أحدهم يلتقط صورة تذكارية لطفلته على أرض المجمع |
بعد مقتل أسامة بن لادن سارعت السلطات الباكستانية إلى هدم مجمعه السكني وتخلصت من بقية أفراد أسرته، لكن هذا لا يعني أن الحجارة التي بني منها المجمع نفسه لفظت تاريخه. ولهذا فقد صار الآن حلقة أخرى في سلسلة تشكّل بدورها جزءًا لا يتجزأ من تاريخ البلاد.
بعد مقتل زعيم القاعدة في مايو/ أيار من العام الماضي، اتخذت السلطات الباكستانية قرارًا سياسيًا - أمنيًا بهدم المجمع السكني، الذي أقام فيه مع بعض أفراد أسرته وحرسه الخاص سنوات عمره الأخيرة في بلدة أبوت أباد في شمال شرق البلاد.
والآن تقول صحيفة laquo;ديلي تليغرافraquo; البريطانية إن مخلفات هذا الهدم معروضة للبيع laquo;حجرًا حجرًاraquo; على حد تعبيرها، وإن هذا يشمل كل شيء، بما في ذلك هوائي التلفزيون المصنّع منزليًا. وقالت إن الجهة البائعة هي شركة المقولات التي تولت عملية هدم المجمع ذي الطبقات الثلاث.
ونقلت الصحيفة عن شقيل أحمد، وهو صاحب شركة المقاولات التي تولت هدم المجمع، قوله إن أرضه laquo;صارت قبلة للزوّار الحريصين على الحصول على أي شيء منها يمكن أن يعتبر تذكارًا. فعلى الأقل دخل هذا الرجل التاريخ، سواء باعتباره زعيم أكبر شبكة إرهابية في تاريخ العالم، كما ينظر إليه البعض، أو بطلاً في وجه الاستعمار لدى البعض الآخرraquo;.
وقال أحمد وهو يشير الى نحو 180 ألفقطعة حجرمن مخلفات المجمع: laquo;يستطيع الناس استخدام هذه الحجارة لبناء منازل جديدة. لكن العديد منهم يحرص على اقتناء القليل واحدة أو اثنتين على سبيل التذكار والهدايا الخاصةraquo;.
جاء هدم المجمع انطلاقًا من حرص قادة باكستان السياسيين والعسكريين على محو كل الآثار المتعلقة بزعيم laquo;القاعدةraquo; وإقامته على أراضيها. ومرد هذا بالطبع هو الحرج البالغ الذي أصابهم على ضوء هذه الحقيقة. فإما أنهم استضافوه وآووه رغم موقفهم المعلن من الحرب على الإرهاب الدولي، أو أنه أقام سنوات بينهم من دون علمهم، وهو ما يدمغ أجهزة استخباراتهم بغياب الكفاءة التام.
هدم المجمع ليس الوحيد في المساعي الباكستانية الى محو آثار بن لادن. فقد توصلت السلطات الى استصدار امر قضائي يقضي على زوجاته وأبنائه وأحفاده بالإقامة المنزلية الجبرية قبل ترحيلهم جميعًا الى جهة يعتقد أنها المملكة العربية السعودية قبل نحو اسبوعين.
ويقول شقيل أحمد إنه تلقى الضوء الأخضر من السلطات لبيعحجارة المجمع laquo;لكنّ المقاولين الآخرين امتنعوا عن الشراء بدافع الخوفraquo;. لذا فقد اشتراه هو بنفسه بـ500 ألف روبية (حوالي 5 آلاف و300 دولار). وهو يعرضه للبيع الآن بما يعادل ثلاثين دولارًا للألف طوبة، وهي أقل عدد يمكن للشاري الحصول عليه.
إضافة الى هذا حصل أحمد على مخلفات المجمع الأخرى، بما فيها زيت الطبخ. لكنه، كما قال، يخشى غضب الأصوليين في حال بدأ بيعها. ويضيف قوله في هذا الصدد: laquo;أسرتي في أشد القلق على سلامتي منذ أن توليت هدم المجمع. ولذا فقد أحطت نفسي بعدد من الحراس الشخصيين الذين يلازمونني أينما توجهتraquo;.
في غضون كل هذا تحولت أرض المجمع الى ملعب كريكيت للصبيان، وبمباركة معظم أهل البلدة الذين يودون على نحو ما لو أن بن لادن اختار غيرها بسبب كل الأضواء الإعلامية التي سلطت على حياتهم اليومية العادية. والواقع أن الأمر برمته بدأ يفقد الحدود بين الواقع والخيال.
على سبيل المثال، فهناك زين محمود الذي باع أرض المجمع لرجلين من البشتون اتضح لاحقًا أنهما اشترياها نيابة عن بن لادن. وبعيد مقتل زعيم القاعدة أمضى محمود 20 يومًا في السجن رهينًا للتحقيقات حول علاقته بتنظيم القاعدة وزعيمها.
لكنه يقول الآن: laquo;أعتقد أن المسألة برمتها فبركة كبيرة. بن لادن لم يعش في هذا المجمع، إذ لم نره على الإطلاق. ابني كان يعتني بالحديقة، ولم تقع عيناه عليه مطلقًا. لو انهم قتلوا أحدًا، فهو ليس بن لادن، وإنما شخص آخرraquo;.
التعليقات