تعتزم نورية حفصي القيادية في التجمع الوطني الديمقراطي، أحد أهم الاحزاب في الجزائر، الإطاحة بأحمد أويحيى الوزير الأول وأمين عام quot;التجمّعquot;، وذلك بعد انتخابات العاشر من أيار القادم، وتكشف حفصي لـ(إيلاف) عن بدء مخطط واسع على مستوى محافظات الجمهورية للتصدي للانحراف وسوء التسيير.

نورية حفصي القيادية في حزب التجمع الوطني الديمقراطي الجزائري

الجزائر: تعلن نورية حفصي القيادية في التجمع الوطني الديمقراطي (القوة السياسية الثانية في الجزائر) عزمها برفقة كثير من ناشطي الحزب على الإطاحة بقائد التشكيلة quot;أحمد أويحيىquot;، بعد انتخابات العاشر من أيار/مايو القادم، وتكشف عن بدء مخطط واسع على مستوى ولايات الجمهورية لإسقاط الرجل الذي يشغل أيضًا منصب الوزير الأول، ردًا على ما تسميه quot;انحرافًاquot; وquot;سوء تسييرquot;.

وفي مقابلة خاصة بــ(إيلاف)، عزت حفصي حراك أتباع التجمع إلى ممارسات غير مقبولة تسببت في رحيل غالبية مؤسسي التجمع بفعل تفشي التهميش والإقصاء، كما تقرّ المرأة التي ترأس اتحاد النساء الجزائريات بهيمنة ظاهرة quot;المال السياسي الوسخquot; في ضبط القوائم الانتخابية لكثير من الأحزاب في بلادها.

وفي ما يلي نصّ الحوار كاملاً:

أعلنتم قبل أيام الخروج عن خط الوزير الأول quot;أحمد أويحيىquot; الذي يتزعم حزب quot;التجمع الوطني الديمقراطيquot;، واتهمتم القيادة الحالية باختطاف التشكيلة من مناضليها الحقيقيين، كيف ذلك؟ وهل كلامكم يعني انحرافًا خلال الفترة القليلة الماضية، أم يشكّل تراكمًا لسياسات اعتمدت منذ نشوء الحزب في شتاء 1997؟

خروجي المعلن يوم 27 فبراير 2012، ليس عن خط الوزير الأول أحمد أويحيى، وإنما عن خط أويحيى بصفته quot;أمينًا عامًاquot; تبعًا لعدم رضا القواعد النضالية عن طريقة تسيير التجمع الذي أنا إحدى مؤسِساته.

ثم أنّ اتهامي لم يكن اتهامًا للقيادة الحالية للتجمع باختطاف الحزب من مناضليه quot;الحقيقيينquot;، بقدر ما هو عدم القبول بالانحراف عن التعامل بالسبل الديمقراطية في الحزب، إذ من المعلوم أنه تمّ في العام 1997، اتخاذ قرار بإنشاء التجمع من قبل الأسرة الثورية، ومن ذلك اليوم وكما يشهد به كثيرون، خاصة منهم مناضلي وكوادر التجمع، أنني كالعديد من زملاء النضال، عملنا على إرساء قواعد هذا الحزب الفتي، وعملنا على حفظه من الانزلاق والانحراف عن المسار الوطني، بالتركيز على كل ما من شأنه ترسيخ مبادئه التي أنشئ عليها، ولقد عمل كوادر الحزب على استمراريته على المنهج نفسه، وهو ما كان سببًا للحركة التصحيحية الأولى في عهد أحمد أويحيى، ومنذ ذلك اليوم بدأت عمليات تهميش وإقصاء الكثير من المناضلين خاصة بعض الكوادر، بدلاً من فتح باب الحوار والعمل على الإقناع والاقتناع.

إذا ما بحثنا عن مؤسسي الحزب فلم يتبقَ منهم في صفوف الحزب ما لا يزيد عن الخمسة أشخاص، وصار تشكيل المكتب الوطني وانتقاء المنسقين الولائيين يتم بحسب رغبة وقرارات الأمين العام وليس نتاج انتخاب ديمقراطي وسط هيئات الحزب.

تحدثتم عن استخدام أويحيى لـquot;نفوذه في قمع معارضيهquot;، وعن ظواهر quot;المال الانتخابي الوسخquot; وquot;الانتقائيةquot; في تحديد ممثلي الحزب، هل من توضيح لاسيما وأنّ التجمع الديمقراطي ظلّ بعيدًا عن زوابع طالت أحزابًا أخرى على غرار جبهة التحرير، حركة السلم، الإصلاح وغيرها؟

إنّ تعدد الآراء داخل أي تشكيلة حزبية أمر طبيعي ولا يمكن أن يكون غير ذلك، ولهذا كان اتخاذ القرار داخل أي هيئة بإرادة الأغلبية، وإن يكن غير ذلك ستكون دكتاتورية، كما قال فرعون لقومه {ما أريكم إلا ما أرى}.

