أعاد الملك عبدالله بن عبدالعزيز الحياة الدبلوماسية إلى العلاقات بين الرياض والقاهرة، في أقل من أسبوع على استدعائه السفير السعودي في مصر وإغلاقه السفارة هناك، بعد أحداث وغضب تراكمي من قبل عدد من الحركيين المصريين، موجّهًا خلال استقباله وفدًا مصريًا اليوم بعودة السفير إلى عمله الأحد المقبل.


الملك عبد الله مع الوفد المصري الذي زار الرياض

عبدالله آل هيضه من الرياض: طوى العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز صفحة خلاف لم تدم أسبوعًا، كانت اشتعلت بعد اعتداءات من قبل مجموعات مصرية على السفارة السعودية في القاهرة خلال الأسابيع الماضية.

حيث أمر الملك عبدالله بعودة السفير السعودي لدى مصر، وإعادة افتتاح السفارة وقنصلياتها هناك ابتداء من الأحد المقبل، تقديرًا من العاهل السعودي للوفد المصري الرفيع، الذي يزور الرياض، ونظرًا إلى ما أبداه من مشاعر نبيلة وصادقة تجاه المملكة، بحسب بيان لمصدر سعودي مسؤول.

وقال الملك عبدالله خلال استقباله لأكثر من 120 شخصية مصرية رفيعة المستوى من جمهورية مصر العربية، يتقدمهم رئيس مجلس الشعب الدكتور محمد سعد الكتاتني، ورئيس مجلس الشورى الدكتور أحمد فهمي وعدد من أعضاء مجلسي الشورى والشعب، وأبرز القيادات السياسية، إضافة إلى ممثلي القطاعات في مصر، إن لـquot;مصر، بهمومها وآمالها وطموحاتها، المكانة الكبيرة في قلب المملكة والعكس صحيحquot;.

الملك السعودي قال مذكرًا في مستهل كلمته التي ألقاها اليوم أمام الوفد المصري إن quot;التاريخ المشترك بين بلدينا، والقائم على وحدة الدين والنصرة في الحق، ليس صفحة عابرة، يمكن لأي كائن من كان أن يعبث بها. بل هو بالنسبة إلينا أولوية لا تقبل الجدل أو المساومة عليها، أو السماح لأي فعل أن يلغيها أو يهمّشها، فهي تقوم في حالة الخلاف على أسس العتب، لا على قواعد الخصومةquot;.

وأضاف الملك السعودي في كلمته quot;إن العتب بين الأشقاء باب واسع تدخل منه العقلانية والوعي لحل أي شوائب تسود تلك العلاقات، ونقول إن مصر بهمومها وآمالها وطموحاتها لها في قلب المملكة المكانة الكبيرة والعكس صحيحquot;.

لم يخفِ العاهل السعودي ألمه مما حدث في الآونة الأخيرة من تداعيات في العلاقة بين البلدين، قائلاً إنه quot;أمر يؤلم كل مواطن سعودي ومصري شريفquot;، مضيفًا أن قراره باستدعاء السفير وإغلاق السفارة ليس سوى لحماية منسوبيها من أمور قد تتطور إلى ما لا تحمد عقباها. وطالب الملك عبدالله من الإعلامين السعودي والمصري quot;أن يقولا خيرًا أو يصمتاquot;.

المزيد: الملك عبدالله رجل quot;عروبيquot;
الكاتب السعودي علي المزيد قال في اتصال هاتفي مع quot;إيلافquot; من مصر حيث إقامته، إن توجيه الملك عبدالله بعودة السفير ليس إلا quot;دلالةquot; على أن الملك عبدالله رجل عروبي يهمّه أمر أشقائه في الدول العربية كافةquot;. وأضاف المزيد أن الملك عبدالله quot;رد بأخلاقياته الحميدة على كل المسيئين إليه وللشعب السعودي بالعفو والصفحquot;.

عودة العلاقات الودية بين الشعبين السعودي والمصري

وعن رد الفعل المصري تجاه الموقف السعودي، قال إن المصريين كافة يعلمون قيمة أن تكون السعودية إلى جانبهم خلال مراحل سير الجمهورية الجديدة المقبلة، وأن هذا الموقف وفق قوله سيساهم في تحفيز المصريين على توحيد الصف بعيدًا عن quot;أهواء بعض الحركيين المسيئين إلى العلاقات العتيقة والجذرية بين أكبر بلدين في الشرق الأوسطquot;.

ولم يبدِ الكاتب السعودي استغرابه من الموقف الذي أعلنه الملك عبدالله،وأنه كان متوقعًا ذلك بمجرد موافقة الحكومة السعودية على قدوم الوفد، وأن السعودية لم تغلق بابها أمام أي شقيق لها، حتى وإن كان ظالمًا، مستشهدًا في ختام حديثه لـquot;إيلافquot; بموقف العاهل السعودي من العفو عن الليبيين، الذين دبّروا لمحاولة اغتياله قبل ثلاث سنوات.

الكتاتني يطلب من الملك عودة السفير مع الوفد المصري
وخلال استقبال الملك السعودي، قال رئيس مجلس الشعب المصري محمد الكتاتني إن الشعب المصري تربطه بالشعب السعودي أواصر متينة وعميقة عبر التاريخ لا يمكن أن تتأثر بحادث عابر، يتم هنا أو هناك، قائلاً إنه، ومن منطلق العلاقة القوية بين شعبينا، لا بد أن نتجاوز هذه الأحداث العابرة، ولا ندعها تعكّر صفو العلاقات بين البلدين.

وأضاف أن المملكة العربية السعودية تهفو إليها القلوب والأفئدة، لأن الأماكن المقدسة في المملكة كـ quot;مكة المكرمةquot; وquot;المدينة المنورةquot; أعز مقدسات المسلمين، والشعب المصري يكنّ تحية إعزاز وتقدير للمملكة العربية السعودية التي وقفت معه في المواقف التي كان يحتاج فيها دعم الأصدقاء.

مذكرًا بوقوف المملكة بقيادة الملك فيصل في حينه في حرب 73 مع أشقائهم في مصر، وكان لهذا الدعم أثر بالغ في سير المعركة، وأيضاً بعد ثورة 25 يناير كانت المملكة العربية السعودية من أوائل المبادرين بالدعم لأشقائهم في مصر. راجيًا من الملك السعودي أن يعود السفير معهم وعلى الطائرة نفسها إلى القاهرة ليباشر عمله.

وكانت السعودية أغلقت سفارتها السبت الماضي في القاهرة وملحقيتيها في السويس والإسكندرية، بعد محاولات من مصريين اقتحام السفارة والإساءة إلى الحكومة السعودية وشعبها، احتجاجًا على احتجاز السعودية المحامي المصري أحمد الجيزاوي، المتهم بحيازة حبوب مخدرة أثناء القبض عليه عند وصوله إلى مطار الملك عبدالعزيز في جدة، مرددين هتافات مناهضة للمملكة، ومطالببين بالإفراج فورًا عن الجيزاوي.