سلطت أشد التفجيرات دمويةالتي شهدتها سوريا حتى الآن ضوءًا على مأزق إدارة الرئيس أوباما وهي ترى أعداء الرئيس بشار الأسد يستخدمون بصورة متزايدة تكتيكات أدانتها الولايات المتحدة وحلفاؤها بوصفها إرهابًا، كما لاحظ مراقبون.


لندن: نقل موقع بلومبرغ عن مصدرين دبلوماسيين في الأمم المتحدة أن المعارضة السورية بدأت تعتمد أساليب ترتبط بالتمرد المسلح مثل التفجيرات الانتحارية التي لا يمكن السكوت عنها.

وأضاف المصدران اللذان طلبا عدم ذكر اسميهما أن هذا التحول في تكتيكات المعارضة يجعل من الأصعب على الولايات المتحدة وحلفائها أن يواصلوا تحميل نظام الأسد مسؤولية العنف المستمر رغم وقف إطلاق النار الذي وافق عليه الطرفان بموجب خطة الأمم المتحدة.

وقال جوشوا لانديس مدير برنامج الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما quot;إن أميركا لا تريد أن تكون بصمات أصابعها على السيارات المفخخة في دمشق وأن أميركا شديدة الحرص في هذا الشأن لأنها لا تريد أن ينتهي بها المآل داعمة للإرهاب ولكن هذا ما نحن سائرون اليهquot;.

وأضاف لانديس quot;أن حركات التمرد المسلحة ترتكب أعمالا ارهابية، وبامكانك ان تطلق عليها اسما مغايرا ولكنك في نهاية المطاف تنفذ تفجيرات وتحاول ان تقتل اكبر عدد يمكنك قتله من الجنودquot;.

عناصر من الجيش السوري الحر في القصير قرب حمص

وكان وصول بعثة صغيرة من المراقبين الدوليين أسهم في خفض مستوى العنف لكنه لم ينجح في إنهائه. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية فكتوريا نولاند يوم الخميس ان نظام الأسد مسؤول عن العنف لأنه لم يلتزم بشروط وقف إطلاق النار.

ولكن القادة الغربيين ينظرون رغم ذلك بعدم ارتياح متزايد الى طمس الحدود الفاصلة بين الحق والباطل، بحسب الدبلوماسيين اللذين تحدثا لموقع بلومبرغ. وقال آرام نرغوزيان الخبير في شؤون منطقة شرق المتوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن quot;اننا ننظر الى منطقة رمادية مبهمة للغاية، وهي تشكل تحديا حقيقيا للسياسة الاميركيةquot;.

واعلنت الولايات المتحدة انها تفضل لجوء المعارضة الى الوسائل السلمية في الاحتجاج. وتقدر الأمم المتحدة أن اكثر من 9000 شخص قُتلوا منذ اندلاع الانتفاضة قبل نحو 14 شهرًا. وأنحى نظام الأسد باللائمة منذ البداية على متطرفين إسلاميين مدعومين من الخارج ولكن الولايات المتحدة رفضت ذلك بوصفه تبريرا زائفا يتذرع به النظام لاستخدام القوة ضد المدنيين.

وقال سفير سوريا في الأمم المتحدة بشار الجعفري يوم الخميس انه قدم الى مجلس الأمن الدولي اسماء 26 إرهابيا وقائمة باسماء 12 منهم قُتلوا بينهم ارهابيون فرنسيون وبريطانيون وبلجيك.

واستعرض الجعفري ما شهدته سوريا من تفجيرات انتحارية واستخدام سيارات مفخخة وأحزمة ناسفة متهمة ما سمّاه جهات رسمية خارجية بتمويل الجماعات الارهابية. واضاف ان سوريا حرصت منذ بداية هذه الأحداث على تأكيد وجود مجموعات مسلحة ترتبط بالقاعدة ولكن اطرافا سياسية عديدة والاعلام المعادي شككوا في ذلك، بحسب الجعفري.

وكان زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري دعا في شريط فيديو الى اسقاط نظام الأسد واثارت دعوته قلقا في الغرب من تحول النزاع الى نقطة جذب للمتطرفين الاسلاميين كما حدث في العراق.

وقال رئيس هيئة الاركان المشتركة للجيوش الاميركية الجنرال مارتن ديمبسي في مؤتمر صحافي في مبنى البنتاغون يوم الخميس إن المسؤولين الاميركيين لم يروا أي معلومات تشير الى مسؤولية القاعدة عن هجمات الخميس ولكنه اضاف quot;نحن نعلم ان هناك عناصر متطرفة تحاول ان تقوم باختراقات في سورياquot;.

وأكد أن هذه العناصر تختلف عن المعارضة قائلا quot;أنا لا اربط هؤلاء باولئكquot;. وقالت نولاند quot;ان هذه التكتيكات لا تتماشى مع ما شهدناه من المعارضة المشروعةquot; وانها يمكن ان تكون من تدبير مندسين أو سواهم.

وترى نولاند وغيرها من المسؤولين الاميركيين أن استخدام العنف يقدم دعوة للمتطرفين الاسلاميين ويقوض الأفضلية الأخلاقية التي تتمتع بها المعارضة ويزيد مخاطر اشتعال نزاع طائفي ويضعف الجهود الرامية الى ايجاد حل دبلوماسي للأزمة. وحذر الأمين العام للأمم المتحدة والمبعوث الخاص كوفي انان مهندس خطة وقف اطلاق النار من انزلاق سوريا إلى حرب اهلية شاملة بعواقب كارثية.

وقال الباحث نرغوزيان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ان مأزق الادارة الاميركية يعكس غياب الوضوح الاستراتيجي. واضاف في حديث هاتفي مع موقع بلومبرغ quot;ان دعم المعارضة على المستوى الخطابي شيء واعتماد استراتيجية واضحة شيء آخر وان هناك دائما الخطر المتمثل في انه كلما طال هذا الوضع زادت هذه الحالاتquot; بما في ذلك استخدام العبوات الناسفة وانخراط متطرفين اسلاميين في النزاع.

واشارت نولاند الى ان تفجيرات الخميس قد لا تكون من صنع مجموعات معارضة تدعمها الولايات المتحدة، ومنها المجلس الوطني السوري الذي يحظى بدعم الولايات المتحدة واوروبا ودول عربية. ويقدم المجلس تمويلا للجيش السوري الحر الذي يضم مجموعات لا تربطها قيادة موحدة من المقاتلين داخل سوريا.

وفي وقت أعربت الولايات المتحدة عن معارضتها لعسكرة النزاع، فإنّ قطر والعربية السعودية جاهرتا بالدعوة الى تسليح المعارضة وافادت تقارير بأنهما تسلحانها فعلا، بحسب موقع بلومبرغ مشيرا الى ان مساعدات الولايات المتحدة تقتصر على أجهزة الاتصالات والامدادات الطبية واغاثة اللاجئين بمواد مثل الخيم وماء الشرب.