باريس: هل يمكن ان يحقق نيكولا ساركوزي انقلابا لا سابق له في تاريخ فرنسا الحديث؟ الناخبون هم الذين سيعطون بداية الرد على هذا السؤال في 22 نيسان/ابريل موعد الدورة الاولى من الاقتراع الرئاسي والفصل الاول من مواجهته مع الاشتراكي فرنسوا هولاند.

ففي نهاية 2011، كان بعض المسؤولين في معسكر ساركوزي يتساءلون في جلساتهم الخاصة ما اذا كان من الافضل اختيار مرشح آخر في وضع افضل في اليمين الفرنسي. وكانت استطلاعات الرأي تشير الى تراجع شعبيته الى حد لم يصله احد قبله، وتتوقع هزيمته في الدورة الثانية امام خصمه بعد حصوله على اربعين بالمئة من الاصوات قابل ستين بالمئة لهولاند، وهذا ان فاز في الدورة الاولى.

وقبل 13 يوما من الاقتراع، عاد ساركوزي بقوة الى السباق مستفيدا من الاحداث ومن حملة فعالة وجريئة، وان كان هولاند ما زال متقدما. وتشير كل الاستطلاعات الى ان رئاسة خامس قوة في العالم ستعود الى احد هذين الرجلين اذ ان ايا من المرشحين الثمانية الآخرين ليس قادرا في هذه المرحلة على التأهل للدورة الثانية من الاقتراع التي ستجرى في السادس من ايار/مايو.

وباسلوب استفزازي، يعبر ساركوزي باستمرار عن ثقته بالفوز. وقد قال مؤخرا لصحافي في صحيفة لوموند quot;سافوز وساقول لك لماذا. هذا ليس جيدا وبدأ يظهر بوضوح. هولاند فاشلquot;. ويرد خصمه انه من غير الوارد ان ينزل الى هذا المستوى ويجيب على هذا النوع من الهجمات.

وفرنسوا هولاند ونيكولا ساركوزي اللذان يبلغ كل منهما 57 عاما، مختلفان الى حد كبير. والمرشح الاشتراكي رجل دمث ويؤمن بالتوافق. وبعد خمس سنوات في الرئاسة، يراهن الرئيس المنتهية ولايته على تجميع معسكره، اي اليمين،

والتعويض عن تأخره في الاستطلاعات ليقدم نفسه وخلافا لكل التوقعات، quot;كمرشح للشعبquot; في مواجهة النخب. وقد تبنى خطابا متشددا حيال الهجرة اقرب الى رأي مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن. وقال quot;لدينا عدد مفرط من الاجانب على اراضيناquot;.

وادت الصدمة الوطنية التي نجمت عن قيام الشاب الجهادي محمد مراح بقتل سبعة اشخاص الى تعزيز اهمية الجانب الامني. وقد تضاعفت الاعتقالات التي شملت اسلاميين متشددين وحظيت بتغطية اعلامية واسعة.

وبينما ينوي ثلث الفرنسيين الذين لم تعجبهم حملة لا تلبي تطلعاتهم الاساسية (الوظيفة، السكن)، الامتناع عن التصويت يؤكد ساركوزي العكس. ويقول لصحيفة جورنال دو ديمانش ان الانتخابات ستشهد تعبئة، موضحا quot;اشعر بالموجة تشتدquot;.

وفي مواجهته، يتابع هولاند مسيرته بدون مفاجآت. فهذا الاشتراكي الاصلاحي والاقرب الى الاعتدال، ذو المظهر العادي ويصف نفسه بانه quot;عاديquot; لم يتمكن من الظهور الا بعد استبعاد دومينيك ستروس كان المدير السابق لصندوق النقد الدولي المتهم باغتصاب خادمة في فندق في نيويورك.

لكن استطلاعات الرأي التي تؤكد تقدمه بفارق كبير منذ عام، تراجعت في الاسابيع الاخيرة. فقد اصبحت تشير الى ان ساركوزي سيفوز في الدورة الاولى (اكثر بقليل من ثلاثين بالمئة) على الاشتراكي بفارق بين نقطة واربع نقاط.

وفي الدورة الثانية سيفوز هولاند بما بين 53 و55 بالمئة من الاصوات. وما يؤثر على هولاند خصوصا هو الاختراق الذي حققه جان لوك ميلانشون الذي كان ظاهرة حقيقية في الحملة. فهذا الخطيب في اليسار الراديكالي الذي ترجح الاستطلاعات حصوله على 15 بالمئة من الاصوات، يثير اهتمام حشود كبيرة ويشير الى وجود ناخبين لا ترضيهم الواقعية السياسية للاشتراكيين.

وتبنى فرنسوا هولاند الذي يقول انه مرشح quot;يسار جدي لا يخي الآمالquot; اهداف خفض العجز العام التي طرحها اليمين. ويقول ان العجز سيكون صفرا في 2017 بينما يتحدث الرئيس المنتهية ولايته عن سنة 2016.

وشدد الاشتراكي على ااعائدات الضريبية الجديدة التي سيتم تحصيلها من الاكثر ثراء. ويصر اليمين على مواصلة الاقتطاعات في النفقات العامة في اوروبا الغارقة في الديون. وظهور جان لوك ميلانشون وخطاب ساركوزي المعادي للهجرة يطغيان ايضا على مارين لوبن التي لن تكرر على ما يبدو تأهل والدها جان ماري الى الدورة الثانية في 2002.

وفي الوسط تسود خيبة الامل. فعلى الرغم من شعبيته، يمكن لفرنسوا بايرو الذي حل ثالثا في 2007 بحصوله على 18,6 بالمئة من الاصوات الا يتجاوز المرتبة الخامسة في هذا الاقتراع.