لا شك أنّ المتمعن في المسار السياسي للكثير من الأحزاب يرى أن المال السياسي قد حلّ محل المواصفات الحزبية والشروط الانتقائية، وصرحت الداخلية الجزائرية أنّ عشرة أحزاب تورطت في ما يسمى بالترشيح عن طريق quot;الشكارةquot; (أكياس المال)، ولقد قيل في التجمع الوطني الديمقراطي أنّ تحديد القوائم الانتخابية أوكل للمنسقين الولائيين، وغُيّب بذلك أعضاء المكتب الوطني للحزب، والواقع أنّ القوائم خرجت من لقاء الأمين العام بكل منسق ولائي، فمن كان صاحب القرار؟

توعدّتم بإسقاط عرش أويحيى مباشرة بعد الانتخابات التشريعية المزمعة بعد شهر ونيف، ما الذي يجعلكم واثقين من نجاحكم في هذا quot;المسعى التصحيحيquot;، هل تحظون بتأييد كوادر الحزب وقواعده، بعد فشل تجارب رموز سابقة من قبل على منوال الذي حصل في حزيران/يونيو 2002 ؟

إنّ الانتفاضة على الظلم أو الغطرسة وغيرها من أشكال مصادرة الحقوق الخاصة والعامة في مجتمع ما، لن تكون رهينة التأكد المسبق من النجاح بقدر ما هو ردة فعل لمجموعة من الأفراد، يتولون قبل اتخاذ القرار أو بعده، عملية تجنيد الإمكانيات واختيار الظرف الزمني المناسب لإنجاح الثورة، ولنتذكر أن ثورة نوفمبر المجيدة التي حررت الوطن قد سبقت بثورات.

أحمد أويحيى

أحيطكم علمًا أنّ الاستعداد جارٍ عبر كافة ولايات الجزائر لتجسيد مسعى تصحيح مسار الحزب، بل إنّ التحركات بدأت في العاصمة بما يدفعني للقول إنّ العملية قد تتوّج قبل إجراء الانتخابات، خصوصًا مع انضمام عدد معتبر من المناضلين إلى المسعى.

وسط ما يُثار عن وجود امتعاض في صفوف مناضلي التجمع الديمقراطي إزاء إعداد قوائم المترشحين لاقتراع العاشر منأيار/مايو القادم، ألن يؤثر ذلك برأيكم على حظوظ الحزب في الظفر بنصيب محترم من المقاعد في البرلمان الجديد وكذلك في المجالس المحلية، وهل سيستفيد الحزب الغريم quot;جبهة التحريرquot; برفقة الإسلاميين من وضع كهذا؟

الغليان الذي كان نتاج القوائم الانتخابية التي اعتمدها quot;الحزبquot; أفرز عدم رضا المناضلين وحتى المواطنين عن متصدري القوائم على مستوى كثير من الولايات، هذا من حيث الكفاءات وغيرها من المواصفات التي كان يُفترض توفرها في المرشحين اعتبارًا لمصلحتي الحزب والوطن.

بحكم التواجد المكثف لوجوه نسوية بارزة في صدارة القوائم المتنافسة في الاقتراع البرلماني المقترب، هل تتصورون أنّ حضور بنات حواء سيكون قويًا في المجلس التشريعي المقبل؟

إنّ اعتماد القانون العضوي نسبة معينة لتدعيم المشاركة السياسية للمرأة، قد يكون له الأثر الطيب على نجاح المرأة في اقتحام مقاعد البرلمان بأعداد معتبرة، لكن ذلك يبقى مرهونًا بمدى توزع أصوات الناخبين بين الأحزاب، ومستوى النسب التي ستحصل عليها.

يقرأ مراقبون حالة الاحتقان التي تطبع راهن التجمع الديمقراطي على أنّها مؤشر عن تخبط في أعلى هرم السلطة، ما قولكم؟ وما تأثير سيناريوهات المرحلة القادمة على مرشح الحزب لانتخابات رئاسية يُتردد أنّها ستكون quot;مُسبقةquot;؟

لا أريد استباق الأحداث، وأنّ الأمر الذي يشغل الوطن حاليًا هو كيفية التمكن من الإصلاح بالطريقة السلمية، إذ يكفي الشعب ما عاشه من ويلات العشرية السوداء.

ثم إنّ التسابق الآن لا يجب أن يكون على كرسي الرئاسة بقدر ما يتركّز على مدى المساهمة في إنجاح الإصلاحات لتحقيق البناء الديمقراطي بصفة سلسة، وبعيدًا عن التجاذبات السياسوية وعن صراع مصالح البارونات (مافيا الداخل والخارج)، ولقد استطاع الوطن بفضل الشرفاء من أبنائه وبناته من تخطي كل العقبات وتذليل الصعاب، بالانتصار مرة أخرى على الظلم والظلامية، وقهر كل المناورات الاستعمارية.

كشفتم أنّ الوزير الأول أحمد أويحيى الذي ظلّ يبايع الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، أيّد الأخير مُكرهًا في رئاسيات نيسان/أبريل 2009، هل كان الوزير الأول الحالي مهتمًا بترشيح نفسه؟ أم كان يراهن على فارس آخر غير الحاكم الحالي للبلاد؟

ما جاء في تصريحي في الندوة الصحافية، من أنّ الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي قد تضايق كوني كأمينة عامة للاتحاد الوطني للنساء الجزائريات، أعلنت قبله عن مساندة ترشح عبد العزيز بوتفليقة لرئاسة الجمهورية، وللإنصاف ما كان ظاهرًا آنذاك، لم يوحِ بنيّته في الترشح أو المراهنة على مرشح آخر، بقدر ما هو كبح للمبادرات باعتبارها تمثل لديه خروجًا عن الطوع.