مع قرب انطلاق الجولة الثانية من المحادثات النووية بين إيران ومجموعة 5 + 1 في العاصمة العراقية، بغداد، أشار محللون في الجمهورية الإسلامية إلى أن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أكسب تلك المفاوضات المقبلة شرعية لم يسبق لها مثيل.


خامنئي سوف يتوقع من مفاوضي بلاده أن يتخذوا موقفاً متشدداً بشأن الاتفاقات النووية الأخيرة

أشرف أبوجلالة من القاهرة: لفتت اليوم صحيفة quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; الأميركية إلى أن خامنئي، الذي يلعب عادةً دوراً أساسياً في ما وراء الكواليس الخاصة بالسياسات الخارجية للجمهورية الإيرانية، يرى أن المشاركة غير المتحفظة في المحادثات الإيرانية الحالية تنقل رسالة، مفادها أن المفاوضين الإيرانيين يمتلكون موافقته الصريحة.

وهو ما يعني أن تعهداتهم الأخيرة لن يتم الاعتراض عليها من جانب نواب البرلمان الإيراني في طهران، كما سبق وأن حدث في أعقاب المفاوضات النووية، التي خاضتها البلاد عام 2009. كما يعني ذلك أن المرشد الأعلى الإيراني، المعروف أنه لا يثق منذ مدة طويلة في النوايا الأميركية، سوف يتوقع من مفاوضي بلاده أن يتخذوا موقفاً متشدداً بشأن الاتفاقات النووية الأخيرة، وفقاً لما ذكره محللون محليون.

ومضت الصحيفة تنقل عن محلل يقيم في طهران، بعد رفضه الكشف عن هويته، لأنه غير مخوّل له التحدث إلى وسائل الإعلام، قوله: quot;تعتبر مشاركة المرشد الواضحة في العملية برمتها تحولاً كبيراً، لأنه لم يسبق أن فعل ذلك من قبل حتى الآن. وهو ما يعني أن المفاوضين الإيرانيين سيحظون بقدر أكبر من الحرية في التنازلات التي سيقدمونها، وأنهم سيلتزمون بما سيقطعونه على أنفسهم من تعهدات على هذا الصعيدquot;.

وتابع المحلل quot;لذا، ستدخل إيران في مفاوضات. لكن المرشد الأعلى يحظى باليد الطولى في السياسة الخارجية لاعتقاده أن الرئيس أحمدي نجاد كان يساوم بشكل كبير في الماضيquot;.

وفي حديث له قبل أيام مع وسائل الإعلام المحلية، قال كبير مستشاري المرشد الأعلى الإيراني إن أقل ما تتوقعه طهران من محادثات الثالث والعشرين من شهر أيار/ مايو الجاري في بغداد هو رفع العقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية. وفي تشرين الأول/ أكتوبر عام 2009، توصل مفاوضو إيران النوويون إلى اتفاق مع مجموعة 5 + 1 لشحن اليورانيوم منخفض التخصيب الخاص بها خارج البلاد مقابل الحصول على وقود عالي التكرير جاهز للاستخدام في مفاعل بحثي طبي.

غير أن المناقشات التي كانت قائمة ين الجانبين قد توقفت، بعدما طالبت إيران بإجراء تغييرات في الاتفاق الأولي. ومنذ ذلك الحين، وواشنطن تستعين بعقوبات اقتصادية صارمة ضد النظام المالي الإيراني، باعتباره مكوناً أساسياً في استراتيجيتها، التي ترمي من ورائها إلى إجبار طهران على الجلوس على طاولة التفاوض.

ثم مضت الصحيفة تتحدث عن حقيقة الأضرار التي طالت الحكومة الإيرانية، جراء العقوبات التي فرضت على البلاد، لاسيما في ما يخص مبيعات النفط وطبيعة عمل المصارف الإيرانية.

وأعقبت كريستيان ساينس مونيتور بقولها إنه في حال تعرّض بقاء الجمهورية الإسلامية للخطر، فإنه من المتوقع على نطاق واسع أن يوافق خامنئي، الذي يمتلك قول الفصل في كل شؤون الدولة، على تقديم تنازلات. لكن دراية الشعب باشتراك المرشد الأعلى في المحادثات تعني أنه سيتوجب على مفاوضي إيران أن ينتهجوا موقفاً متشدداً تجاه الشكل الذي ينبغي أن تأخذه تلك التنازلات في نهاية المطاف.

وتابعت الصحيفة بقولها إن المحادثات المقبلة ينظر إليها في كثير من الدوائر الحكومية باعتبارها لحظة حقيقة للنظام الإسلامي في إيران. وقال هنا واحد من أبرز مسؤولي الحكومة الإيرانية بعد رفضه الكشف عن هويته: quot;حين اتخذ آية الله الخميني قراره بإنهاء الحرب التي كانت مشتعلة بين إيران والعراق، فإنه قد تناول حينها (السم). ولمصلحة المنظومة، ربما يقرر النظام مرة أخرى أن يتناول (السم)quot;.

وفي الوقت نفسه، لا يرى محللون أن النخبة الحاكمة في إيران لا تزال تشعر بالقلق إلى حد كبير من أن تحاول أميركا وأوروبا تحقيق تغييرات أساسية أبعد من الملف النووي. وفي واشنطن، لايزال المحللون يتعاملون بتفاؤل حذر مع النطاق الخاص بأي تنازلات نووية سوف يوافق المفاوضون الإيرانيون على التقدم بها في نهاية المطاف.

وختمت الصحيفة الأميركية حديثها بنقلها عن علي رضا نادر، محلل سياسة بارز في مؤسسة راند في ولاية فرجينيا، قوله: quot;هناك مؤشرات تدل على أن إيران ربما تهيئ طبقة النخبة والمواطنين العاديين لشكل من أشكال الاتفاق. لكن الجانب الإيراني سيبحث أيضاً رفع بعض العقوبات، وهو الأمر الذي قد يكون أكثر صعوبةquot;.