قررت محكمة عراقية إطلاق سراح أحد قادة حزب الله والمتهم بقتل جنود أميركيين وتدريب جماعات عراقية مسلحة بعد أكثر من خمس سنوات من التوقيف لعدم كفاية الأدلة في التهم الموجهة اليه.


أمستردام: شهد يوم أمس الاثنين إطلاق سراح أحد قادة حزب الله والمتهم بقتل جنود أميركيين وتدريب جماعات عراقية مسلحة كانت تهاجم القوات الاميركية والعراقية خلال سنوات ما قبل الانسحاب الأميركي من العراق نهاية العام الماضي.

وقالت مصادر عراقية متطابقة في وزارة الداخلية وتنظيم عصائب أهل الحق لـquot;ايلافquot; إن المحكمة العراقية قررت اطلاق سراح علي موسى دقدوق الاثنين 7 مايو 2012 بعد أكثر من خمس سنوات من التوقيف لعدم كفاية الأدلة في التهم الموجهة اليه، باعتبارها تهما ظنية. وحتى تهمة تجاوز الحدود والتي يعاقب عليها القانون العراقي بخمس سنوات سجن تم اعتبار مدة التوقيف التي تجاوزتها كافية.

وكان محامي دقدوق العراقي عبد المهدي المطيري قال لوكالات الانباء نهار الاثنين: quot;قرر القضاء العراقي إسقاط جميع التهم والافراج عنه من دون ضمانات لعدم كفاية الأدلة، ولم تتوفر أي شهادة والتهمة كانت ظنية وهذه لايمكن اعتمادها في المحاكمةquot;.

فبعد نحو خمس سنوات من الاعتقال قضى معظمها في السجون الأميركية في العراق بات علي موسى دقدوق حراً يتلقى التبريكات والتهاني في مدينة الصدر شرق بغداد كبطل محرر من الأسر، حيث تم الاحتفاء بإطلاق سراحه على نحو واسع لدى تنظيم عصائب أهل الحق الذي أشرف على تدريب عناصره وتم اعتقاله مع أربعة من قادته في مقدمهم الاخوان قيس وليث الخزعلي اللذان أسسا تنظيم عصائب اهل الحق بإشراف دقدوق وفيلق القدس الايراني. حيث كان الخمسة يلتقون لوقت قصير في منزل سري في محافظة البصرة تمكنت القوات البريطانية من التقاط اشارة هاتف ليث الخزعلي في العشرين من آذار عام 2007 فحاصرت المنزل جوا وبرا واستسلم من فيه دون مقاومة. وقد ادعى دقدوق حينها أنه أصم وأبكم، ساعده في ذلك جرح في رقبته أكده الطبيب الذي تولى فحصه، و كان يحمل أوراقاً ثبويتة عراقية مزورة بعدة اسماء منها حامد محمد اللامي، وكذلك جواز سفر عراقيا يحمل اسم حسين محمد جابر الموسوي وعليه صورته بلباس رجل دين معمم، وبطاقة اخرى تثبت أنه موظف حراسات شخصية في وزارة الزراعة العراقية باسم حامد محمد جابر (تتيح له حمل السلاح)، بالإضافة الى بطاقة اخرى للغرض نفسه صادرة عن مجلس الوزراء العراقي تحت اسم حامد محمد جابر (بوصفه ضمن افراد الحماية).

وكاد دقدوق يبقى أصمّ أبكم وأوشك المحققون أن يحيلوه من مكتب التحقيق على معتقل بوكا في البصرة لو لم يتعرف إليه أحد عناصر جيش المهدي الذي كان في المكان نفسه قيد الاعتقال هاتفا باسمه وهو يهم بعناقه. فاعيد دقدوق للتحقيق القاسي مرة اخرى ليعترف بحقيقته قائلاً وفق رواية زملاء له في الاعتقال تحدثوا لايلاف في وقت سابق (نحن قوم لانترك ثأرنا). ليتحول لمعتقل فوق العادة يحوي على كم كبير من المعلومات للمحققين الاميركيين والبريطانيين. فقد كان متهماً بتنظيم عمليات خطف وقتل جنود غربيين في العراق والتخطيط لعمليات تفجير في العراق. لعل أبرزها عملية خطف أربعة ضباط أميركيين وقتل خامس من مقر محافظة كربلاء في عملية نوعية عام 2007 حيث تنكر المنفذون بزي قوات أميركية ببشرة بيضاء وعدسات لاصقة زرقاء ويقودون عربات ذات رباعي خاصة بالاميركيين مع وجود شخص بينهم يتحدث الانكليزية بطلاقة، للمرور على الحواجز الاميركية والعراقية بين كربلاء وبغداد.

وتم قتل المخطوفين الاربعة قرب محافظة بابل بعد تعقبهم من قبل قوات العقرب العراقية ذت التدريب الاميركي الاحترافي التي كانت تسيطر على منطقة بابل. أشير وقتئذ الى ان تلك العملية النوعية كانت ردا على اعتقال خمسة دبلوماسيين إيرانيين من القنصلية الايرانية في أربيل في كردستان العراق. ويصر قادة العصائب على أن من قاد تلك العملية هو أزهر الدليمي الذي قتلته القوات الاميركية في الثاني عشر من شهر أيار 2007 بعد عملية مطاردة طويلة. لكن بعض المنشقين عن العصائب يرون أن قادة العصائب نسبوا كل عملياتهم السابقة لازهر الدليمي حين علموا بمقتله بعد اعتقال قادة العصائب ومعهم علي موسى دقدوق. فقد كان الدليمي قائدا ميدانيا خلال الحرب الطائفية في العراق خاصة عام 2006 واستهدف قبلها بعمليات نوعية قوات أميركية حتى حين كان ضمن جيش المهدي قبل انشقاق العصائب عن زعامة مقتدى الصدر بعد عام 2004.

