استمرار تصاعد أعمال العنف في سوريا

بعد إدانة مجلس الأمن والمجتمع الدولي لمجزرة الحولة التي وقع ضحيتها أكثر من 100 شخص بينهم سيدات وأطفال، تستمر الأزمة السورية وسط الانقسام السائد بين الدول الداعمة للرئيس بشار الأسد والدول التي تسعى للضغط عليه لوقف أعمال العنف.


القاهرة: شهدت الجهود الدبلوماسية المبذولة لمنع تعميق الصراع المدني في سوريا حالة من الترنح يوم أمس الاثنين، في الوقت الذي جذبت فيه الأيام الثلاثة التي وقعت بها هجمات راح ضحيتها أكثر من 150 قتيلا، إدانات من شتى أنحاء العالم، لكنها تركت أمام القادة الغربيين القليل من الخيارات التي يمكنهم أن يتحركوا من خلالها للضغط على الأسد.

وقد سافر المبعوث الأممي، كوفي أنان، إلى دمشق، متحدثاً عن شعوره بالذعر والصدمة، بعد وقوع المجزرة التي راح ضحيتها 108 شخصا، معظمهم سيدات وأطفال، يوم الجمعة في منطقة الحولة، وتعهد بإجراء محادثات صريحة مع نظام الأسد اليوم.

وفي هذا الصدد، أشارت اليوم صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية إلى أن تلك الخطوة تأتي بعد أن أدان مجلس الأمن بالإجماع الحكومة السورية نتيجة القصف الموحش بالمدفعية خلال عطلة نهاية الأسبوع وفي ظل تصاعد أعمال العنف يوم أمس.

ومازال ينظر المسؤولون الأميركيون إلى الأمم المتحدة وإلى روسيا، الداعمة بقوة للأسد، باعتبارهما الجهتين القادرتين على إتمام أي عملية تقود لرحيل الأسد. وقد تعهدت بريطانيا وفرنسا بأن يكثفا ضغوطهما على النظام، وتواجد وزير الخارجية البريطاني، ويليام هيغ، في موسكو، في محاولة من جانبه لكسب تأييد الكريملن لإعطاء أولوية للمفاوضات الخاصة بإحداث تغيير سياسي، بطريقة مماثلة للضغوط التي قامت بها السعودية ودول خليجية أخرى وتمخضت عن إقدام الرئيس اليمني علي عبد الله صالح على التنحي في وقت مبكر من العام الجاري. وأكد مسؤول أميركي رفيع المستوى منوط بشؤون الشرق الأوسط quot; قد تكون تلك اللحظة لحظة حاسمةquot;.

بيد أن عدداً قليلاً من الدبلوماسيين الغربيين توقعوا أن تقوم روسيا بأي خطوات مهمة لإخراج الأسد من السلطة. وفي الوقت الذي أوضح فيه وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، أن بلاده quot;انزعجت للغايةquot; جراء المذبحة التي شهدتها منطقة الحولة، فإنه أشار أيضاً إلى أن الحكومة السورية والثوار لديهم يد بشكل واضح في وفاة هؤلاء الناس الأبرياء. بينما ردت على ذلك السلطات السورية، أول أمس، بقولها إن مسلحين ممولين من قوى غربية هم من نفذوا تلك المجزرة.

ومن جانبها، تواجه الأمم المتحدة انتقادات متزايدة نتيجة عجز مراقبيها الموجودين داخل البلاد عن المساعدة في منع القمع الحكومي. ونقلت الصحيفة في هذا الجانب عن سلمان الشيخ، مدير مركز بروكينغر الدوحة والمسؤول السابق في الأمم المتحدة، قوله: quot;حذرنا جميعاً من أن سوريا في طريقها لحرب أهلية، ولحرب طائفية، ولتقسيم على نحو متزايد. ونحن ماضون على هذا الطريق منذ بعض الوقت، وبالتأكيد لم تحقق مهمة أنان الكثير لكي تأخذنا بعيداً عن هذا الطريقquot;.

وقد حاول الأمين العام الحالي للأمم المتحدة، بان كي مون، أن يدافع عن مهمة أنان، يوم الأحد، بقوله: quot;هناك سوء فهم، يصعب تصحيحه، بشأن دور المراقبين العسكريين العزل وما بوسعهم أو ليس بوسعهم أن يفعلوهquot;. ومع تدهور الأوضاع، بدأ يحذر دبلوماسيون غربيون من أن سوريا تشكل حلاً أكثر تعقيداً من اليمن، بسبب تركيبتها الطائفية المعقدة وتعدد القوى الأجنبية ذات النفوذ داخل البلاد. فبينما ظهرت روسيا وإيران باعتبارهما أبرز الممولين ومزودي السلاح لنظام الأسد، اتضح أن تركيا ودول خليجية والولايات المتحدة وأوروبا يقدمون الدعم للمعارضة.

ثم مضت الصحيفة تنوه إلى النبرة التشاؤمية التي بدأ ينتهجها كثير من المسؤولين العرب خلال الأسابيع الأخيرة، وتحذيرهم من خطر استمرار الحرب الأهلية في سوريا، ما يهدد بتقسيم البلاد، وامتداد تداعيات الصراع إلى داخل لبنان وتركيا والأردن.

ومع تواصل عمليات القصف، واستهداف المدنيين، كما أكد عدد من النشطاء السوريين، قالت منظمة هيومان رايتس ووتش، التي قابلت ناجين من مذبحة الحولة، إن ما لا يقل عن 62 شخصاً من الذين قتلوا يبدو أنهم أفراد من نفس العائلة.

وأضافت الصحيفة أنه لم يتم التحقق بعد من مثل هذه الروايات، نظراً للهيمنة التي تفرضها الحكومة السورية على إمكانية الوصول للمنطقة من قبل المراسلين الأجانب وعمال الإغاثة المستقلين. وقال بعض دبلوماسيين غربيين إنهم يأملوا أن يستغل أنان التركيز مجدداً على سوريا في مجلس الأمن كي يضغط على الأسد للإيفاء بتعهده في ما يتعلق بوقف القتل أو مواجهة مزيد من العقوبات من جانب الدول الغربية. وهو الأمر الذي قلل من شأنه أندرو تابلر، الخبير في الشأن السوري لدى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، نظراً لسابق حنث الأسد بوعوده.