إقرأ أيضًا
الرئاسة المصرية... وداعًا للحاكم الفرعون

فيما وصف بأنه الوداع الأخير لعهود طويلة من الديكتاتورية وحكم الفرد الذي كان يكتسب بعضًا من صفات الإله، بدأ المصريون في التوافد على اللجان الانتخابية منذ الصباح الباكر، انتظاراً للإدلاءبأصواتهم في أول إنتخابات رئاسية بعد الثورة، التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، فيما تأخرت بعض اللجان عن فتح أبوابها، ورصدت أعمال المراقبة بعض المخالفات.


يدلي المصريون بأصواتهم في أول إنتخابات رئاسية تعددية غير محسومة لصالح مرشح بعينه، لينهوا بذلك عهد الرئيس الذي كان يفوز بنسبة 99.9% من الأصوات، لاسيما أن الإنتخابات يتنافس فيها 13 مرشحاً، منهم خمسة أقوياء، تنحصر المنافسة الحقيقية في ما بينهم، وهم: عبد المنعم أبو الفتوح، عمرو موسى، محمد مرسي، أحمد شفيق، حمدين صباحي.

إقبال كثيف

وفي تكرار لمشهد الإنتخابات أمام لجان الإقتراع في المرحلة الأولى من الإنتخابات البرلمانية، اصطفّ المصريون أمام اللجان في الإنتخابات الرئاسية أيضاً في صفوف طويلة، امتد بعضها إلى نحو 300 متر، كما هو الحال في لجان مدرسة ابن النفيس الإعدادية في مدينة نصر شرق القاهرة، التي أدلى فيها المرشح البارز عبد المنعم أبو الفتوح بصوته.

واضطر المرشح عمرو موسى، المحسوب على النظام السابق، للوقوف في صف يمتد إلى مسافة 400 متر لنحو ساعتين من أجل الإدلاء بصوته، وذلك في مدرسة عنان الإعدادية قسم القاهرة الجديدة، ورفض موسى دعوات المصريين، للتقدم والتصويت أولاً، وأصرّ على مساواته بباقي الناخبين.

وتفقد المشير حسني طنطاوي، رئيس المجلس العسكري، أجواء الإنتخابات وزار عددًا من اللجان الإنتخابية، ومنها لجنة مدرسة خليل أغا الثانوية العسكرية بنين في باب الشعرية، وسط القاهرة، ورافقه فيها بعض أعضاء المجلس العسكري، والتقى ببعض المصريين، الذين التفوا حوله، وهتفوا quot;الجيش والشعب أيدٍ واحدةquot;.

ووصف المستشار حاتم بجاتو، أمين عام اللجنة العليا للإنتخابات، الإقبال على التصويت بأنه quot;كثيفquot;، وقال لـquot;إيلافquot; إن العملية الإنتخابية تسير بشكل جيد، مشيرًا إلى أنه لم تقع تجاوزات قد تعكر صفو الإنتخابات، بإستثناء تأخر فتح نحو ثلاث لجان فقط، وأضاف بجاتو أن اللجنة العليا للإنتخابات تتصدى بحزم لخرق بعض المرشحين للصمت الإنتخابي، وإستمرار الدعاية.

لا رئيس سابق التجهيز

وقامت إيلاف بجولة صباحية في اللجان في منطقتي الجيزة ووسط القاهرة، وبدا واضحًا أن هناك إقبالاً كثيفاً للمصريين على الإقتراع باللجان المختلفة. وأمام لجان مدرسة المجزر الآلي في منطقة الجيزة، وقف العشرات من المصريين في صفين، الأول للرجال والآخر للنساء، إنتظاراً للتصويت.

وأبدى المصريون سعادتهم بالإنتخابات، مؤكدين أنها أول إنتخابات تجري في مصر، من دون أن يكون الرئيس معروفاًمسبقًا أو رئيساً سابق التجهيز على حد قولهم.

وقالت وفاء حسني quot;ربة منزلquot;، لـquot;إيلافquot; إنها خرجت من منزلها منذ السابعة والنصف صباحاً، وتقف أمام اللجنة بإنتظار دورها للإدلاء بصوتها، وأضافت أنها كانت تتمنى أن يكون أطفالها كباراًحتى تصطحبهم معها ليروا التجربة، لكنهم ما زالوا صغاراً على إستيعاب الموقف، معلنة أنها سوف تروي لهم تجربة المصريين في الثورة على مبارك وإسقاط نظام حكمه والقضاء على أحلام ابنه جمال في التوريث، وأشارت وفاء إلى أنها المرة الثالثة التي تشارك في الإنتخابات بعد إنتخابات مجلسي الشعب والشورى، لافتة إلى أن المصريين يقبلون على الإنتخابات لإيمانهم بأن أصواتهم صارت لها قيمة حقيقية في تحديد مستقبل مصر، وأنها ستكون فاعلة.

خطوة نحو الديمقراطية

فيما قالت علا سيد ربة منزل أيضاً، وحاصلة على ليسانس الحقوق جامعة القاهرة إنها حضرت للإنتخابات، لأن مصر صارت دولة quot;بجدquot;، وأضافت لـquot;إيلافquot; أن الإنتخابات الرئاسية مهمة، لأنها سوف تضع مصر على أول طريق الديمقراطية والتنمية، وسوف تنصلح الأحوال، ولفتت علا إلى أنها أول إنتخابات ليست محسومة مسبقاً من قبل أمن الدولة المنحل، وتذكرت علا مشهد الإنتخابات الرئاسية في العام 2005، وقارنت بين المشهدين.

