وجهت نائبة عن الحزب اليميني الحاكم في فرنسا انتقادات لاذعة لنجاة فولود بلقاسم، المتحدثة باسم المرشح الاشتراكي للانتخابات الرئاسية فرانسوا هولاند، وذلك على خلفية انتمائها إلى مجلس الجالية المغربي، الذي أكدت أنها أوقفت نشاطها ضمنه.

نجاة فولود بلقاسم برفقة المرشح الاشتراكي للانتخابات الفرنسية فرانسوا هولاند

باريس: فسرت النائبة اليمينية فليري روسو دوبور انتماء نجاة فولود بلقاسم، المتحدثة باسم فرانسوا هولاند، إلى مجلس الجالية المغربي على أنه مساهمة في quot;تقوية الثقافة المغربية لدى مغاربة المهجر وإبداء رأي استشاري حول التربية الدينية، الشيء الذي يتعارض مع قيم الجمهورية الفرنسيةquot;، بحسب قولها.

أكدت النائبة عن الأغلبية الحاكمة أن quot;المغرب بلد صديق إلا أن تواجد منتخبة فرنسية في هذا المجلس مزعج للغاية ونجاة فولود بلقاسم تسارع إلى التعبير عن غضبها عندما يثير حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية موضوع الهوية الفرنسية، في حين تقوم بالدفاع عن الهوية المغربيةquot;، مطالبة فرانسوا هولاند quot;بتقديم تفسيراتquot;.

لم تنفِ نجاة بلقاسم أنها كانت عضوًا في هذا المجلس من سنة 2007 حتى 2011 وبشكل تطوعي، لكنها انسحبت منه في وقت لاحق وأن انخراطها فيه كان quot;بهدف تعزيز حوار الحضاراتquot;، مستغربة quot;إثارة هذا الأمر سبعة أيام قبل الانتخاباتquot;.

كما ردت نجاة بلقاسم على منتقديها قائلة: quot;في هذا الظرف الانتخابي لست أنا التي استهدفت وإنما فكرة معينة لفرنسا، الحق في ازدواجية الجنسية، وهو حق رائع منغرس في تاريخ بلدناquot;.

في السياق نفسه، تتابع الناطقة باسم مرشح الاشتراكيين للرئاسيات،quot; أنا مهاجرة من الجيل الأول، منتوج خالص لما يسميه البعض quot;الهجرة المتحملةquot; واليوم فرنسية كليًا من دون أن أتستر تحت حصير جذوريquot;.

كما تشعر، تقول القيادية الاشتراكية، quot;بإنسجامي مع جنسيتي المزدوجة، وهذا يمكن أن يكون غنى بالنسبة لأطفالي. الهوية الوطنية هي كذلك بوتقة ثقافية تثرى بما يحمله لها جميع الفرنسيين بتعددهم الثقافي والذين يبنون جميعًا تاريخًا مشتركًاquot;.

مزهر: بلقاسم وقعت في خطأ سياسي

يتفق الباحث والمحلل السياسي عبد الرحيم مزهر مع ما جاء على لسان النائبة عن الأغلبية اليمينية فليري روسو دوبور من زاوية أنه quot;لا يمكن لنجاة بلقاسم كشخصية سياسية فرنسية أن تنضم إلى هذه المؤسسة، التي لم تعتمد المنهجية الديمقراطية في اختيار أعضائهاquot;، في إشارة إلى مجلس الجالية المغربي.

وقال مزهر في حديث لـ(إيلاف): quot;حتى وإن كان المجلس يرأسه شخص له تاريخه النضالي في حقوق الإنسان إلا أن هذه المؤسسة عرفت العديد من المشاكل أولها المماطلة في المرور من المرحلة الانتقالية التي اعتمد فيها على منطق التعيينات إلى المرحلة الديمقراطية بانتخاب أعضائهاquot;.

يرى محدثناأن انتماء المتحدثة باسم المرشح الأوفر حظًا للفوز في انتخابات الرئاسة الفرنسية إلى مؤسسة مغربية في فترة من الفترات quot;خطأ سياسي، لحسن حظ الاشتراكيين أن الفترة التي تفصلنا عن الدور الثاني من هذه الانتخابات لا تسمح لليمين باستغلاله لحسابه وجعله موضوعًا للحملة ضمن مواضيع الهجرةquot;.

