يرى مسؤولون ومحللون وإعلاميون عراقيون أنالطائفية هي أكبر الأخطار التييواجهها العراق بعد مرور تسع سنوات على إسقاط نظام الرئيس السابق صدام حسين، وهو ما يجعل البلاد حتى الآن بعيدة عن الاستقرار.




ما زال العراقيون مختلفين بعد تسع سنوات من دخول القوات الاجنبية الى بلادهم، وما زالت المشاكل تؤثر في حياتهم العامة فيما يشكو الناس من انعدام الكثير من متطلبات الحياة مما يشعرهم بالمعاناة والاحباط، لكنهم ينظرون في كل مرة الى الافاق متطلعين الى عام جديد يحمل لهم بين ثنايا ايامه الامل والرجاء.

ويؤكد العراقيون على اختلاف طوائفهم أن (العراق الجديد) ما زالت تهدده العديد من المشاكل الخطيرة التي تجعل البلاد بعيدة عن الاستقرار، ويشيرون الى أن أخطر هذه المشاكل هي الطائفية التي وان خمدت فتنة بعد أن اندلعت قبل اعوام الا أنها ما زالت تقض مضاجعهم بسبب السياسيين الذين لا يتورعون عن اعتماد الطائفية دروعًا لهم. واشار عراقيون التقتهم (ايلاف) الى أنهم في كل عام يأملون أن تدفع رياح حب الوطن غمام الاحباطات والمشاكل التي تلبد سماء العراق لكي يعود الصحو وتشرق شمس الفرح ليكون العراق بلدًا معافى بحضارته وناسه.

وهذه الامنيات العراقية تتفجر بمناسبة مرور تسعة اعوام على التغيير الكبير الذي حصل في العراق بدخول القوات الاجنبية واسقاط نظامه السابق، وتعد هذه السنة الاولى التي يعيشها العراقيون دون أن تكون على أرض بلادهم قوات اجنبية. وفي الحديث حول الاوضاع في العراق تجد هنالك اختلافات في وجهات النظر كل يحسبها من منظوره الخاص حيث تجد الكثيرين ممن يثنون على النظام الجديد ويتمسكون به على الرغم من كل ما يحدث وهم يضعون الاسباب ويشرحون بالتفاصيل، فيما هنالك من يرى أن التسع سنوات كانت موجعة وقد تراكمت فيها الاحباطات والمنغصات والالام والدموع.

وقال ياسين مجيد، النائب عن كتلة دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي في حديث خاص لـ (ايلاف)، quot;لا أحد يقول ولا أحد يدعي أو يستطيع أن يدعي أن المشاكل يمكن أن تحل، فقد عانينا وتحملنا مشاكل كثيرة وتركة ثقيلة من النظام السابق وفي مرحلة الاحتلال وما بعد الاحتلال، ولكن حين نقارن ما بين العام 2003 والعام 2012 نجد أن هناك فارقاً كبيرًا، فهناك تحول وهناك نجاحات ولكن هناك مشاكل كثيرة وعملية التقدم والنمو والتطور تحتاج الى وقت، وتحتاج الى صبر وتحتاج الى تكاتف وهذه مسؤولية جميع القوى السياسية الوطنية العراقية المخلصةquot;.

وأضاف:quot; وانا اتصور، وانا لست من الذين يتشاءمون حقيقة بل أنا متفائل، أن العراقيين قادرون على تحقيق نجاحات كبيرة، نجحوا في استحقاقات كبيرة في القضاء على الفتنة الطائفية، ونجحوا في اخراج القوات الاجنبية، ونجحوا في تحقيق اكبر انجاز سياسي كبير وهو انعقاد مؤتمر القمة العربية في بغداد، لدينا مشاكل.. نعم، ولكن حققنا نجاحات ايضًاquot;.

