وتابع انه منذ ذلك التاريخ quot;وقعت عدة مواجهات بين حركة الازواد وتنظيم القاعدةquot;.
اما علاقة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بانصار الدين فانها اكثر تعقيدا اذ ان هذه الجماعة الصغرية من الطوارق (ما بين مئتي الى ثلاثمئة مقاتل مقابل الفين الى ثلاثة الاف في حركة ازواد، حسب اخر التقديرات) تدعو الى فرض الشريعة الإسلامية في كافة ارجاء مالي وقد تحقق مكسبا من تحالفها مع القاعدة ولو كان ذلك لفترة قصيرة.
وسيطر قائد هذه الحركة عياد اغ غالي الاثنين على مدينة تومبوكتو (شمال غرب) وطرد منها عناصر حركة تحرير ازواد. وقال شاهد لفرانس برس ان انصار الدين quot;جاؤوا هنا من اجل الإسلام وليس الاستقلال ولا لفعل الشرquot;.
واعتبر بيار بولي ان عياد اغ غالي الذي كان اكبر قادة حركة تمرد الطوارق خلال التسعينات quot;اصبح سلفيا من خلال تواصله مع رجال دين باكستانيين خلال الثمانينات قبل تشكيل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب إسلامي في المنطقةquot;.
واكد quot;أنه بلا شك شخصية اساسية في المفاوضات للافراج عن الرهائن في المنطقةquot; وبالتالي يقيم علاقات مع القاعدة وباماكو في آن واحد. ويرى الباحث ان اهداف تلك المجموعات مختلفة quot;فحركة ازواد تريد استقلال الشمال وانصار الدين تريد فرض الشريعة الإسلامية على كافة ارجاء البلاد بينما يدعو تنظيم القاعدة الى الجهادquot;.
لكن خبراء مثل دومينيك توما لا يستبعدون حصول اتصالات وتطابق اجندة على الارض quot;قد يستفيد منها تنظيم القاعدةquot;. واكد الباحثون ان كل شيء متعلق بميزان القوى الذي سيقام على الارض. وتنشط عدة مجموعات مسلحة صغيرة ايضا في الشريط الساحلي مثل الحركة من اجل التوحيد والجهاد في غرب افريقيا المتكونة خصوصا من موريتانيين وبعض الطوارق.
وتدعو هذه الجماعة الى الجهاد وتبنت خطف ثلاثة اروروبيين في تندوف (اقصى جنوب غرب الجزائر) وقد تكون لها quot;اتصالات او علاقات متوترة او هامة مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي حسب الاجندات والظروف الملحيةquot;، على ما اضاف الباحث.
واعرب وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه الاثنين في دكار عن قلقه من نفوذ تلك الجماعات الإسلامية المسلحة التي تقاتل الى جانب حركة الازواد.
وقال quot;يبدو ان هذا الفصيل الإسلامي الجهادي المتطرف بدا يتفوق على مختلف فصائل الطوارقquot; مستبعدا مشاركة عسكريين فرنسيين مباشرة في تدخل محتمل متعدد الجنسيات من اجل اعادة بسط نفوذ باماكو على شمال البلاد.
واعتبر دومينيك توما ان تهميش او عزل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لا يمكن ان يتم الا عبر اتصالات ومفاوضات مع الطوارق على الصعيدين الاقليمي والدولي لكنه على غرار باحثين اخرين يستبعد تدخلا عسكريا لحل الأزمة.
التعليقات