ودعت عائلات الضحايا الذين قضوا نحبهم في حريق مركز فيلاجيو التجاري في الدوحة، ابناءها الثلاثاء في جنازتين جماعيتين للمسلمين والمسيحيين فيما استكملت اجراءات تسفير الضحايا الى بلدانهم.
الدوحة: في كنيسة من مجمع الكنائس في الدوحة تجمع حوالي 3 الاف شخص للصلاة على نية اربعة اطفال اسبان ثلاثة منهم اشقاء قضوا في الحريق.
وكتبت اسماء الاطفال الاربعة باحرف مضيئة ووضعت على مذبح الكنيسة خلال التشييع الذي شارك فيه العشرات ممن قدموا من اسبانيا.
وارتدت والدة الاطفال الثلاثة ملابس بيضاء. وقال الاب الذي لم يتمكن من حبس دموعه لفرانس برس quot;سنعود الى ديارنا، ولكن لا نعرف متىquot;.
واثارت هذه الماساة حالة عامة من الحزن في قطر بعد ان اودت بحياة 19 شخصا بينهم 13 طفلا دون الخامسة، وطرحت تساؤلات حول معايير السلامة والشفافية في هذا البلد الغني الذي يسعى الى تبوء مركز عالمي.
وتجمع اكثر من الفي شخص من مختلف الجنسيات تحت اشعة الشمس الحارقة للصلاة على جثامين اربعة مسلمين من ضحايا الحريق.
وتقدم المشيعون وزير الدولة للداخلية وقيادات الدفاع المدني وافراد من الجاليات الجنوب افريقية والمغربية والايرانية، فالضحايا الاربع الذين صلي على جثامينهم في جامع مسيمر قبل ان يدفن ثلاثة منهم في مقبرة مجاورة، هم طفل ومدرسة من جنوب افريقيا وعنصران من الدفاع المدني، مغربي وايراني.
قطر تودع ضحايا الحريق بالذهول والتساؤل |
وقال وزير الدولة الشيخ عبد الله بن ناصر ال ثاني لوكالة فرانس برس quot;غدا سيتم الاعلان عن اسباب الحادثquot; فيما اكد الشيخ الذي ام الصلاة ان الضحايا quot;شهداء وابطالquot;.
وكشف النقيب مبارك البوعينين رئيس القسم الاعلامي في وزارة الداخلية لوكالة فرانس برس عن تفاصيل جنسيات ضحايا الحريق الذي اسفر ايضا عن مقتل اربع مدرسات حوصرن مع الاطفال في حضانة داخل المول، اضافة الى اثنين من عناصر الدفاع المدني.
وذكر البوعينين ان الضحايا هم quot;طفلة اميركية واحدة من اصل عربي وثلاثة اطفال توائم من نيوزيلاندا وطفلة من كندا، وطفل وطفلة من مصر، وطفل ومدرسة من جنوب افريقيا، وثلاث فيليبينيات هن مدرستان ومحاسبة، واربعة اطفال اسبان وطفل صيني اضافة الى عنصر مغربي من الدفاع المدني وآخر ايرانيquot;.
ويحمل الطفل المصري الجنسية الفرنسية ايضا.
وسيتم تسفير معظم الضحايا غير المسلمين، خصوصا الاطفال النيوزيلانديين. وقال البوعينين quot;انهينا اجراءات تسفير النيوزيلانديين مع اهلهمquot;. كما سيتم تسفير ثلاثة من الاطفال الاسبان الاربعة ويدفن الرابع في قطر.
وكذلك، قررت عائلة الطفل الصيني تسفير رفاته الى بلاده فيما تتواصل السلطات مع كفلاء الفيليبينيات لاتخاذ قرار بشانهن.
واكد البوعينين ان السلطات اتخذت كل الاجراءات لمواساة العائلات وتسهيل هذه المرحلة الصعبة عليهم.
وقال quot;نقلنا كل ادارات الداخلية الى قرب المشرحة، جميعنا مجندون لهذه المسألة والتقينا باغلب اهالي الضحايا وعزيناهم وشاطرناهم الامهم وسهلنا كل اجراءاتهم في نفس المكانquot;، اي في المستشفى.
وفيما تعم قطر حالة من الذهول، بدأ التحقيق في ملابسات المأساة وسط تساؤلات حول معايير السلامة والشفافية في هذا البلد الغني الذي يسعى الى مركز عالمي.
وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي صور الضحايا الاطفال، لاسيما النيوزيلانديين التوائم الثلاثة الذين لم يتجاوز عمرهم الثلاث سنوات.
