اضطرت السلطات العراقية اليوم إلى تغيير خططها الأمنية الضخمة التي حشدت خلالها 33 ألف عسكري لحماية المشاركين في مراسم إحياء وفاة موسى الكاظم الامام السابع لدى الشيعة إثر 30 تفجيرًا ضربت العاصمة ومدنًا أخرى وأدت إلى مصرع 55 شخصًا وإصابة اكثر من 200 اخرين.. فيما اعتبر مراقبون ان الخلافات السياسية المحتدمة بين الكتل قد شجعت على تنفيذ هذه التفجيرات التي اتهمت القاعدة بها فيما السياسيون منشغلون بقضية سحب الثقة من الحكومة.


أعلنت اللجنة الأمنية المشتركة المكلفة بالخطة الأمنية لحماية الزائرين لإحياء ذكرى وفاة الامام موسى الكاظم والتي تضم قيادة عمليات بغداد ووزارة الداخلية والحكومة المحلية للعاصمة عن اجراء تغيير في الخطة الأمنية بدأ من صباح اليوم إثر موجة التفجيرات quot;الارهابيةquot; التي استهدفت الزوار في بغداد.

وقال رئيس اللجنة الأمنية في مجلس المحافظة عبد الكريم إن quot;الاجهزة الأمنية اجرت تغييرا في الخطة الأمنية لحماية الزائرين المتوجهين إلى الكاظمية بعد التفجيرات التي حصلت اليوم ومنها تغيير مسار سير الزائرينquot;.

وأضاف أن quot;تعليمات وجهت إلى الأجهزة الأمنية بالتحقق من جميع العجلات المتوقفة بالقرب من خط سير الزوار كما وجهت تعليمات ايضا بالتأكد من اكياس النفايات الملقاة على جوانب الطرقات خشية احتوائها على عبوات ناسفة كما قال في تصريح وزعه المركز الاعلامي لشبكة الاعلام العراقية الرسمية.

وأشار إلى أنّه تم نشر قوات أمنية استخبارية بلباس مدني تتولى مهمة دعم القوات الأمنية في حماية الزائرين إلى مدينة الكاظمية. وأوضح quot;تم الاستعانة بقوات إضافية لدعم الخطة الأمنية المطبقة في العاصمة بغداد وستتولى طائرات مروحية على مدار اليوم تغطية الاجواء منعا للهجمات بقذائف الهاونquot;.

ورغم ذلك فقد ضربت سلسلة تفجيرات اليوم عددًا من المدن العراقية واستهدفت خاصة زوارا متوجهين إلى الكاظمية في ضواحي بغداد الشمالية لإحياء مراسم ذكرى وفاة الامام الكاظم سابع الائمة الشيعة والتي ستصل ذروتها السبت المقبل.

وعلى الفور، ترأس رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي إجتماعاً ضم عدداً من آمري ألوية الجيش والشرطة حيث تم quot; في آخر تطورات الوضع الأمني وإيجاد السبل الكفيلة بمعالجة بعض الثغرات التي يستغلها الإرهابيون والجماعات الداعمة لهم والمستفيدة من أعمالهم وأن لايكون هناك استرخاء من قبل قواتنا في أداء واجباتها أو الغفلة من هؤلاء داعياً إلى اتخاذ إجراءات صارمة بحق من يثبت تساهله وإهماله في أداء الواجبquot; كما قال مكتبه الاعلامي.

وحذر المالكي quot;من الخلافات السياسية التي يجب ان تقف عند حد معين ما قد ينعكس سلباً على الوضع الأمني... وقال ان الأمن هو البوابة لتحقيق كل طموحاتنا وتطلعات المواطنين وفسح المجال لعملية البناء والإعمار وإقامة الدولة العصرية والمستقرةquot;.

وقد حمل ديوان الوقف الشيعي في العراق تنظيم القاعدة quot;الارهابيquot; مسؤولية التفجيرات التي طالت الزائرين المتوجهين إلى مدينة الكاظمية داعيا الاجهزة الأمنية إلى بذل المزيد من الجهود للحيلولة دون ازهاق ارواح الابرياء.