وقالت إن الإنتخابات في 2005، التي شارك فيها حسني مبارك وأيمن نور ونعمان جمعة وبعض الكومبارس، لم تكن إلا مسرحية هزلية، لعب فيها مبارك دور البطولة المطلقة، والجميعقام بدور الكومبارس، مشيرة إلى أن الحزب الوطني وأمن الدولة أجبرا الموظفين على الخروج من أعمالهم، وأعتبر يوم التصويت إجازة مدفوعة الأجر، وتم نقلهم في أتوبيسات هيئة النقل العام إلى اللجان من أجل التصويت لمبارك، في إنتخابات فاز فيها بنحو 88%، في حين لو تركت كما هو الحال الآن لخسر فيها مبارك بنسبة صفر في المئة، ولا فاز فيها أيمن نور بـ100%، وتابعت: أما الآن نحن أمام تجربة نزيهة، نتمنى أن تتم على خير، وألا يتدخل الغرب فيها لإفسادها.

وأمام مدرسة الزهراء وسط القاهرة، اصطفّ المئات من المصريين في طابور إنتظاراً لدورهم في الإدلاء بأصواتهم، وقال محمد الشرقاوي quot;مدرسquot; معاقٍ إن الإنتخابات الرئاسية تمثل فرصة حقيقية لنقل مصر إلى مصاف الدول الديمقراطية، وبدء إصلاح أحوال الدول العربية، وأعرب لـquot;إيلافquot; عن قلقه من وقوع أعمال عنف لتكدير الإنتخابات من الدول الخارجية التي لا تريد الخير لمصر، وأضاف أنه لن يفرح إلا بعد الإعلان عن إسم الرئيس.

تجاوزات المرشحين

ورصدت تقارير حقوقية بعض التجاوزات في التصويت منها تأخر فتح اللجان، واستمرار الدعاية الإنتخابية، بالإضافة إلى استمرار ظاهرة عدم وجود كشوف الناخبين، وهي تلك الكشوف التي يستدل منها الناخب على لجنته الفرعية ورقمه الانتخابي، ويتسبب عدم وجودها في تأخر تصويت الناخبين أو انصرافهم إن استمر بهم الحال طويلاً بحثًا عن أسمائهم، ومنها لجنة الوحدة المحلية في قرية الدوير ndash; قرية الدوير ndash; مركز صدفا- أسيوط، ولجان مدرسة ترسا الاعدادية ndash; مركز سنورس- الفيوم.

واتهم تقرير لمؤسسة عالم واحد لحقوق الإنسان قوات الجيش بمنع المراقبين من أداء عملهم، ومنها ما حدث في مدرسة النيل الابتدائية المشتركة الوراق- الجيزة، حيث منعت قوات الجيش مراقباً تابعاً للمؤسسة من أداء عمله، رغم أنه يحمل تصريحاً من اللجنة العليا للإنتخابات، كما منعت مراقباً آخر للمؤسسة من التصوير وعبثت في كارت الذاكرة الخاص بتليفونه، وذلك في لجنة مدرسة فؤاد نصر هندي الابتدائية- مركز ببا ndash; بني سويف.

بلاغ للجنة العليا للإنتخابات

وتقدمت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ببلاغ إلى رئيس اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة حول بعض الانتهاكات والتجاوزات التي شابت العملية الانتخابية، مطالبة إياه باتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة من أجل منع هذه الانتهاكات وعدم تكرارها، ومنها قيام مندوبي المرشح محمد مرسي بتوجيه الناخبين للتصويت لصالحه، وذلك أمام لجنة مدرسة المعتمدية الابتدائية المشتركة ببولاق الدكرور، عبر استخدام الكمبيوتر المحمول.

وأضاف البلاغ أن مراقبي المنظمة في لجنة مدرسة مصطفى كامل الابتدائية ببولاق الدكرور لاحظوا قيام الموظفة بحث الناخبين على التصويت لصالح المرشح أحمد شفيق، وفي لجنة مدرسة جزيرة الدهب الإعدادية حدثت دعاية بسيارات تحمل لوحات معدنية بأرقام 341 ص ف ق لصالح المرشح محمد مرسي.

وفي محافظة الشرقية، لاحظ المراقبون وجود سيارات ملاكي تحمل صوراً لأحمد شفيق ومحمد مرسي تمر أمام اللجان بصفة مستمرة ذهاباً وإياباً، فضلاً عن وجود لافتات للدعاية أمام لجنة مدرسة محمد ربيع فلاح الثانوية بنات بديرب نجم لصالح كل من المرشح محمد مرسي وأحمد شفيق. وفي محافظة المنوفية، لاحظ مراقبو التحالف قيام مندوبي المرشح أحمد شفيق بالدعاية الانتخابية له أمام اللجان عبر استخدام مكبرات الصوت، وذلك في لجنة مدرسة الثانوية بنات.

وقال حافظ أبو سعده، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الانسان،إن هذه الانتهاكات تعدّ بمثابة مخالفة قانونية صريحة وخرق للمادة 20 من القانون رقم 174 لسنة 2005([1]) المعدل بالمرسوم رقم 12 لسنة 2012، مطالباً اللجنة العليا للانتخابات باتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة من أجل منع هذه الانتهاكات وعدم تكرارها، وسرعة التحقيق فيها بغية معاقبة مرتكبيها.