لكن عملية خطف المستشار في مجال المعلوماتية البريطاني بيتر مور مع أربعة من حراسه الشخصيين في 29 مايو (أيار) 2007 في عملية نفذها أربعون رجلاً من العصائب يرتدون زي الشرطة في مكتب تابع لوزارة المالية في بغداد. أعادت الشكوك من قبل المحققين للاخوين الخزعلي ودقدوق بالعمليات التي نسبوها لازهر الدليمي. لكن تطور القدرة العسكرية للعصائب نقلهم لموقع المفاوض مع القوات الاميركية حيث انطلقت مفاوضات داخل سجن كروبر في مطار بغداد وتم الاتفاق على صفقة تتضمن اطلاق قادة العصائب ونحو 300 آخرين مقابل الافراج عن بيتر مور وحراسه الذين تبين لاحقا أنهم قتلى وتم استبدال جثثهم لاحقاً بمعتقلين من التنظيم لدى القوات الاميركية على طريقة حزب الله اللبناني نفسها.

وذكرت تسريبات وقت اعتقال دقدوق أنه أدلى خلال التحقيق بمعلومات حول تواجد القيادي في حزب الله عماد مغنية الذي كان يغير سائقه الشخصي كل ستة أشهر وقد ذكر دقدوق إسم آخر سائق لمغنية. حيث أغتيل مغنية في شباط 2008 في دمشق أي بعد نحو عام من اعتقال دقدوق. لكن مصادر في تنظيم عصائب أهل الحق تنفي ذلك.

وكانت السلطات الأميركية قررت في أيار الماضي إحالة دقدوق على المحاكمة الفدرالية المدنية ما اثار حفيظة عدد من اعضاء الكونغرس الأميركي باعتبار أن دقدوق quot;ارهابيquot;.
وأعلنت وزارة العدل الأميركية في 17 ايار 2011 أنها تعتزم تحويل دقدوق للمحاكمة أمام القضاء الأميركي، بصفته أحد قادة حزب الله وأبرز عملاء فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في العراق، بتهمة العمل على تنظيم وتدريب المليشيات الشيعية في العراق، ومشاركته في عمليات قتل جنود اميركيين.

وبحسب الإدعاء العام الأميركي، فإن دقدوق، قد تم استجوابه في تموز 2007 حيث اعترف بانه يقود وحدة عمليات خاصة في العراق، كما تلقى في العام 2005 اوامر من قيادة حزب الله للتوجه الى ايران والتنسيق مع فيلق القدس في أنشطة تدريب على استخدام العبوات اللاصقة الخارقة للدروع والصواريخ المحمولة والتي درب عليها لاحقاً مجموعات عراقية مسلحة، و يحمّله الأميركيون مسؤولية الهجوم في كربلاء الذي أسفر عن خطف وقتل 5 جنود أميركيين في مدينة كربلاء عام 2007.

وأصبحت قضية دقدوق مصدرا للتوتر بين بغداد وواشنطن قبيل انسحاب القوات الاميركية من العراق في ديسمبر كانون الأول الماضي. وكان مسؤولو الحكومة الاميركية يسعون في بادئ الامر لبقاء دقدوق رهن الاعتقال، وقالوا إنهم يخشون اذا سلموه للسلطات العراقية ألا تتمكن من احتجازه لفترة طويلة والا تستطيع إدانته. فيما هدد تنظيم عصائب اهل الحق بخطف وقتل جنود ومدنيين أميركيين في العراق فيما لو تم ترحيل دقدوق لواشنطن. وقد تم خطف ضابطة أميركية ومجند من أصل عراقي حسب ما أبلغ به إيلاف برلماني عراقي توسط بين الحكومة العراقية وتنظيم العصائب.

وقال مسؤولون اميركيون إنهم وافقوا في النهاية على تسليم دقدوق للسلطات العراقية بعدما حصلوا على ضمانات بأنه سيحاكم على جرائمه. ولم يصدر أي رد فعل أميركي حول اطلاق سراح دقدوق الذي يتوقع أن يسافر لذويه في لبنان من خلال إيران التي ينتقل إليها من العراق قريباً.

يذكر أن علي موسى دقدوق انتمى إلى حزب الله عام 1983 والتحق بالوحدات العسكرية فيه عام 1987 وشارك بين عامي 1988-1990 في الحرب اللبنانية إلى جانب قوات الحزب ضد إسرائيل.

وأصبح عام 1994 قائداً لمجموعة من القوات الخاصة في حزب الله، قبل أن يتم تأهيله ليدرب مقاتلين شيعة جنوب ووسط العراق ويساهم بتأسيس عصائب أهل الحق التي كان يشرف على عملياتها حتى اعتقاله في البصرة عام 2007 باسمه الحركي أبو حسين.