وقال رئيس الديوان صالح الحيدري إن quot;على المؤسسة الاسلامية السنية خاصة أن تتبرأ من الفئة الضالة التي تسعى إلى تحقيق الاذى بالمواطن العراقي بصورة عامة من اجل خلق حالة من الفوضى والفتنة بين ابناء الشعبquot;. وأشار إلى أن quot;الخطة الأمنية الموضوعة حاليا تواجه التحديات وندعو الجميع إلى تحمل مسؤوليته سواء كان رجل أمن او مواطنا عاديا من اجل حماية المواطنينquot;.

وقد حشدت السلطات العراقية 33 ألف عسكري و12 طائرة و60 خلية استخبارية ونشر العشرات من رجال الأمن باللباس المدني بين الزائرين الذين يتوقع ان يزيد عددهم عن المليونين. وعلى الرغم من ذلك فقد شهدت البلاد اليوم سلسلة تفجيرات وقعت بشكل متزامن وعددها نحو 30 هجوما شملت بغداد والمدائن وابو غريب والنهروان والعزيزية وبلد وكركوك بينها تفجير 14 عبوة ناسفة و12 سيارة مفخخة وشن ثلاث هجمات مسلحة في الحلة والموصل وكربلاء وكركوك وبعقوبة وبغداد ومناطق محيطة بها ما ادى إلى مقتل حوالى70 شخصاً وأصيب اكثر من 200 آخرين بجروح.

طالباني يجيب القوى المعترضة على رفضه سحب الثقة من المالكي

وقد اعتبر مراقبون أن هشاشة الوضع السياسي في العراق وانشغال السياسيين وتصاعد خصوماتهم على خلفية محاولات سحب الثقة من حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي قد شجع على هذه التفجيرات التي ضربت مدنا عدة اليوم.

وفي آخر تطور للازمة السياسية الراهنة فقد أعلن الرئيس جلال طالباني انه يعد رسالة جوابية إلى قادة كتل العراقية والتحالف الكردستاني والتيار الصدري حول اعتراضهم على رفضه سحب الثقة من رئيس الوزراء نوري المالكي بسبب ما قال انه عدم كفاية توقيعات النواب المطالبين بذلك لكن هذه القوى مصرة على ان العدد هو اكبر من ذلك وكفيل بسحب الثقة.

وكان طالباني قال السبت الماضي ان اللجنة التي كلفها بالتدقيق في توقيعات النواب قد استلمت تواقيع 160 نائبا من ائتلاف العراقية وتحالف القوى الكردستانية وكتلة الاحرار الصدرية وعدد من النواب المستقلين واضيفت اليهم لاحقا قائمة باسماء عدد من نواب الاتحاد الوطني الكردستاني لكنه لاحقا قام 11 من النواب الموقعين سابقا بابلاغ مكتب رئيس الجمهورية بسحب تواقيعهم بينما طلب نائبان اخران quot;تعليقquot; توقيعيهما. وأضاف انه نظرا لعدم اكتمال النصاب فان رسالته رغم جاهزية نصها لم تبلغ إلى مجلس النواب لاجراء تصويت على سحب الثقة وهي مودعة حاليا لدى رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني.

واليوم أكدت كتلة اللقاء التشاوري التي تضم العراقية والكردستاني والصدري سعيها لحماية العملية السياسية والديمقراطية من خلال سحب الثقة من المالكي وتكليف التحالف الوطني بتقديم مرشح جديد يحظى بثقة الشعب والكتل السياسية وقادراً على الالتزام بالدستور والاتفاقات السياسية ومن ضمنها اتفاقية اربيل التي تشكلت بموجبها الحكومة الحالية.

وقال المتحدث باسم العراقية حيدر الملا في تصريح صحافي تسلمته quot;إيلافquot; اليوم انه بدلاً من ان يبدي المالكي احترامه للدستور والاليات الديمقراطية بدأ يهدد كعادته بالملفات ضد الشركاء السياسيين في منهج إن دل على شيء فإنه يدل على ان بعض الاطراف تفهم الديمقراطية باتجاه واحد فقط عندما تخدم مصالحها.