وقالت اذاعة نيوزيلندا ان الضحايا الثلاث هم ليلي وجاكسون وويلشر ويكس.
وذكر طارق بايزلي وهو صحافي نيوزيلندي يقيم في قطر وكان في المركز التجاري عند نشوب الحريق ان الموظفين لم يكونوا مستعدين لحالة طارئة كهذه.
وقال الصحافي لاذاعة نيوزيلندا quot;لم يكن هناك اي تخطيط او تنسيق لاجلاء الناسquot;.
وشب الحريق عند الساعة 11,30 (08,30 ت غ) في مركز فيلاجيو الذي يعد من اشهر المولات في منطقة الخليج ويضم متاجر ومطاعم ودور سينما وفيه اقنية مائية للقيام بنزهات في زوارق.
وعاشت قطر ساعات طويلة من الغموض بعد اندلاع الحريق، وسط تعتيم شبه كامل على المعلومات ما فتح الباب واسعا امام انتشار الشائعات.
وبعد ان اعلنت الداخلية في بادئ الامر ان الحريق لم يسفر عن ضحايا، كشفت في نهاية نهار الاثنين عن الحصيلة المفجعة دون تحديد جنسيات الضحايا.
ويبدو ان عناصر الاطفاء لم يكونوا على دراية في بادئ الامر بوجود اطفال في حضانة محاصرين.
واسفر الحريق عن انهيار درج يؤدي الى الحضانة ما تسبب بمحاصرة الاطفال، واضطر عمال الاطفاء الى فتح فجوة في السقف، واظهرت الصور عمال الاطفاء يحملون اطفالا فارقوا الحياة على سطح المبنى فيما بدت ملامح الفاجعة على وجوه المنقذين.
واكدت السلطات ان احدا من الضحايا لم يقض حرقا بل توفوا جميعا جراء الاختناق.
وكان وزير الدولة للشؤون الداخلية اعلن في مؤتمر صحافي مساء الاثنين ان quot;احدا لا يستطيع الجزم باسباب اندلاع الحريق، الا ان النيابة العامة والجهات المعنية المختصة ستباشر التحقيقات للتوصل إلى أسبابه، وهو ما سوف يفصل فيه القضاء، وبالطبع سيحاسب كل من قصر في هذا الحادثquot;.
وشكل ولي العهد الشيخ تميم بن حمد ال ثاني لجنة للتحقيق في المأساة فيما اغلق المول حتى اشعار آخر للتصليح والتحقيق.
وافادت صحف عن توقيف شخصين من ادارة المول للتحقيق.
والغالبية العظمى من سكان قطر البالغ عددهم 1,7 مليون نسمة من الوافدين.
وفتحت الكارثة الباب واسعا امام تساؤلات حول معايير السلامة في هذا البلد الذي يحقق معدلات نمو مذهلة وتعلو فيه الابراج بسرعة ويستعد لاستقبال كاس العالم لكرة القدم في 2022.
وكتب صالح بن عفصان الكواري رئيس تحرير صحيفة الراية quot;حقيقة فان الحادث مؤسف، وينم عن قصور فاضح في إجراءات السلامة والأمن بالمجمعات التجارية التي يتوجب عليها أن تتخذ من وسائل الحيطة والسلامة ما يجنب زوارها والمترددين عليها من المتسوقين مثل هذه الحوادث الاليمة ويجنبها هي نفسها الخسائر المادية والمساءلة القانونية والنيل من سمعتهاquot;.
واضاف quot;انه الاهمال الذي يشبه القتل العمدquot;.
بدوره انتقد الكاتب صادق محمد العماري في الصحيفة نفسها التعتيم الرسمي على الحقائق.
وقال quot;ابسط قواعد الشفافية تقضي بعدم فرض حالة التعتيم الاعلامي على مثل هذه الحوادث المأساوية، فالمشاهد التي لم يذعها تلفزيون قطر وجدت طريقها على تلفزيونات دول أخرىquot;.
واضاف quot;ان المعلومات التي لم يتم نفيها بعد سبع ساعات من اطلاقها لا يمكن تغيير تأثيرها في نفوس من صدقوهاquot;.
