أكد عدد كبير من سكان إمارة دبي الوافدين خلال استطلاع أجرته quot;إيلافquot; حول مدى جودة الحياة في الإمارة ومدى تفاؤلهم لمستقبلها، أنهم واثقون من أن مستقبل دبي سيكون أفضل مما هو قائم حاليًا، وأنها ستستطيع استعادة ازدهارها الاقتصادي ومكانتها السياحية والتجارية من جديد.


أحمد قنديل من دبي: ينظر سكان دبي الوافدون نظرة تفاؤلية تجاه جودة الحياة فيها، سواء كان في مجالات التوظيف أو الاقتصاد أو الرواتب والدخل الثابت أو المستويات الأمنية والسكنية والترفيهية والبيئية والبنية التحتية والمواصلات. ولكنّهم غير راضين عن المستوى التعليمي والصحي والاجتماعي والعائلي، وكذلك أسعار المواد الغذائية والخدمات.

أهم ما يميز الحياة في الإمارة هو الاستقرار الأمني والسياسي

في المقابل، أشار بعض السكان الوافدين المقيمين في الإمارة إلى أنهم لا ينظرون نظرة تفاؤل نحو مستقبلها، لافتين إلى أن معايير جودة المعيشة فيها ومكانتها السياحية والتجارية تراجعت كثيرًا بعد وقوع الأزمة المالية العالمية عام 2008، وأن إثقالها بالديون، فضلاً عن تأثر حركة التجارة والتصدير وإعادة التصدير فيها سلبًا بعد فرض العقوبات الدولية على إيران وحظر تعامل الكثير من الدول معها تجاريًا سيحدّ من قدرة دبي المستقبلية كمركز تجاري في منطقة الشرق الأوسط على تحسين جودة المعيشة، خاصة في قطاعات التعليم والصحة والاقتصاد والرواتب.

الاستقرار الأمني والسياسي
وذكر محمد السيد quot;مدير مبيعاتquot; أنه راضٍ إلى حد كبير عن جودة المعيشة في دبي، وأنه متفائل بمستقبل الإمارة، لافتًا إلى أنه يعيش في الإمارات منذ أكثر من 15 عامًا تقريبًا، ويشعر بالسعادة والرضا، ويجد أن أهم ما يميز الحياة في الإمارة هو الاستقرار الأمني والسياسي، فضلاً عما تتمتع به من مستوى معيشي ودخول ثابتة تتراوح بين الجيدة والمرتفعة، تمكن المواطن والمقيم من عيش حياة جميلة، والتمتع بالكثير من الأماكن الترفيهية، التي تغطي أرجاء الإمارة بكاملها، ووجود بنية تحتية قوية جدًا، وتوفر كل وسائل المواصلات.

هذا علاوة على أن انخفاض أسعار العقارات بعد الأزمة المالية العالمية ساهم بشكل كبير في حصول الكثير من المقيمين على مساكن قريبة من أعمالهم بأسعار مناسبة، حيث انتفت الحاجة إلى السكن في مناطق تكون بعيدة عن أعمالهم في إمارات أخرى، مثل إمارة الشارقة، التي تكون ذات أسعار وتكلفة سكنية أقل.

أما بالنسبة إلى قطاعات الصحة والتعليم والترابط الاجتماعي والعائلي، فأشار السيد الى أنه غير راضٍ عنها إطلاقًا، حيث أنه لا يثق في معظم الأطباء الذين يذهب إليهم للعلاج، لأنهم لا يستطيعون تشخيص حالاته المرضية تشخيصًا سليمًا في معظم الأحيان، لافتًا إلى أن الأخطاء الطبية المتكررة في الإمارة جعلته يتخوف كثيرًا من مستوى الأطباء.

وحول المستوى التعليمي، قال السيد إن معظم المدارس الخاصة في الإمارة تهدف إلى تحقيق الربح الوفير في المقام الأول من دون الالتفات إلى جودة المستوى التعليمي الذي تقدمه، مضيفًا أنه غير راضٍ كذلك عن مستوى التعليم في الإمارة. وأوضح أن الترابط الاجتماعي بين العائلات في أضيق حدوده، ويتم على فترات متباعدة وغير منتظمة، إلا في حالة كون هذه العائلات متجاورة أو في منطقة سكنية واحدة. ولفت إلى أن أسعار المواد الغذائية قد زادت بصورة غير مسبوقة وتحتاج دعمًا حكوميًا.

مدينة غير عنصرية.. وتخلق فرص توظيف كبيرة
وقال محمود يوسف quot;مهندسquot; إنه راض عن جودة الحياة في دبي بشكل عام في معظم القطاعات، سواء كانت في مجالات التوظيف أو الاقتصاد أو الرواتب الثابتة أو المستوى الأمني أو السكني أو الترفيهي أو البيئي، وكذلك توافر البنية التحتية الجيدة ووسائل المواصلات الآمنة، موضحًا أن دبي من أفضل مدن العالم من حيث المعيشة الجيدة، فهي من أكثر مدن العالم اهتمامًا بالبيئة وبالنظافة العامة، كما تمنح للوافدين الذين يمتلكون الخبرة والكفاءة والمهارة فرص توظيف كبيرة، بصرف النظر عن جنسياتهم أو أديانهم، فهي مدينة غير عنصرية على الإطلاق، وهذا هو سر نجاحها.

