أشرف أبوجلالة من القاهرة: مع استمرار تعقد الأوضاع في سوريا، من دون إحراز أي تقدم على صعيد المواجهات بين المعارضة وقوات الرئيس بشار الأسد، بدأت تدور في الأفق تساؤلات، لعل من أهمها، هل حان الوقت لكوفي أنان كي يعلن أن محاولته لتسوية الأزمة السورية قد باءت بالفشل؟.
وهو التساؤل الذي رد عليه عدد متزايد من الدبلوماسيين الغربيين بالإيجاب، فيما أشار مسؤولون أميركيون علانيةً إلى أن خطة أنان للسلام قد باءت بالفشل بالفعل. وسبق كذلك لوزير الخارجية السعودي أن قال إن ثقته في الجهود التي يبذلها أنان quot;تهوي بسرعةquot;.
وأوضح الأمين العام السابق للأمم المتحدة أنه يدرك أن مهمته باتت قاب قوسين أو أدنى من الفشل. لكن مجلة فورين بوليسي الأميركية أوضحت في هذا الصدد أنه من الصعب للغاية عليه إلغاء الأمر برمته. فرغم استمرار العنف في سوريا وبلوغه مستويات وصفها أنان بـ quot;غير المقبولة، إلا أن أعداد القتلى بدأت تقلّ بشكل عام عمّا كانت عليه قبل خطة وقف إطلاق النار التي اقترحها في شهر نيسان/ أبريل الماضي.
وأعقبت المجلة بقولها إن أياً من كان يريد مهاجمة مراقبي الأمم المتحدة فهو يريد ربما إشعال حرب مكتملة النطاق، ولا يبدو أن القتال سيتزايد مجدداً فحسب، بل سيمتد أيضاً إلى لبنان.
وإن كان لأنان أن ينسحب الآن، فإن أمر كهذا قد يجلب معه مزيداً من التصعيد. وهو ما يشكل ورطة أخلاقية: فهل من الأفضل للأمم المتحدة أن تراقب، وأن تقدم غطاءً كما هو مفترض، للعنف الحالي، أو أن تنسحب وتفتح الطريق أمام ثمة شيء أسوأ ربما؟.
ومن المعروف عن أنان أنه حساس للغاية بشأن الانتقادات التي توجّه إلى أدائه في حل النزاعات، كما إنه ومن خلال سابق تجاربه مع بعض الصراعات، كما في حالتي دارفور وجمهورية الكونغو الديمقراطية، سبق له أن طالب بالصبر ومواجهة العنف.
وأضافت المجلة أنه حتى وفي حالة كان يرغب أنان في الرحيل، فإن التداعيات السياسية لأمر كهذا قد تكون مدمّرة. منها أن روسيا ستتهمه بالاستسلام في وقت مبكر للغاية. وقد يضغط الأعضاء الغربيون في مجلس الأمن من أجل فرض عقوبات جديدة على سوريا. وبالتأكيد ستقوم روسيا والصين بالتصويت ضد الغرب للمرة الثالثة بشأن سوريا.
وهو ما سيعني انتهاء الجهود الدبلوماسية المبذولة من جانب الأمم المتحدة بشأن سوريا، بعدما اقترح الأعضاء الأوروبيون في مجلس الأمن قراراً يُحَمِّلون فيه سوريا مسؤولية الأحداث. وهي التغييرات التي جعلت أنان محاصراً وفي وضعية لا يحسد عليها: فهو من ناحية لن يتمكن من مواكبة عملية السلام لأجل غير مسمّى، ولن يتمكن من تقديم استقالته بشكل قاطع. وإن تدهور الوضع في سوريا، فستتاح أمامه فرصة واحدة للهروب من هذا المأزق.
ثم أشارت المجلة إلى أنه وفي الوقت الذي بدأت تُنهَك فيه خطة السلام الأصلية لأنان، فإنه بحاجة الآن إلى خطة أخرى بديلة، لتهدئة معاناة السوريين ولضمان حماية سمعته. ومن بين هذه الخطط البديلة، تلك التي يعتقد أنها ستروق المعلقين والمحليين الغربيين، لأنها ستنطوي على إعلان أنان أن الحكومة السورية لا تفي بوعودها، كما إنها ستنطوي على مطالبته بتدخل دولي كبير. رغم أن أنان وفريق العمل المعاون له يدركون أن تلك الأمور غير عملية على الصعيدين السياسي أو العملياتي.
ثم لفتت المجلة إلى خطة أخرى بديلة تنطوي على قدر أقل من المخاطر، مفادها أن يصرّح أنان بأنه يعتقد أن الوقت قد حان لوقف جهوده الدبلوماسية بشكل استراتيجي. وبمقدور أنان كذلك أن يختبر إرادة بعض المؤيدين الدوليين بسؤاله عن إشارات ملموسة للتقدم في الجهود الثنائية من جانب الولايات المتحدة وروسيا ودول أخرى لتمهيد الساحة لإجراء محادثات سلام. ورأت فورين بوليسي ختاماً أن وقف أنان لجهوده بشكل استراتيجي قد يغيّر بعض الحقائق على أرض الواقع لكي تصب في مصلحته.
التعليقات