ويقول مزهر إن quot;نجاة بلقاسم بإمكانها أو غيرها من الشخصيات المنحدرة من الهجرة أن تقدم الشيء الكثير انطلاقًا من موقعها إلى الشريحة التي تنتمي إليها هنا في فرنسا باعتبار أن مشاكلها متعددة كما أنها يمكن أن تقدم صورة إيجابية عن بلدها الأصلي من دون أن تنضم إلى إحدى مؤسساتهquot;.

مثل هذه المؤسسات، برأي ضيفنا، quot;من الأفضل أن تكون منحصرة على الأشخاص المستقرين في فرنسا، والذين لا يحملون جنسية بلد إقامتهم، لأنهم يمثلون الشريحة التي هي في حاجة أكثر لدعم ومساعدة بلدهم، وبالنسبة للمجنسين يكون من الأنسبأن ينخرطوافي المؤسسات المحليةكي يخدموا القيم التي تعنيهم من عيش مشترك، تساوي الفرص، الاندماج وغيرها من دون أن يعني هذا التفريط في علاقتهم مع بلدهم الأصليquot;.

بخصوص الأصوات اليمينية المتشددة التي تطالب بالانصهار الكلي للقادمين من بقاع أخرى من العالم في المجتمع الفرنسي والتخلي بذلك عن هويتهم الأصلية، يجيب مزهر على كون هذا الأمر quot;مستحيلاً لأن المشكل ذاته يعيشه الكثير من الشباب المولود هناquot;،في إيحاء لما أصبح يعرف quot;بالتمزق الهوياتيquot; لدى هؤلاء.

الخطير في الأمر، يضيف مزهر، أن quot;هناك من يردد اليوم من اليمين المتشدد أن هؤلاء يمحون ثقافتنا وعلينا أن نوقف الهجرةquot;، وهو تحليل للأمور برأيه quot;هو مختزل لا يفيد في أي شيء، اللهم المزيد من النقاش العقيم لأن تعدد الثقافات داخل الهوية الواحدة ما هو إلا ثراء لهاquot;.

لا يخفي هذا الباحث quot;أن المثقفين المنحدرين من الهجرة يتحملون جزءاً من المسؤولية في الواقع الحالي الذي يعيشه أبناء جلدتهمquot;، متحدثًا عن نوع من quot;الأنانية تسود في صفوفهم نائيين بأنفسهم عن أي انخراط فعلي في المجتمع المدني ولعب أدوار في النقاشات التي يعرفها هذا البلدquot;.

انتقادات لاذعة

سبق للقيادية الاشتراكية أن أثارت ضجة إعلامية بعد أن هاجمت الرئيس المرشح نيكولا ساركوزي حيث اعتبرت أسلوبه quot;خليطًا بين سيلفيو بيرليسكوني وفلاديمير بوتين وليست له علاقة بأنجيلا ميركل، مع فراغ إيديولوجي بالنسبة للأول وشراسة الثانيquot;.

النائب اليميني فرانك ريستر اعتبر حينها توصيف نجاة بلقاسم لساركوزي quot;مرحلة إضافية في معاداة الساركوزية القائمة في الاستراتيجية السياسيةquot;، فيما رأى غيوم بلتير الكاتب الوطني للحزب الحاكم أن quot;المتحدثة باسم هولاند حصلت على جائزة quot;سيزارquot; في الشتم المنحط جدًاquot;.

يتنبأ الملاحظون الفرنسيون لهذه القادمة من الريف المغربي برفقة أسرتها أواخر السبعينات وعمرها لا يتعدى الخمس سنوات بـquot;مستقبل سياسي زاهرquot; لما تملكه من مهارات في الخطابة السياسية حتى أن البعض يرى فيها كاتبة سياسية كبيرة في تعاطيها مع المصطلحات زيادة على تكوينها الأكاديمي إذ إنها تحمل دبلومًا في العلوم السياسية.

ليس مستبعدًا أن تُعيّن بلقاسم وزيرة في حالة فوز هولاند في الانتخابات، إن لم يفضل الأخير أن يحتفظ بها ضمن دائرته الضيقة كمستشارة له أو يوكل لها مهمة أخرى في قصر الإليزيه، وهو ما قد يضمن وجود شخصية من أصول مغاربية غدًا في الحكم في حالة فوز الاشتراكيين المتوقع جدًا.