مضيفا أن المستوى الاقتصادي للإمارة بدأ يتعافى بشكل كبير الآن، خصوصًا مع تزايد أعداد السيّاح الوافدين إلى الإمارة بعد موجة quot;الربيع العربيquot;، وأن الامارة مازالت مستمرة في مشاريعها الإنشائية وفي تجارتها التصديرية من دون توقف، كما تعدّ الرواتب التي تقدم إلى الموظفين في القطاعين الحكومي والخاص جيدة إلى حد كبير مقارنة بتكلفة المعيشة الحالية، حيث إن الانخفاض الكبير الذي حدث في القطاع العقاري منح السكان فرصة ذهبية للإدخار، لأن معظم سكان الإمارة ينفقون الآن أقل من 20% من راتبهم الشهري كإيجار للوحدة السكنية التي يقيمون فيها على عكس ما كان قبل عام 2008، حيث كان السكان يضطرون إلى دفع 50% على الأقل من دخولهم الشهرية على القيمة الإيجارية للسكن وحدها.

وأكد يوسف أن القطاعين الصحي والتعليمي في الإمارة ما زالا القطاعين الأسوأ حتى الآن، وأن الخدمات الصحية تحتاج مراجعة جذرية، وأنه لا بد من التدقيق على شهادات الأطباء وخبراتهم جيدًا قبل تعيينهم، سواء في المستشفيات الحكومية أو في المراكز الطبية الخاصة.

مضيفًا أنه تتوجب مراقبة المستوى التعليمي للمدارس الخاصة أيضًا، لأنها تهتم بتحصيل المال أكثر من اهتمامها بتحصيل الطلاب للعلم. وعلى الرغم من ذلك تقوم تلك المدارس التي يقبع معظمها في فئة quot;دون المستوىquot; بزيادة رسومها الدراسية السنوية بنسة 30% وأكثر من دون وجود رقيب يحاسبها. وأكد كذلك على ضرورة قيام إدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد بمراقبة أسعار السلع الغذائية التي ازدادت بشدة، وتحتاج دعمًا حكوميًا كبيرًا.

ارتفاع تكلفة المعيشة وأسعار السلع الغذائية
وأوضحت هنا عبدالفتاح quot;موظفةquot; أن تكلفة المعيشة في الإمارة ارتفعت بشكل كبير جدًا في الآونة الأخيرة، خصوصًا أسعار السلع الغذائية والوجبات الغذائية في المطاعم والأماكن الترفيهية، لافتة إلى أنها عندما تذهب لشراء احتياجات المنزل الغذائية الآن تقوم بدفع ضعف ما كانت تقوم بدفعه لشراء الاحتياجات نفسها في العام الماضي على سبيل المثال، وأكدت أن أسعار السلع في ازدياد دائم، الأمر الذي يحتاج مراجعة ومراقبة من قبل أجهزة الرقابة على أسعار السلع والخدمات.

ولفتت عبدالفتاح إلى أن راتبها الشهري كان يكفي لتغطية كل احتياجاتها من قبل، ولكنه الآن يكفي بالكاد لسداد الإيجار السكني وبترول السيارة وخدمة سالك وشراء المواد الغذائية ووجبات المطاعم، وذلك من دون توفير الكثير من الأموال للترفيه. وأشارت إلى أنها غير راضية عن الخدمات الصحية المقدمة، وتخشى من الاضطرار الى إجراء أي عملية جراحية خوفًا من الأخطاء الطبية المتكررة من قبل بعض الأطباء غير الأكفاء.

أقساط الديون
وذكر باسم عدنان quot;محاسبquot; أن معايير جودة المعيشة في دبي تراجعت كثيرًا بعد وقوع الأزمة المالية العالمية عام 2008، حيث إن إثقالها بالديون جراء تلك الأزمة، وتأثر حركة التجارة والتصدير وإعادة التصدير فيها سلبًا بعد فرض العقوبات الدولية على إيران سيحدّان من قدرة دبي المستقبلية على تحسين جودة المعيشة، خاصة في قطاعات التعليم والصحة والاقتصاد والرواتب وخفض أسعار السلع والخدمات.

لافتًا إلى أن أسعار السلع والخدمات في الإمارة تستحوذ على جزء كبير من الراتب الشهري، فضلاً عن ارتفاع رسوم المدارس الخاصة وتردي الخدمات الصحية.

وأوضح عدنان أن قطاعات السياحة والاستثمار التي عادت إلى نشاطها في دبي قبل أزمة عام 2008 لن تستمر طويلاً في هذا النشاط في حالة عودة الاستقرار إلى دول quot;الربيع العربيquot; الجاذبة للسياحة، والتي تتمتع بمناخ جيد طوال العام. منوهًا بأن العائد الذي يتم تحصيله من هذه القطاعات النشطة حاليًا يتم دفعه كأقساط الديون المستحقة على الإمارة، ولا يتم توجيهه لتحسين الخدمات في الإمارة.

تجدر الاشارة إلى أن إمارة دبي احتلت المركز الأول بين أفضل مدن الشرق الأوسط من حيث جودة المعيشة في عام 2009، ونالت الترتيب 77 عالميًا، مرتفعة ست مراتب في هذا التصنيف من المرتبة 83 في عام 2008، وذلك وفقًا لتقرير جودة مستويات المعيشة 2009 الصادر من مؤسسة (ميرسر).

وفي عام 2010 صنفت وحدة الدراسات في مجلة quot;إيكونوميستquot; البريطانية دولة الإمارات في المرتبة الأولى إقليميًا، والـ15 عالميًا بين 160 دولة من حيث جودة الحياة، وذلك في خطوة تعكس النمو الكبير الذي تشهده مختلف القطاعات في الدولة، والنتائج التي حققتها مبادرات وخطط حكومة الدولة الرامية إلى تعزيز جودة حياة المواطنين والارتقاء بخدمات أبرز القطاعات، بما في ذلك الاقتصاد والأمن والصحة والتعليم.