في مواجهة التكاليف المتصاعدة واعتراض المسؤولين العراقيين على منحه الأولوية في الوقت الراهن، خفضت وزارة الخارجية الأميركية ndash; وربما تنبذ بالكامل بحلول نهاية العام ndash; برنامجاً تدريبياً كان مخصصاً لتدريب قوات الشرطة العراقية ضمن مهمة مدنية كبرى في بغداد، وتقدر ميزانيته بمليارات الدولارات الأميركية.


طلاب في كلية الشرطة في بغداد عام 2010 وقد تم التخلي عن ترقية للكلية

أشرف أبوجلالة من القاهرة: ما كان ينظر إليه في الأساس باعتباره فريقًا تدريبيًا مكونًا من حوالي 350 ضابط إنفاذ قانون أميركي قد تقلص بشكل سريع إلى 190 ثم إلى 100. ووصل هذا الرقم في الأخير إلى 50 استشاريًا، غير أن معظم الخبراء، وكذلك بعض مسؤولي وزارة الخارجية، أوضحوا أنهم قد ينسحبون من تلك المهمة بحلول نهاية العام.

وذكرت صحيفة النيويورك تايمز الأميركية أن عملية التدريب، التي بدأت في تشرين الأول/ أكتوبر، وتكلفت بالفعل 500 مليون دولار، نظر إليها باعتبارها العنصر الأهم في تلك المهمة، التي وصفت بأنها أبرز جهود المساعدة الأميركية طموحاً منذ خطة مارشال.

مع هذا، أشارت الصحيفة إلى أن تلك العملية بدت في الوقت عينه أيضاً باعتبارها آخر الأمثلة الواضحة الدالة على تراجع نفوذ الولايات المتحدة في العراق في أعقاب الانسحاب العسكري، كما إنها تعكس سوء تقدير مكلف من جانب المسؤولين الأميركيين، الذين لم يرتكزوا على الحكومة العراقية لتأكيد سيادتها بصورة كبيرة للغاية.

في هذا السياق، قال جيمس جيفري السفير الأميركي في العراق: quot;أعتقد أنه برحيل الجيش الأميركي، قرر العراقيون أن يقولوا: حسناً، ما هو نطاق التواجد الأميركي هنا؟، وما هو النطاق الذي يجب أن يكون عليه؟، وكيف يتساوى ذلك مع سيادتنا؟، وقد عبّر (العراقيون) بوضوح عن بعض المخاوف بشأن أمور متعددةquot;.

من الجدير ذكره أن الخارجية الأميركية ارتكزت في العام الماضي على مشاريع تطوير تقدر قيمتها بـ 343 مليون دولار للبلاد لتحديث المرافق بما يتماشى مع برنامج تدريب قوات الشرطة، لكن ذلك لم يسر كما كان مخططاً مثل أشياء أخرى كثيرة طوال فترة الحرب التي استمرت في البلاد على مدار ما يقارب التسعة أعوام.

وقد رفض فجأة في الشهر الماضي الكثير من مسؤولي الشرطة العراقية الذين كانوا يشاركون في البرنامج التدريبي حضور الحلقات الدراسية والعروض التقديمية التي يقدمها الأميركيون، بعدما قالوا بإن لا فائدة من وراء هذه الجلسات التدريبية.

كما أصرّ المسؤولون العراقيون أنه لا بد من إجراء التدريبات في مرافقهم الخاصة، وليس في المرافق الأميركية. هذا وقد تُرِكت خلال الآونة الأخيرة أكبر مشاريع البناء، التي كان يفترض أن تعزز بها أميركا كلية الشرطة في بغداد ببعض المنشآت، من دون أن يتم الانتهاء منها، بعد إنفاق مبلغ مالي يزيد على حوالي 100 مليون دولار.

أما باقي مستشاري الشرطة المتبقين فسيعملون بدلاً من ذلك خارج مجمع السفارة الأميركية، حيث ستقلّ لديهم قدرة التواصل مع مسؤولي الشرطة العراقية. ووصف روبرت بيريتو، مدير مركز إدارة قطاع الأمن للإبداع في معهد الولايات المتحدة للسلام، هذا المشروع بأنه quot;برنامج صغير لكثير من المالquot;.

وأضاف بيريتو في الإطار نفسه قائلاً: quot;المشكلة الأولى هي أن وزارة الخارجية لا تعمل في أجواء خطيرة. وبمجرد مغادرة الجيش الأميركي، كان للخارجية الأميركية نهجها الخاص بها. وهو ما أدى على الفور إلى زيادة التكاليف وقيّد من قدرة المستشارين على التحركquot;.

وفي مقابلة أجريت معه يوم الجمعة الماضي، قال توماس نيدز، نائب وزيرة الخارجية لشؤون الإدارة والموارد، إنه يعتقد أن كل شيء كان يسير على ما يرام، وأنه يرى أن العراقيين لا يعتقدون أنهم بحاجة إلى برنامج تدريبي بهذا الحجم والنطاق. وأكد نيدز أيضاً أن تقليص البرنامج جزء من جهوده الأكبر لتقليل حجم السفارة.