وأضاف ان العراقية وشركاءها من التيار الصدري والتحالف الكردستاني وبعض قوى التحالف الوطني يؤكدون استنكارهم هذه التهديدات التي لن تزيدهم الا عزماً وإصراراً على المضي بسحب الثقة من المالكي. وقال quot;لو كان المالكي حريصاً على مصلحة الشعب لما ابقى هذه الملفات (ان صدق بها) ورقة بيده يستخدمها لحماية نفسه ومصالحه، ولقدّمها إلى القضاء او الجهات ذات الاختصاص وفق ما يمليه عليه الموقع من مسؤوليةquot;.

ومن جهته قرر ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي احالة ما يقول انها تواقيع مزورة على طلب سحب الثقة من الحكومة على المحاكم الجنائية. وقال عضو ائتلاف دولة القانون النائب محمود الحسن ان ائتلافه قرر المضي بتحويل هذه التواقيع إلى المحكمة الجنائية. وأضاف ان ائتلافه جمع العديد من الادلة وهو مواصل بذلك ومصمم على تقديم المزورين للعدالة.

وحول مدى قانونية استجواب المالكي المزمع تقديمه من خصومه قال الحسن ان طلب الاستجواب يجب ان يكون دستوريا اي يتضمن شروطا ومخالفات قانونية ودستورية وليست اعتباطية.. quot;وهذا الامر لا يوجد حاليا، لذلك في حال قدم فانه يمكن الطعن به امام المحكمة الاتحادية التي بالتأكيد سترفضه لانه غير معتمد على نصوص دستوريةquot;.

وبالمقابل أعلنت القائمة العراقية بزعامة أياد علاوي تشكيل لجنتين إعلامية وقانونية استعداداً لاستجواب المالكي في البرلمان. وقال القيادي في القائمة حامد المطلك إن قائمته quot;لا تريد إضاعة المزيد من الوقت، وإذا لم يقدم رئيس الجمهورية طلب سحب الثقة قبل انتهاء عطلة البرلمان، فإننا نستطيع توفير كل الشروط التي حددها الدستور لحجب الثقةquot;.

وأضاف quot;سنستجوب المالكي قريباً وسنطرح كل الاتهامات أمام الشعب العراقي وعلى الكتل الأخرى التي تمتلك أدلة ووثائق تثبت مخالفاته في كل المجالات أن تقدمها إلى اللجنة البرلمانية التي ستتولى استجوابهquot;.

وكان رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني أكد الاثنين ان لديه رسالة تحمل توقيعات 170 نائبا وتزيد بستة توقيعات عن العدد المطلوب لسحب الثقة من المالكي وقال ان جهود القوى العراقية مستمرة لتحقيق هذا الهدف. وقال بارزاني إن جهود القوى العراقية مستمرة لتغيير رئيس الحكومة نوري المالكي عبر الدستور.. مؤكدا بالقول quot;quot;تحت أيدينا حالياً رسالة رئيس الجمهورية وأكثر من 170 توقيعاًquot;.

وأشار إلى أنّه والأطراف السياسية الاخرى سترسل رسالة جيدة لرئيس الجمهورية جلال طالباني تؤكد امتلاك القوى الساعية لحسب الثقة توقيعات170 نائبا. وقال quot; إن بديل المالكي وحسب ما متفق عليه سيكون من التحالف الوطنيquot; مؤكدًا أن المالكي أخل بالدستور والاتفاقيات. وتقول القوى المعارضة للمالكي إنها ستلجأ إلى استجوابه في مجلس النواب لدى استئناف جلساته في 21 من الشهر الحالي ثم التصويت على الثقة به وذلك في اجراء نص عليه الدستور العراقي الدائم.

يذكر ان الأزمة بين ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي والقائمة العراقية بزعامة علاوي قد تصاعدت منذ اواخر العام الماضي عقب إصدار مذكرة قبض بحق القيادي في العراقية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بتهمة quot;الإرهابquot; فضلاً عن تقديم المالكي طلباً إلى مجلس النواب بسحب الثقة من المطلك بعد وصفه المالكي بأنه quot;دكتاتورquot; الأمر الذي دفع العراقية إلى طلب سحب الثقة من المالكي ثم قام بدعم هذا الطلب التحالف الكردستاني والتيار الصدري اللذين يؤكدان رفض ظهور ديكتاتورية جديدة وتفرد في السلطة في البلاد.