الليبيون يطالبون باستعادة أراضيهم التي صادرها القذافي

تعتبر مسألة مصادرة الأملاك واحدة من أكثر المخلفات والموروثات quot;السامةquot; من عهد العقيد الليبي السابق معمر القذافي والمتمثلة في سياسة توزيع الأراضي التي بدأها أواخر سبعينات القرن الماضي. وتنذر الآن بإشعال فتيل العديد من النزاعات حول الملكية بين أفراد شعب يملك سلاحاً بين يديه.


بيروت: استوطنت مشاعر الحقد والضغائن قلوب العديد من الليبيين المالكين الأصليين طيلة ثلاثين عاماً، إثر مصادرة العقيد الليبي الراحل معمر القذافي أراضيهم وممتلكاتهم وتوزيعها، وتأججت أكثر في الآونة الأخيرة بعدما عاد كثيرون منهم إلى أرض الوطن للمطالبة بأحقيته في الملكية بعد أعوام قضوها خارج البلاد.

في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; إلى أن أحد أوجه الأزمة يتمثل في أن الشاغلين الحاليين للأراضي لا يملكون أماكن بديلة يذهبون إليها، بينما يستحوذ البعض منهم على مستندات ووثائق، الأمر الذي يجعل من الصعب إعادة الأملاك إلى أصحابها.

ما يزيد الطين بلة هو الحريق الذي طال مكتب سجلات الملكية الرئيس في ليبيا أوائل ثمانينات القرن الماضي، والذي يعتقد الكثير من الليبيين أنه كان مدبراً من قبل القذافي لإضفاء ضبابية والتباس حول حقوق الملكية.

لفتت الصحيفة إلى أنه على الرغم من أن بعض الدول الأخرى قد تمكنت من معالجة تلك الازمة في أعقاب عمليات واسعة لمصادرة ممتلكات الدولة، لاسيما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، غير أن التحديات التي تواجه الليبيين في هذا الشأن تبلورت بشكل أساسي على خلفية ضعف السلطات الانتقالية وغياب العمل بنظام المحاكم وتدفق الأسلحة إلى البلاد وانتشارها بين المدنيين.

ويرى العديد من الليبيين في قوانين مصادرة الملكية التي أصدرها القذافي عام 1978 من بينها قانون رقم 4 والذي نص على أن quot;المنزل ملك لقاطنيهquot;، علامة من علامات الظلم الذي عهدوه خلال تلك الحقبة. فهذا القانون سلب المواطن الليبي أحقيته في ملكية أي شيء آخر سوى المنزل الذي يقطنه، بينما تذهب سائر مقتنياته وممتلكاته إلى الدولة - أي إلى أعضاء اللجان الثورية سيئة السمعة- إضافة إلى العديد من القوانين المشابهة التي جرّدت الليبي من أحقيته في ملكية محال ومصانع وأراض زراعية.

وأشارت الـ quot;نيويورك تايمزquot; إلى أن المالكين الاصليين غالباً ما كانوا يتظاهرون أو يسجنون، ورفع البعض منهم دعاوى قضائية ضد من استولوا على ممتلكاتهم. وعلى الرغم من أن تلك الدعاوى قد تلقى دعماً من قبل هيئة المحكمة، إلا أن الاخيرة تبقى عاجزة عن إنفاذ الحكم وإجبار الليبيين على الإمتثال إلى حكمها.

عمدت حكومة القذافي قبل ستة أعوام إلى بدء برنامج يقوم بدفع تعوضيات لبعض من المالكين الأصليين تحت إشراف نجله سيف الاسلام القذافي. غير أن البرنامج لم يفض سوى إلى نتائج زهيدة، وفقاً لما قاله يوسف حانشيه القاضي الذي تولى الرقابة على البرنامج، وبعض مالكي العقارات.

ويعمل العديد من مدعي الملكية الأصلية على حث الحكومة الانتقالية الليبية كي تبدأ في التصرف حيال هذا الشأن قبل أن تجرى الانتخابات الوطنية في 21 تموز (يونيو) المقبل نظراً إلى أنهم يخشون من أن يتم تسييس القضية.

وفي حال فشلت محاولاتهم، هناك مخاوف من نوع آخر، وهي أن يعمد هؤلاء الذين يشعرون بالإحباط من الدولة ومؤسساتها الوليدة إلى تطبيق القانون بأنفسهم أي quot;أخذ حقهم بيدهمquot;.

وأكد القاضي حانشيه هذه المخاوف بالقول: quot;يجب البدء في معالجة القضية قبل أن يفقد المالكون القدامى الأمل أو يشعر الشاغلون بأن القذافي كان صديقاً لهم، وعاملهم بشكل أفضل من الحكومة الجديدةquot;.