استخدم الرجل الذي كان أعلى سلطة دينية في بريطانيا على مدى 11 عامًا لغة نارية ليدين ما يصفه بحرمان المسيحيين من وظائفهم ودفعهم لممارسة شعائرهم سرًّا. وبلغ الأمر به حد وصف الوضع بأنه laquo;اضطهاد دينيraquo; في بلاد تدين أصلاً بالمسيحية.


الصليب في قلب معركة الحرية الدينية الأخيرة

يعاني المسيحيون في بريطانيا اضطهادًا تتبدى مظاهره في اعتبارهم متطرفين وطردهم من وظائفهم وإجبارهم على التمسك بقيمهم وممارسة شعائرهم laquo;تحت الأرضraquo;... وكل هذا عبر القنوات القضائية التي لا ترحم، وفقًا لشكوى كبير أساقفة كانتربري السابق اللورد جورج كيري لصحيفة laquo;ديلي تليغرافraquo;.

وقال كيري، الذي كان أعلى سلطة دينية في بريطانيا من 1991 حتى 2002، إن المسيحيين laquo;يتعرضون الآن لنوع التمييز الذي كان يعامل به المثليون في وقت ماraquo;. وقال أيضاً إن الحملات الداعية لصون حقوق الإنسان laquo;ذهبت الى ما هو أبعد من اللازم وصارت مدفوعة بالغرض السياسيraquo;.

وكان اللورد كيري يتحدث في سياق قضيتين رفعتهما امرأتان الى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وقالتا فيهما إنهما تعرضتا للتمييز الديني وأن القوانين البريطانية تحرمهما من حريتهما العقائدية لأن الإدارة في كل من مكاني عملهما حرمت عليهما ارتداء الصليب خلال ساعات الدوام.

اللورد كيري
يذكر أن معركة الصليب هذه تفجرت بعدما رفضت المرأتان، وهما نادية عويضة وهي موظفة سابقة في laquo;بريتيش ايرويزraquo;، وشيرلي تشابلن وهي ممرضة، الانصياع لقانون يحظر ارتداء هذا الرمز الديني اثناء ساعات العمل. وتعود قضية عويضة الى العام 2006 عندما قررت إدارة laquo;بريتيش ايرويزraquo; منعها من العمل بعد إصرارها على ارتدائه مخالفة بذلك لوائح الزي الرسمي.

وقالت هذه المرأة (61 عامًا) إن قرار الشركة يميّز ضدها كمسيحية laquo;لأنها تسمح لأتباع ديانات أخرى بارتداء ما تمليه عليهم معتقداتهمraquo;. لكنها خسرت دعواها القضائية في المحكمة العليا البريطانية ولذا رفعت الأمر برمته الى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وستصدر هذه المحكمة قرارها بهذا الشأن في 4 سبتمبر / ايلول المقبل.

ويضم هذا الإطار نفسه الممرضة شيرلي تشابلن (56 عامًا) التي فُصلت من عملها بعد 31 سنة فيه بسبب إصرارها على ارتداء الصليب أثناء ساعات الدوام. وأضافت السلطات الصحية في ديفون آند إكزيتر - حيث كانت تعمل - إن ارتداء الرموز الدينية ينتهك ايضًا لوائح تحوطات النظافة والسلامة الطبية الواجب اتباعها في سائر دور العلاج.

وتحدث كبير أساقفة كانتربري السابق منطلقًا من هاتين القضيتين، فقال إن المسيحيين البريطانيين laquo;باتوا هم الذين يتعرضون للاضطهاد لأن البلاد وقعت في قبضة الحمّى العلمانيةraquo;. وقال إنهم laquo;صاروا يدفعون الثمن بحرمانهم من أكل عيشهم، فقط لأنهم يتمسكون بشعائر وممارسات لا تمس الصالح العام بأي ضرر كانraquo;.

وتقول حكومة ديفيد كامرون إن ارتداء الصليب laquo;ليس من شروط اعتناق المسيحية ولهذا يحق للمخدمين طرد العاملين الذين يصرّون على ارتدائهraquo;. لكن اللورد كيري يرد على هذا بالقول: laquo;الحجة التي تقف وراءها الحكومة تقوم على ادعائها فهم الأمور والشعائر الدينية وهذا ليس صحيحًا لأنها تفتقر تمامًا الى الخبرة في هذا المجالraquo;.