مغاربة أمام إحدى السفارات احتجاجًا على بتر خريطة بلدهم |
تكررت ردود فعل المسؤولين الحكوميين المغاربة خلال حضورهم منتديات دولية في مناسبات متعددة، عند بتر الجزء المتضمن للصحراء من خريطة المملكة، وبدا المغربمع هذا الوضع مجبرًا على الرد بالاحتجاج.
الرباط: يعتبر وزير الشؤون المغربية سعد الدين العثماني أن عملية بتر الجزء المتضمن للصحراء من خريطة المغرب خلال بعض المنتديات الدولية تكاد تبدو عادية تمامًا، ولا تدعو إلى الاحتجاج، بحيث يتم تصحيح الخطأ في الحال وتقدم الدولة المنظمة، حين يتم ارتكاب الخطأ على مستوى بتر الخريطة، اعتذارها الرسمي.
واستبعد العثماني في تصريح لـquot;إيلافquot; سوء النية الذي قد يكون وراء عملية بتر الجزء الجنوبي من خريطة المغرب خلال بعض المناسبات الدولية، مؤكدًا على أن الخطأ غالبًا ما يتأتى من كون بعض الشركات المختصة في تنظيم تلك المنتديات الدولية تورد خريطة المغرب مبتورة من جزئها الجنوبي الذي يضم الصحراء.
وكانت آخر مرة، التي تعرضت فيها خريطة المغرب للبتر، وقد لا تكون الأخيرة، في شهر أيار (مايو) الماضي خلال انعقاد منتدى الدوحة الدولي، إذ تم بتر خريطة المملكة٬ وإظهار المغرب منفصلاً عن صحرائه أثناء تقديم الدول المشاركة في هذه التظاهرة، ما استدعى احتجاج وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي لدى السلطات القطرية.
وفوجئ الوفد المغربي خلال حضوره الجلسة الافتتاحية لهذا المنتدى الدولي٬ بفصل الأقاليم الجنوبية عن خريطة المملكة٬ أثناء تقديم الدول المشاركة٬ مما حذا به إلى quot;تقديم احتجاج رسمي لدى السلطات القطرية وعلى أعلى المستويات٬ جراء ارتكاب هذا الخطأ الذي يسيء إلى دولة عربية شقيقةquot;، حسب ما ورد في تصريح للوزير المغربي أثناءها، قبل أن يشير إلى أن السلطات القطرية٬ قدمت اعتذارًا رسميًا جراء هذا الخطأ٬ محملة المسؤولية فيه للجهة المنظمة وهي شركة أجنبية.
جوانب قانونية وسياسية لعملية البتر
من جهة أخرى، يرى الباحث في العلاقات الدولية في كلية الحقوق في وجدة خالد شيات أن لمسألة البتر التي تطال خريطة المغرب quot;جوانب قانونية وأخرى سياسيةquot;. وقال شيات لـquot;إيلافquot;: quot;من الجانب القانوني، في القانون الدولي quot;الصحراء الغربيةquot; هي منطقة نزاع بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريوquot;.
وأضاف شيات: quot;أن الحل الذي يقره المجتمع الدولي يتمثل في استشارة سكان الإقليم المعني بالنزاع حول مسألتي الانضمام للمغرب أو الانفصال وتشكيل دولة مستقلة، وهذا هو منطلق وجود بعثة الأمم المتحدة في المنطقة (المينورسو)، حيث يعتبر وجودها هناك من أجل غايتين، الأولى مراقبة وقف إطلاق النار الذي تم تبنيه من الطرفين المتنازعين منذ 1991، وتطبيق مخطط الاستفتاء لتقرير المصير بتعداد السكان المعنيين وحصرهمquot;.
ويرى الباحث أنه من الجانب العملي، يعد دخول الطرفين في مفاوضات غير مباشرة منذ 2007، أي بعد اقتراح المغرب الحكم الذاتي تبنيًا لحل سياسي متوافق عليه، مع الأخذفي الاعتبار رأي السكان، لا يلغي استمرار تبعية الإقليم للسيادة المغربية، تخليًا عن المسألة الثانية أي الاستفتاء والمفهوم التقليدي لتقرير المصير.