اهتمام عالمي بتداعيات حريق مركز فيلاجيو
أصداء واسعة حظي بها الحريق الضخم الذي شب يوم أمس في مركز تسوق فيلاجيو، الذي يعد أكبر مركز في العاصمة القطرية الدوحة، وأسفر عن مقتل 19 شخصاً، من بينهم 13 طفلاً. وهو ما أبرزته وسائل إعلام، خاصة بعد الكشف عن اشتمال قائمة الأطفال المتوفين على ثلاثة أشقاء توائم، يبلغون من العمر عامين، من نيوزيلندا.
وهؤلاء الأطفال الثلاثة هم ليلي وجاكسون وويلشر ويكس، وقد لاقوا حتفهم جميعاً بعد أن حوصروا حين انهار سلم مؤدي إلى الحضانة الموجودة في الطابق الأول بالمركز.
الحريق في قطر حظي بأصداء واسعة في العالم |
وأشارت في هذا السياق صحيفة الدايلي ميل البريطانية إلى أن رجال الإطفاء شقوا طريقهم عبر سقف المبنى في محاولة من جهتهم لإنقاذ هؤلاء الموجودين بالداخل، لكنهم كانوا متأخرين للغاية، حيث تعذر عليهم إنقاذ التوائم الثلاثة، الذين توفوا، كما قيل، نتيجة استنشاقهم الدخان. وقد مات أيضاً ستة أطفال آخرين وستة أشخاص بالغين.
وقالت وزارة الخارجية الاسبانية إن أربعة من الأطفال الذين توفوا كانوا مواطنين أسبان يعيشون في قطر. كما توفي في الحادثة ثلاثة أشقاء تتراوح أعمارهم ما بين عامين وسبعة أعوام، والدهم هو عامل بناء كبير يدعى كاميلو ترافيسيدو من مدريد.
وتوفيت كذلك فتاة اسبانية تبلغ من العمر سبعة أعوام، لم يُعرَف عنها حتى الآن سوى اسمها الأول وهو ايزابيل وهي أساساً من كامبو دي كريبتانا في منطقة سيوداد ريال. وأفادت وسائل إعلام أوروبية بأن والديها انتقلا لقطر للعمل قبل بضعة أعوام.
وكان من بين الضحايا أيضاً طفل فرنسي عمره ثلاثة أعوام، على حسب ما ذكره يامينا بينغويغوي، نائب وزير المواطنين الفرنسيين بالخارج. كما مات أيضاً أطفال من اليابان وجنوب إفريقيا والفلبين، إلى جانب ثلاثة مدرسين فلبينيين ومدرس جنوب إفريقي.
ومضت الصحيفة تشير إلى أن والد التوائم الثلاثة، مارتن ويكس، مدرج على الصفحة الخاصة به على موقع ينكدين للتواصل الاجتماعي باعتباره مستشاراً بارزاً بوكالة الخدمات الإعلامية التابعة للحكومة القطرية والرئيس التنفيذي السابق لملعب ايدين بارك سبورتس في أوكلاند في الفترة ما بين عامي 1996 و 2000.
وفي حديث لها مع مؤسسة فيرفاكس ميديا الإعلامية الاسترالية، قالت جدة التوائم وتدعى جو تيرنر :quot; اتصلت بنا ابنتا. وقلنا لها ماذا تقولين ؟ إنه بالفعل لأمر ساحق للقلوب. فقد كانوا كل شيء لها. وقد كانت أم رائعة. وكانت تتعامل معهم بنفسهاquot;.
وقال الجد، رون تيرنر، في تصريحات أدلى بها لموقع نيوزتوك زد بي، إنه سيغادر رفقة زوجته الليلة للدوحة لكي يكونا مع ابنتهما وزوجها.
وأشار إلى أنه تحدث مع ابنته، جين، وأضاف :quot; كانت لا تزال في حالة فقدان للوعي كما كنت أتوقع. وها هم باقي أفراد العائلة والأصدقاء يؤازروننا ويقدمون لنا الدعم. لكنك تنتقل الآن من حياة سعيدة كاملة وكيان أسري إلى موقف لا يمكنني أن أتوقع ما إن كنت سأشعر بعده بالسعادة أم لاquot;.
وأوضح الجد أن التوائم الثلاثة يذهبون لمركز الرعاية النهاري هذا ثلاثة فترات صباحية أسبوعياً. وهو ما أتاح لهم الفرصة لمقابلة مزيد من الأطفال وأن ينخرطوا في بيئة مختلفة عن تلك الموجودة في وطنهم، وكانوا فخورين للغاية لعرض حقائبهم المدرسيةquot;.
