أدلة تشير الى تورط ايران في استهداف دبلوماسيين اسرائيليين

أظهرت تحقيقات أجريت في بلدان مختلفة، ضلوع إيران في عمليات تفجير استهدفت دبلوماسيين إسرائيليين في الهند وتايلاند وجورجيا في شباط (فبراير) الماضي، وأثارت نتائج التحقيقات مخاوف مسؤولين غربيين، في وقت بدأت فيه المفاوضات في موسكو حول برنامج ايران النووي.


لندن: توصل تحقيق متعدد الجنسيات في عمليات تفجير استهدفت دبلوماسيين اسرائيليين هذا العام، الى أوضح دليل حتى الآن على ضلوع إيران وما يعنيه ذلك من مخاطر على الغرب إذا فشل في التوصل الى تفاهم معها بشأن برنامجها النووي.

وبدأت الاثنين المحادثات بشأن برنامج ايران النووي في موسكو، وقال مسؤولون استخباراتيون غربيون لصحيفة الغارديان ان ثمن الفشل يمكن ان يكون باهظا.

واعربوا عن مخاوفهم، مشيرين الى انه إزاء استمرار اسرائيل في رفضها استبعاد توجيه ضربة عسكرية الى ايران في حال فشل الدبلوماسية، فإن موجة الهجمات التي نفذها عملاء ايرانيون تبين ان طهران قادرة على الرد اللامتناظر.

ورغم اعتراف المسؤولين الغربيين بصعوبة التنبؤ بما سيحدث، فإن مخاوفهم تستند الى ما توصل اليه حتى الآن التحقيق في العمليات التي استهدفت دبلوماسيين اسرائيليين في الهند وتايلاند وجورجيا في شباط (فبراير) الماضي والأدلة التي تؤكد ضلوع ايران فيها.

في الهند، قالت الأجهزة الأمنية إن التفجير الذي أسفر عن إصابة زوجة الملحق العسكري الاسرائيلي في نيودلهي في شباط (فبراير) كان من تدبير quot;كيان أمنيquot; ايراني، ولم تُعلن هذه المحصلة التي خرج بها التحقيق من قبل بل حرص المسؤولون الهنود على تفادي اتهام طهران، التي تصدر النفط الى الهند.

كما اتهمت حكومتا جورجيا وتايلاند اللتان اكتشفتا مخططات تفجير في يوم عملية نيودلهي إيران رسميا بالمسؤولية.

وقال مسؤولون استخباراتيون اوروبيون لصحيفة الغارديان، إنهم يجدون الآن صعوبة في الحكم على حسابات ايران للمخاطر، وأوضح أحد هؤلاء المسؤولين للصحيفة انه quot;حتى الآونة الأخيرة كان من الممكن ان نرى لماذا يفعلون ما يفعلونه، ولكن التنبؤ بما سيفعلونه أصبح الآن اصعب بكثير. ومن الصعب أن نرى المنطق وراء تفجيرات شباط (فبراير) سوى استعراض القدرة على إحداث مشاكل في حال وقوع حرب أو الرغبة في الانتقام بشكل من الأشكال ربماquot;.

وكانت طهران أعلنت أن اعداءها يقفون وراء عملية نيودلهي بأمل تشويه سمعة ايران، مصرة على أن برنامجها النووي ذو اهداف سلمية. ولكن الغرب يقول إن ايران تريد إنتاج قنبلة نووية وفرض سلسلة من العقوبات ضدها خلال السنوات الخمس الماضية. وتنطلق محادثات موسكو في 18 و19 حزيران (يونيو) بمستوى متدن من التوقعات بشأن آفاق نجاحها.

وتشير أدلة الشرطة وإفادات شهود ووثائق اطلعت عليها صحيفة الغارديان بالاضافة الى مقابلات أجرتها مع مسؤولين قضائيين وامنيين محليين ودوليين، الى ان محاولات التفجير في 13 و14 شباط (فبراير) الماضي نفذتها شبكة حسنة التنسيق تضم نحو 12 ايرانيا واستغرق التحضير لها 10 أشهر على الأقل.

وتشمل الأدلة التعرف إلى ما لا يقل عن 10 ايرانيين ضالعين في هذه المؤامرات على ما يُفترض، وتحويلات مالية من إيران الى افراد اساسيين في التنفيذ، واستخدام اتصالات هاتفية إيرانية وهروب المتآمرين بعد الهجمات الى ايران.

وقال مسؤول غربي quot;إن السؤال ليس ما إذا كان هذا العمل مدعوما ايرانيا أو من تنظيم ايران بل مَنْ كان يدير كل ذلك في ايرانquot;.