وأوضح لـquot;إيلافquot;: quot;في الاتجاه نفسهسبق لجبهة البوليساريو أن أعلنت قيام الدولة الصحراوية سنة 1976، وبالتالي يجب التفريق بين المفهومين؛ أي كون المنطقة في مفهوم القانون الدولي منطقة نزاع وبين كونها دولة؛ الدولة تخضع للاعتراف وquot;الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطيةquot; لم تنل إلا اعترافات قليلة على الصعيد العالمي ولم تحصل إلا على عضوية منظمة دولية واحدة وهي منظمة الوحدة الأفريقية سابقًا أو الاتحاد الأفريقي حاليًا، والحقيقة أنه من بين أكثر من خمسين دولة أفريقية لم تعد هناك سوى 18 دولة تعترف بهذه الجمهورية. على أن ذلك لا يعني بداهة كون الدول وغيرها من الدول التي لا تعترف بهذه الجمهورية تعترف بمغربية الصحراء.quot;
وعلى أساس هذه الرؤية، يعتقد شيات أن وجود خريطة تشير إلى كون الإقليم محل خلاف دولي من قبيل تركها من دون اسم أو تضمين اسم الصحراء الغربية لا يجعل هذه الدول في خلاف مع الواقع.
ويرى أنه من الناحية السياسية هناك اتجاهان: quot;اتجاه يعتبر كون الدول التي لا تعترف بالجمهورية الصحراوية ملزمة بتوضيح موقفها من مغربية الصحراء، واتجاه يعتبر أن عدم الاعتراف لا يجبر الدول على اعتماد خرائط تعتبر الإقليم مغربيًاquot;.
وقال شيات: quot;من وجهة نظري، إن المغرب لا يجب عليه، في كل مرة، أن يثير مثل هذه الاعتبارات إلا إذا كان من ورائها تصور سياسي واضح أو ربح معنوي يؤدي إلى سحب اعتراف دولة بالجمهورية الصحراوية أو يوضح الموقف الرسمي لهquot;.
من جانب آخر، يرى ابراهيم أفروخ، الرئيس المنتدب لرابطة أنصار الحكم الذاتي في الأقاليم الصحراوية، في عمليات بتر الصحراء من خريطة المغرب التي لوحظت في الآونة الأخيرة بشكل متكرر quot;ابتزازًا للمملكة المغربية تمارسه مجموعة من الدول هي أشبه ما تكون بعمليات لي ذراع المغرب تحت طائلة دواعٍ ومصالح اقتصادية أو سياسية تختلف من دولة إلى أخرى خصوصًا وأن البتر يأتي على صعيد مجموعة من الدول، تم مؤخرًا مع دول عربية خاصة خلال مناسبات انعقاد منتديات دولية سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو رياضيةquot;.
إعادة النظر في تدبير ملف الصحراء
وأشار أفروخ لـquot;إيلافquot;: quot;هذا نزاع مفتعل حول الصحراء المغربية، من جهة هناك جبهة البوليساريو التي تطالب بالاستقلال في مقابل واقع وجود المغرب على الصحراء يسيّر شؤون الإقليم إداريًا ويشرف على التنمية فيهquot;.
وأوضح: quot;حين ننظر إلى هذا الأمر، نرى كيف تتعاطى الأمم المتحدة مع هذا المشكل، أولاً هناك وثائق تنتج عن المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو وهناك وثائق رسمية لمنظمة الأمم المتحدة تبتر الصحراء من خريطة التراب المغربي، هناك بتر من ناحية القانون الدوليquot;.
ويرى بأن الردود الحكومية المغربية الحقيقية quot;لا يمكن لها إلا أن تسير نحو ضرورة إعادة النظر في التعامل مع ملف الصحراء على المستوى الدولي.quot; كما قال، معتبرًا أن البتر يجب أن ينزع من داخل الأمم المتحدة وليس من حركات ومنظمات أو منتديات دوليةquot;.
ويعتقد المسؤول في الجمعية التي أنشأها صحراويون للدفاع عن مشروع الحكم الذاتي في الصحراء أن ما تتعرض له الخريطة المغربية من بتر لجزئها الجنوبي إنما هو نتيجة أخطاء لمن أشرفوا على تدبير الملف قبل أكثر من 35 سنة، أي منذ بدء النزاع حول الصحراء بين المغرب والبوليساريو المدعومة من قبل الجزائر في سياق أجواء الحرب الباردة حينها.
التعليقات