فتى سوري خلال تظاهرة ضد نظام الأسد في يبرود قرب إدلب - 25 أيار (مايو) 2012

القاهرة: رغم تواصل النداءات الأوروبية التي أفضت في نهاية المطاف العام الماضي إلى قيام حلف شمال الأطلسي quot;الناتوquot; بعملية عسكرية في ليبيا، بزعم حماية المدنيين من قصف قوات العقيد الراحل معمر القذافي، إلا أنها لم تكن كذلك إزاء الأوضاع في سوريا.

ومن المتوقع أن تضغط فرنسا وألمانيا على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للموافقة على تدابير أشد بحق السلطات السورية حين يزور باريس وبرلين اليوم الجمعة.

لكن في الوقت الذي تواجه فيه القارة الأوروبية تداعيات وخيمة نتيجة الأزمة الاقتصادية والاضطرابات السياسية، يتوقع قليلون في ألمانيا أن يتمكن قادتهم من حشد الرأي العام العالمي للتدخل بصورة كبيرة في ما تشهده سوريا من مستجدات وتطورات.

وبدلاً من ذلك، أشارت اليوم صحيفة واشنطن بوست الأميركية إلى أن قادة أوروبا الذين سبق لهم أن دفعوا إدارة أوباما الحذرة للتصرف من المرجح الآن أن يسيروا على النهج في ما يخص الوضع في سوريا، بينما تتركز جهودهم على حماية عملتهم الهشة.

وهو ما جعل المعارضة السورية المجزأة بلا شريك غربي مستعد للقيام بدور محوري في المساعدة على الإطاحة بالرئيس الأسد، حتى مع تصعيد تكتيكاته ذات القبضة الحديدية لقمع المعارضين. وقد حمَّلت الأمم المتحدة حكومة الأسد مسؤولية المجزرة التي وقعت في قرية الحولة وراح ضحيتها أكثر من 100 شخص الأسبوع الماضي.

ومع تزايد أعداد القتلى وتجاوزها طوال فترة الانتفاضة حاجز العشرة آلاف قتيل، بحسب تقديرات أممية، بدأ يشجب قادة المعارضة السورية رفض الولايات المتحدة والدول الأوروبية تقديم يد العون لهم. وهو ما جعل المسؤولين في أميركا وأوروبا يقولون إن سوريا أكثر تعقيداً من ليبيا، فيما تساءل كثيرون عن جدوى التدخل العسكري.

وبسؤاله يوم أمس عما إن كان لديه رؤية للموقف حال قيام الولايات المتحدة بعملية عسكرية في سوريا، دون تفويض من الأمم المتحدة، قال وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا quot;لا، لا يمكنني تصور ذلك، لأني كوزير دفاع، تتمثل مسؤوليتي الكبرى في التأكد من توقيت نشر قواتنا وتعريضها للخطر، ونحن لا نعلم فحسب طبيعة المهمة، بل إن لدينا نوعية الدعم التي نحتاج إليها لإنجاز تلك المهمةquot;.

وفي تصريحات أدلت بها في الدنمارك، اعترفت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، التي كانت تدعم بقوة العام الماضي القيام بعملية ضد قوات القذافي، بأنهم ليسوا قريبين من تشكيل أي نوع من أنواع الائتلافات سوى العمل لتخفيف معاناة السوريين.

وأكدت كلينتون أن بلادها تلتزم الحذر في طريقة تعاطيها مع الأوضاع في سوريا لعدة أسباب، منها عدم وجود جبهة معارضة موحدة ضد الأسد، وعدم سيطرة خصومه على جزء كبير من الأرض، فضلاً عن أن الجيش السوري أقوى من جيش القذافي، بالتزامن مع عدم دعوة جامعة الدول العربية لتدخل عسكري كما حدث في ليبيا، وكذلك التخوف والقلق من نشوب حرب أهلية طائفية قد تغمر المنطقة بأسرها.

وهي المخاوف نفسها التي عبّر عنها قادة أوروبيون، خاصة وأنهم يدركون تماماً أنه لا يمكنهم الاستغناء عن مساعدة الإمكانات الأميركية الفائقة لتدمير النظم المضادة للطائرات وإعادة التزود بالوقود في الجو وتنفيذ عمليات استطلاع واستهداف معقدة.

ومضت واشنطن بوست تنقل عن توماس فالاسيك، مدير شؤون الدفاع والسياسة الخارجية في مركز الإصلاح الأوروبي في العاصمة البريطانية، لندن، قوله: quot;لقد تغيرت الظروف في أوروبا بشكل جذري. نعم، كنا في أزمة اقتصادية عام 2011، حين تطورت الأوضاع في ليبيا، لكن كان مازال هناك إحساس بأنها أزمة يمكن السيطرة عليها. ولدى أوروبا ثقة في أنها غير قادرة على السيطرة على تلك الأزمة اليومquot;.

وقال شاشانك جوشي زميل الأبحاث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن: quot;ليس هناك بالتأكيد بطل بشأن سوريا. وكان شهر آذار (مارس) من العام الماضي لحظة مواتية تماماً لساركوزي وكاميرون ليقودا الحملة في ليبيا ويقنعا البيت الأبيض بها. ولم يكن لديهما الإلهاءات نفسها التي تعانيها الآن دولتاهما على الصعيد الداخليquot;.

وختمت الصحيفة بنقلها عن ستيفان كورنيليس، محرر الشؤون الخارجية في صحيفة سودويتشه تسايتونغ اليومية الألمانية، قوله :quot; هناك طلبات متزايدة للقيام بشيء، لكن لا أحد يعلم ما هو ذلك الشيء الذي ينبغي القيام به في ما يخص الوضع في سورياquot;.