تقول شخصية إيرانية رفيعة المستوى إن الحد الأدنى لتوقعات إيران للمفاوضات المقبلة هو رفع بعض العقوبات المفروضة عليها على خلفية برنامجها النووي. لكن العقوبات التي ترزح تحت ضغوطها الجمهورية الإسلامية قاسية ومن الصعب إزالتها.


عندما وافقت إيران على الدخول في محادثات جادة مع القوى العالمية بشأن برنامجها النووي المثير للجدل في الشهر الماضي، اشترطت quot;النهج التدريجي ومبدأ المعاملة بالمثلquot;. وبالنسبة للإيرانيين، كان هذا يعني تخفيف العقوبات الشديدة القسوة التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة مقابل تنازلات من قبل طهران.

لكن مع اقتراب الجولة القادمة من المحادثات في 23 أيار/مايو في بغداد، تثار تساؤلات حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستقوم بتخفيف العقوبات، وما إذا كانت حتى مستعدة لأخذ الأمر في الإعتبار مهما كانت الخطوات التي توافق إيران على اتخاذها.

وصرّح مسؤول إيراني كبير الاسبوع الماضي أن إيران تتوقع أن يكون quot;الحد الأدنىquot; من محادثات بغداد هو تخفيف أو رفع العقوبات. لكن حتى الآن، فالقدرة على ضبط العقوبات الأميركية ليست في يد الرئيس باراك أوباما بل الكونغرس الذي أبدى موقفاً متشدداً تجاه إيران في عام الانتخابات الأميركية.

وتعاني إيران أيضاً من أربع مجموعات من العقوبات التي فرضها مجلس الأمن للأمم المتحدة، والتي ستدخل حيز التنفيذ في أول تموز (يوليو) من أجل حظر تصدير النفطي الإيراني إلى أوروبا، والتي يتوقع أن تكون مثار النقاش في إطار رفع أو تخفيف العقوبات.

وتاريخياً، كان رفع العقوبات ضد مختلف الأنظمة بطيئًا وعبارة عن عملية دقيقة وتدريجية تتطلب وقتاً طويلاً.

وفي هذا السياق، نقلت صحيفة الـ quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; عن سوزان مالوني، المتخصصة في الشأن الإيراني في معهد بروكينغز في واشنطن، قولها إن quot;تخفيف العقوبات ليس على الجدول، إلى أن نرى تنازلات جوهرية من قبل إيرانquot;.

وأضافت: quot;لا أعتقد أن هناكأي تقدم في مسألة العقوبات، ويعود ذلك جزئياً إلى السنة السياسية التي تمر بها الولايات المتحدة من حيث الانتخابات، فالكونغرس يقف بشدة وراء تنفيذ هذه العقوبات، لذلك سيكون من الصعب جداً على الرئيس أن يقنع الكونغرس بهكذا مسألةquot;.

وأرسلت إيران إشارات عن استعدادها لوقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة، وهي المادة التي تستخدم كوقود للمفاعل النووية الموجودة في طهران. لكن هذا لا يطمئن الغرب كثيراً فإيران على بعد خطوات قليلة من الحصول على المواد اللازمة لصنع قنبلة نووية.

وأشارت الصحيفة إلى أن الأسبوع القادم سيكون اختباراً حاسماً عندما تلتقي إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمناقشة المطالبات بتعليق العمل المرتبط بالأسلحة والسماح بوصول المفتشين الدوليين إلى قاعدة عسكرية في بارشين، الأمر الذي رفضته إيران مرتين منذ يناير/ كانون الثاني.

وأظهرت صور الأقمار الصناعية التي نشرت هذا الأسبوع عن معهد العلوم والأمن الدولي في واشنطن بأن إيران تقوم بـ quot;تطهيرquot; الموقع في بارشين، وذلك قبل أي تفتيش.

وأعلن كبار المسؤولين الإيرانيين أنه من المتوقع أن يتم حل جميع هذه القضايا quot;بشكل سريع جداً وبكل بساطةquot; في بغداد، في حال اتخاذ الخطوات المناسبة أثناء المحادثات. وتتوقع إيران أيضاً أن تقوم مجموعة الدول الخمس زائد واحد (الولايات المتحدة وروسيا والصين وانكلترا وفرنسا، وألمانيا) برفع بعض العقوبات التي شلت اقتصادها.

ويقول كاوه افراسيابي، المستشار السابق للفريق الإيراني للمفاومضات النووية من العام 2004 إلى 2006 quot;نحن على عتبة حاسمة. فصناع القرار في إيران يتحركون في اتجاه الاستجابة المرنة. ومن الواضح أنهم بحاجة إلى إظهار بعض المكاسب الصافية لإيران نتيجة للتنازلات، التي من دونها سيكون أي اتفاق بمثابة انتحار سياسيquot;.

ويشعر الإيرانيون بأنهم وقعوا ضحايا للعهود التي لم تحافظ عليها الدول الغربية خلال المفاوضات النووية العام الماضي، كما يقول افراسيابي، ولذلك فإنهم لا يريدون أن يقعوا فريسة للكلام المزدوج ويريدون ضمانات قوية.

بدلاً من ذلك، تريد إيران أن تحصل على اعتراف رسمي بحقها في تخصيب اليورانيوم إلى مستوى معين، الأمر الذي يمكن اعتباره أول فوز في طهران.

وكتب مهدي خلجي، الخبير في الشؤون الإيرانية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن quot;هكذا استراتيجية ناجحة يجب أن تسمح لإيران بالخروج من المحادثات مع ابتسامة على وجهها، حتى لو تخلت عن أكثر الأجزاء الحساسة من برنامجها النوويquot;.