ونوهت الدايلي ميل إلى إصابة 17 شخصاً آخر، من بينهم أربعة أطفال. وأوضحت أن معظم الذين أصيبوا كانوا من المنقذين الذين هرعوا إلى موقع الحريق. ومن بين الذين أصيبوا كذلك شقيق أحد المدرسين الفلبينيين الذين لاقوا حتفهم، وها هو يتعافى الآن.
هذا وقد اشتعل الحريق قبل وقت قصير من منتصف النهار. وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من المبنى، بينما منعت الإسعاف والشرطة الدخول إلى المجمع. ولم يتضح على الفور الأسباب التي وقفت وراء الحريق. ونقلت الصحيفة عن صحافي نيوزيلندي سابق يدعى طارق بازلي، كان متواجد في المركز عند اندلاع الحريق، قوله إنه سمع صوت إنذار، لكن أحد الحضور أخبره أنه عادةً ما يكون إنذار كاذب.
وأضاف أنه quot; سرعان ما عمت حالة من الفوضى بعد ذلك، وبعدها بحوالي عشر دقائق، شاهدت أحد المواطنين يمر من تلك المنطقة مسرعاً ويطالب الجميع بالخروج فوراً، لأن النيران مشتعلة في نصف المركز الآخرquot;.
وتابع بازلي :quot; أعتقد أن المشكلة تمثلت في أنه حين وصلت النيران للمنطقة القريبة من الحضانة، لم يكن هناك مخرجاً بالفعل للهروب. فكلا المخرجين كانا مسدودان بالدخان، ويبدو أن عطلاً ربما أصاب نظام التنبيه وإطفاء الحرائقquot;.
وبحسب ما ذكره الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني، وزير الدولة القطري للشؤون الداخلية، فإن بعضاً على الأقل من الضحايا قد لاقوا حتفهم بسبب معاناة المنقذين في الوصول إلى مركز رعاية الأطفال.
وفي حديث له مع الصحافيين في الدوحة، تابع الشيخ عبد الله بقوله:quot; لقد بذلنا قصارى جهدنا، لكن حين وصلنا إلى هناك، كان الأطفال محاصرين بالداخل، ونشعر بالأسف الشديد لما حدث. وقد حاولنا بمقدار ما كان في وسعنا أن ننقذ هؤلاء الأشخاصquot;.
وقال مراسل فضائية الجزيرة، ستيفاني ديكر، من موقع الحادث :quot; حضانة quot;جيمبنزي - Gympanzeequot;، حيث كان يتواجد معظم الأطفال، موجودة في الطابق الأول، وهناك صعوبة في الوصول إليهاquot;. فيما قال أحد أقارب صبي توفي في الحريق يبلغ من العمر عامين quot; لا يبدو أن هناك أي إنذار أو طفايات للحرائق في المركزquot;.
واعترفت وزارة الداخلية القطرية، على حسابها الخاص على موقع تويتر للتدوين المصغر، بأن الحرارة والدخان الكثيف قد تسببا في إعاقة جهود الإنقاذ، مثلما عمل غياب الخطط الأرضية، والأعطال التي أصابت أنظمة إطفاء الحرائق.
وعاود الشيخ عبد الله ليقول إن جميع المباني في البلاد ملتزمة بمتطلبات الأمان، لكنه أوضح أن لجنة خاصة سيتم تشكيلها، على الرغم من ذلك، لمراقبة معايير أمان المباني والمنشآت.
في سياق متصل، أصدرت الحكومة القطرية تعليماتها لبدء تحقيق على الفور لمعرفة ملابسات الواقعة. وأفادت صحيفة قطر تريبيون بأن مسؤولي العائلة الحاكمة في البلاد أثنوا على جهود رجال الإطفاء، رافضاً كل المزاعم التي أثيرت بشأن رفضهم دخول موقع الحريق. هذا وسيظل المركز مغلقاً بانتظار نتائج التحقيقات.
هذا وبدأت تثار موجة من الشكوك بشأن معايير السلامة المتبعة في قطر، بعد أن اندلع الثلاثاء حريقين آخرين في كلية للطيران ومدرسة للفتيات بالعاصمة القطرية الدوحة. وهو الأمر الذي أكدته صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية في سياق تقرير لها بهذا الخصوص، لاسيما وأن قطر تعتبر أكبر مُصَدِّر للغاز الطبيعي المسال، وواحدة من أغنى الدول في العالم.
وسبق لها أن أعلنت قبل بضعة أيام عن ميزانيتها التي تقدر بـ 49 مليار دولار للعام المالي الجديد الذي سينتهي آذار/ مارس المقبل.
التعليقات