واضاف: quot;أخطر مشكلة واجهناها هي الفتنة الطائفية التي كان يمكن أن تجر البلاد إما إلى حافة الحرب الاهلية أو الى التقسيم، وتجاوزنا هذه المشكلة، وبعدها نجحنا في اخراج القوات الاجنبية وبدأ العراق يتعافى، لدينا مشاكل نعم ولكن لدينا القدرة على الحل ايضًاquot;.
وتابع : quot;انا انظر الى الحكومة الحالية على أنها حكومة شراكة، وهي مسؤولية الجميع لانجاحها، مسؤولية جميع المشاركين فيها، الحكومة ليست شجرة الجميع يرمي عليها الحجر، هذه الشجرة هي شجرة العراق وعلينا أن نستظل تحتها ونشارك فيها، ومن المسؤولية الاخلاقية والتاريخية أن نصحح الاخطاء وأن نتجاوز المشاكل، لا أن نصنع مشاكل جديدةquot;.

اما شاكر كتاب الامين العام لجبهة العمل الوطني الديمقراطي، فقال لـ (ايلاف): quot;بعد تسع سنوات العراق مغمور بالشر ومغمور بالخراب ومغمور بالفساد المالي والاداري وبانعدام أي أفق بصراحة، فالآفاق الآن أصبحت معدومة، وهذا ما أرى عليه العراق بعد تسع سنوات، فالأيتام بالملايين والارامل بالملايين والعاطلون عن العمل بالملايين والمعتقلون بالآلاف، ولكن بالتأكيد عشرات الآلاف، فأي شيء أراه في البلد غير هذاquot;.

واضاف: quot;الاسباب وراء هذا بدأت مع الاحتلال، منذ لحظة الاحتلال وقبلها كان الحصار الاقتصادي والحروب وغير ذلك، ولكن الاحتلال كان الضربة القاصمة لبلدنا وشعبنا، اي أنه بداية الخراب كلهquot;.

وتابع : quot;المطلوب بعد تسع سنوات على كل هذا هو ازاحة هذه الوجوه والكيانات الكالحة الجاثمة على صدر شعبنا باسم ما يسمى بالعملية السياسية وتحويلها الى عملية وطنية ديمقراطية تحارب اولاً الصراع الطائفي والطائفية بكل معانيها باعتبارها جزءاً من منابع الارهاب وثانيًا العمل على بناء دولة مؤسسات، اما أخطر ما يواجهه العراق فهي الطائفيةquot;.
فيما قال عضو مجلس النواب عن كتلة الرافدين يونادم كنا لـ (ايلاف) : quot;بعد تسع سنوات على التغيير الكبير، انا أرى أن العراق يومًا بعد آخر يبنى رغم العقبات، رغم الاستهداف والاستكلاب على العملية السياسية، ومع ذلك العراق يتقدم ونحن متفائلون ان شاء الله ولا يكون هناك الا الخير وسيستقر العراق ويرجع معافى ومتماسكًا، مجتمعًا ووطنًا، وان شاء الله يكون له دوره ونفوذه في المنطقة والشعب العراقي سيهنأ بالتغيير ويكون له فرص عمل وفرص عيش كريم وحريات ايضًاquot;.

واضاف: quot;أخطر ما واجه العملية السياسية وما زال يواجهها هو خطر العداء والعوامل الخارجية التي استكلبت على العراق وامتدت الى داخل العراق وتناغمت معها بعض الجماعات تحت شعار الطائفية، ولكن الحمد لله تجاوزنا هذه المرحلة والقمة العربية كانت بمثابة طي صفحة سوداء لهذا العداء الذي كان للشعب العراقي، والحمد لله سنبدأ بداية جديدة وموفقةquot;.