وكانت العناصر الأولى للمخطط أُعدت في نيسان (ابريل) 2010 عندما سافر 5 إيرانيين على الأقل متهمين في التفجيرات الى تايلاند والهند في مهمات استطلاع، كما افاد محققون. وجاءت رحلاتهم بعد نحو أربعة أشهر على تصاعد حدة التوتر بين ايران واسرائيل والغرب، في أعقاب اغتيال العالم النووي ماجد شهرياري، في طهران، بعبوة ألصقها مجهول على درّاجة نارية بسيارته في طهران.

كما جاءت هذه الرحلات إثر تقارير افادت بأن اسرائيل والولايات المتحدة تقفان وراء الفيروس ستاكسنت الذي اصاب اجهزة الطرد الايرانية، في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم.

وتبين وثائق السفر وسجلات الهاتف وتحقيقات الشرطة وبيانات الجمارك، كيف جرى في سلسلة من الرحلات خلال صيف وخريف 2011 استئجار شقق وتشغيل معاونين محليين وترتيب وسائل نقل وتنظيم التمويل واستطلاع الأهداف.

وقالت الشرطة الهندية، إن هوشنغ افشار ايراني هو ألذي الصق العبوة بسيارة زوجة الملحق العسكري الاسرائيلي في نيودلهي. وتبين نسخ من جواز سفره انه زار المدينة في نيسان (ابريل) 2011 لمدة 10 ايام قبل عودته في 29 كانون الثاني(يناير) هذا العام. وبعد نحو 75 دقيقة على تنفيذ الهجوم، غادر الى ماليزيا ثم الى طهران عن طريق دبي. وتشير التحقيقات إلى ان المتفجرات صُنعت خارج الهند والأشرطة المغناطسية المستخدمة في العبوة اللاصقة مماثلة لتلك التي اكتُشفت في بانكوك وتبليسي.

وشارك في هجوم بانكوك 5 اشخاص على الأقل جميعهم ايرانيون. ومنهم ليلى روحاني (31 عاما) التي زارت تايلاند مرتين عام 2012 واستأجرت منزلا لحقت به اضرار كبيرة عندما قام سعيد مرادي، الايراني ايضا، بتفجير عبوة قبل الأوان على ما يبدو. وأُلقي القبض على مرادي الذي أُصيب بجروح خطيرة. ومن بانكوك سافرت روحاني الى كوالا لامبور ثم الى طهران، كما اكتشف المحققون.

واعتُقل مشتبه به آخر في المطار حين كان هو ايضا متوجها الى طهران. ويُعتقد ان هذا الرجل المدعو صدقات زادة مسعود (31 عاما) كان المنسق العام للعملية الدولية. ومسعود موقوف الآن في ماليزيا بانتظار تسليمه الى تايلاند.

وكما في نيودلهي فان رحلة استطلاع جرت ايضا الى تايلاند في نيسان (ابريل) 2011، وصُور افراد الخلية مع فتيات بارات في منتجع باتايا سيئ الصيت قبل أيام على عملية التفجير.

ولكن تفاصيل عملية تبليسي، وارتباطها بالعمليات الأخرى أقل وضوحا، بحسب صحيفة الغارديان، رغم ان المحققين الهنود يقولون إن رقم الهاتف الخلوي الذي استخدمه ايراني خلال زيارته الهند عام 2011 استُخدم ايضا في حزيران (يونيو) العام الماضي في العاصمة الجيورجية.

وتُثار تساؤلات عن الجهة المسؤولة عن هذه العمليات داخل ايران، ومن الاحتمالات المطروحة ان quot;مقاولا ثانوياquot; أُنيطت به هذه العمليات هو حزب الله. ويشير مراقبون الى توقيت الهجوم مع اقتراب الذكرى الرابعة لاغتيال المسؤول الأمني والعسكري في حزب الله عماد مغنية في دمشق.

وكان من المقرر ان يتوجه فريق من كبار ضباط الشرطة الهنود الى ايران، ولكن يبدو ان الزيارة مستبعدة الآن.

ويرى محللون أن أحد الأسباب وراء اختيار الهند لتنفيذ الهجوم هو رهان المنفذين على رغبة الهند في الحفاظ على علاقات ودية مع طهران وquot;التساهلquot; في أي تحقيقات أو ملاحقات قضائية.

ونقلت صحيفة الغارديان عن ضابط كبير في الشرطة الهندية يشارك في التحقيق quot;ان متطلبات الدبلوماسية ومتطلبات عمل الشرطة لا يلتقيان دائماquot;.

ولكن الهند طلبت من الشرطة الدولية الانتربول ووزارة الخارجية الايرانية مساعدتها في التحقيق.

كما تتواصل تحريات المحققين في مخطط محتمل لتنفيذ هجوم في باكو عاصمة اذربيجان بمشاركة مجرمين محليين ذوي ارتباطات ايرانية على ما يبدو لاستهداف مسؤولين اسرائيليين واميركيين.