من جهته، قال الكاتب باسل الخطيب: quot;سأختصر لك ما يمكن أن يقال عن العراق بعد تسع سنوات من التغيير، أقول إن الحال لا يسر والبلاد تسير بقوة نحو الهاوية لافتقارها إلى رجال دولة بحق وقيادات تؤثر المصلحة العامة على مصالحها الضيقة والفئوية. من هنا، فإن شبح التقسيم بات أقرب من أي وقت مضى، وفقاً للمخطط الأميركي والإسرائيلي في إطار الشرق الأوسط الكبير ونظرية الفوضى الخلاقة، رغم الموقف الأميركي الرسمي الذي يحاول ذر الرماد في العيونquot;.

اما الكاتب والاعلامي علي رستم فقال:quot; تسع سنوات بحساب الزمن، تعني نحو عقد مر على تجربة سياسية أحدثها تغيّر دولي لنظام حكم، لكن التغيير لم يعطِ اصلاحات حقيقية وواقعية، لا للنظام السياسي الجديد ولا الواقع الاجتماعي، بل العكس فقد انكشف ما يصطلح عليه سياسة الاستحواذ والمحاصصة، وهي المشاركة الطائفية في سياسة الدولة، وبالتالي همشت الدولة من جديد وبلعتها الحكومة كما سابق عهدها. خدش شكل خطرا على التجربة العراقية بعد 2003 وهو لا يوجد شكل للدولة حتى الدستور يشكل أزمة خلافات، فليس من المعقول أن تؤجل قوانين مثل قانون الاحزاب والتلاعب بقانون الانتخابات حسب مقاس الكتل السياسية المتنفذ، اما التحديات فهي بسبب التوافق الذي يلغي أي برنامج سياسي أو حكومي، فالسياسي العراقي لا يريد أن يفكر في الغد، فما معنى أن ميزانية الدولة تذهب 70 في المئة منها لتشغيل الحكومة ولا يوجد ريع غير النفطquot; .

واضاف:أعتقد أن هناك محاولات لصناعة تيار ديمقراطي كرد فعل على احزاب الاسلام السياسي، والتي همشت الدولة المدنية، وهي نتاج تجارب منذ تأسيس الدولة العراقية لكن اعتقد أن الانتخابات القادمة ستخسر القوى، والتي مارست دورًا دون تحقيق تحول في جعل الدولة ومؤسساتها متفاعلة، في الواقع ستحرق نصف مقاعدها في الدورة الانتخابية الثالثة.
وتابع : quot;انا أرى أن الازمات مقبلة دائمًا لحين الانتخابات ولا يوجد خيار للتفاهم ومنح الثقه للآخر، لان عناوين الساسة العراقيين اتضحت بعد مؤتمر قمة بغداد، هناك خطاب قومي خليجيموجه ضد بقاء المالكي أو بديله القادم على رأس الحكومة والقرار، وفي المقابل الطرف الاقليمي التركي والذي هو متضامن مع التوجه الخليجي وبالضد من حضوة ايران المقبولة عند الطرف الشيعي ما يسبب خيار التقاطعات في الخطاب السياسي بين الحكومة وشركائها ممكن اصطلح عبارة الموت البطيء للتجربة في ظل التحالفات الطائفية والقومية التي شكلت المشهدquot;.

وختم رستم بالقول: quot;لا تزال التجربة في معركتها القديمة للتاريخ واستنسخت اوراقاً، وهي بالتأكيد لا تخدم تأكيد الهوية العراقية أو ابراز الواقع بتحوله اقتصاديًا، لننظر الى قطر، فهي دولة بسيطة لكن دخل الفرد 85 الف دولار، والعراق دخل الفرد لا يتجاوز الـ5 آلاف الى سبعة، فكيف يرى السياسيون والمشرعون في البرلمان تحولاً او تغييرًا في الواقع، انا اعتقد أن غياب سياسة اقتصادية جيدة سيفتح الهوة باستمرار ومن جديد بين الجماهير والاطراف السياسيةولا توجد جهة سياسية تقدم برنامجها في فترة تنجز ما تقدم عليه، لأن هناك في الاساس غياب للبرنامج الحكومي الاقتصادي والسياسي عند جميع الكتلquot;.