خير رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، خصومه الداعين لسحب الثقة منه بين القبول بالحوار والجلوس إلى مائدة المفاوضات أو الذهاب إلى انتخابات مبكرة، متهما رئيس مجلس النواب باختصار البرلمان بشخصه وقائمته العراقية، وشدد على أن المؤسسة التشريعية بحاجة إلى حركة اصلاحية سريعة وقوية وأن الحكومة تدعم بقوة هذه الاصلاحات.. فيما اتهمته حركة علاوي بالانقلاب على الدستور والدولة وإرادة الشعب.


قال المكتب الاعلامي للمالكي في بيان صحافي اليوم حصلت إيلافquot; على نسخة منه إن التصريحات التي ادلى بها رئيس الوزراء الاثنين الماضي عقب اجتماعه مع رئيس التحالف الوطني ابراهيم الجعفري اثارت ردود فعل متباينة انطلقت من خلفية قراءتها لتلك التصريحات مما اوقع البعض في خطأ غير مقصود ودفع اخرين للتعاطي معها بدوافع سياسية ليست خافية على الكثيرين من داخل العراق وخارجه.
وياتي هذا البيان بعد ساعات من تأكيد رئاسة مجلس النواب العراقي ردا على رفض المالكي استجواب البرلمان له ان جميع المسؤولين ملزمون وفق الدستور بالحضور للمساءلة أوالاستجواب عند طلب المجلس ذلك وحذرت من المساس بالدستور مؤكدة رفض أي وصاية على الشعب العراقي ولا على مجلس النواب وممثليه الشرعيين أو سلب إرادتهم.
المالكي لدى وصوله الى جلسة البرلمان العراقي
واشار مكتب المالكي في بيانه الى ان رئيس الوزراء قد quot;استعرض في تصريحاته بشكل سريع المخاطر التي تواجه البلاد بسبب الازمات المتلاحقة التي يقوم بعض الشركاء باثارتها بين فترة واخرى وبما يضع الشارع العراقي كما ورد في نص حديثه في حالة من الالتهاب وادخال البلاد كل يوم في ازمة مشيرا الى ان الهدف من وراء اثارة هذه الازمات المتعاقبة هواعاقة عمل الحكومة والعملية السياسيةquot;.
وقال ان المالكي قد اشار الى وجود انتهاكات صريحة للدستور من اولئك الذين يجيدون الحديث بصوت عال ويمارسون سياسة فرض الاملاءات على الاخرين وهي بدون ادنى شك وسيلة للتغطية على تلك المخالفات واعاقة الحوار والجلوس الى مائدة المفاوضات وهو الخيار الوحيد الذي يعتقد رئيس الوزراء جازما لحل الازمة السياسية في البلاد وجميع الخلافات والمشاكل الموروثة من النظام السابق والمستجدة.
واضاف أن المالكي قد جدد تأكيده على أن السلطة التشريعية هي اخطر مؤسسة في البلاد باعتبارها السلطة التي تمثل ارادة الشعب وتمنح الشرعية لباقي السلطات وهي في الوقت ذاته بمثابة المحرك الاساس لجميع مؤسسات الدولة المختلفة.
وقال المكتب انه quot;من منطق المسؤولية الكبرى التي تتحملها السلطة التشريعية في بناء مؤسسات الدولة وتسريع عملية البناء والاعمار وتوفير الخدمات للمواطنين تساءل رئيس الوزراء في تصريحاته عن الاسباب التي تمنع رئاسة مجلس النواب من التصدي واعطاء الاولوية لقضايا عديدة ينتهك فيها الدستور بشكل صريح تتعلق بالنفط الذي يعد ملكا لجميع العراقيين والحدود والعلاقات الخارجية واتهامات لثلاثة عشر نائبا بقضايا ارهابية وقتل مدنيين ابرياء واخرين متهمين بالتزوير وقضايا كثيرة أخرىquot;.

واضاف المكتب الاعلامي للمالكي ان ما يزيد في تعقيد الامور ويضاعف العقبات التي تواجه عملية التعامل والتكامل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية محاولات رئيس مجلس النواب ان يختصر البرلمان بشخصه وقائمته من خلال ادائه الذي اقل مايقال عنه انه ليس محايدا وغير مهني ومن بين المؤشرات الكثيرة التي تؤكد هذه الحقيقة توقيعه على ورقة اربيل باسم رئيس مجلس النواب مع ان السادة الاخرين الذين وقعوا على الورقة اكتفوا بالتوقيع نيابة عن كتلهم السياسية كما أن رئيس الجمهورية جلال طالباني الذي كان حاضرا في الاجتماع امتنع حتى عن التوقيع على الورقة مراعاة لمنصبه كرئيس للجمهورية وكذلك الحال بالنسبة للسيد مقتدى الصدر الذي وقع باسمه فقط دون الاشارة الى انه زعيم للتيار الصدري.
واكد المكتب انه على هذا الاساس فحين يرفض الطرف الاخر الجلوس الى مائدة المفاوضات ويصر على سياسة اثارة الازمات المتلاحقة بما يلحق اضرارا فادحة بالمصالح العليا للشعب العراقي فان رئيس الوزراء وجد نفسه مضطرا للدعوة لاجراء انتخابات مبكرة تكون كلمة الفصل فيها للشعب العراقي وهو ما ينسجم مع الدستور والآليات الديمقراطية.

لكنه اشار الى انه من الحرص الاكيد على تطوير العملية السياسية وتعزيز التجربة الديمقراطية فان رئيس الوزراء يجدد الدعوة الى الحوار القائم على اساس الدستور واجراء الاصلاحات في جميع مؤسسات الدولة وفي مقدمتها السلطات الثلاث مع ايماننا العميق بان السلطة التشريعية التي تمنح الشرعية لباقي السلطات بحاجة الى حركة اصلاحية سريعة وقوية وان الحكومة سوف تدعم بقوة هذه الاصلاحات وانها ملتزمة بما يقره الدستور في الرقابة ومساءلة الحكومة على ان تكون هذه المساءلة بعيدة عن الدوافع السياسية وبما يحقق مصلحة الوطن و الشعب.
حركة علاوي تتهم المالكي بالانقلاب على الدستور والدولة والشعب
ومن جهتها اتهمت حركة الوفاق الوطني العراقي بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي المالكي بالانقلاب على الدستور والدولة وارادة الشعب العراقي. وأضافت الحركة في بيان تسلمت quot;ايلافquot; نسخة منه اليوم انه بعد تأكد المالكي من حتمية سحب الثقة عنه فقد نزع قناع دعواته السابقة في الاحتكام الى الدستور، والتي صدع بها رؤوس العراقيين، ليثبت الا مكان لكل مايتعارض مع طموحاته الشخصية الجامحة حتى وان كان الدستور الذي اقسم على الالتزام به، او مؤسسة السلطة التشريعية كأعلى سلطة منتخبة لصيقة بالارادة الشعبية المباشرة. وقالت انه بتصريحات الامس، انقلب المالكي على الدستور والدولة وإرادة شعبه، مهددا شرعية وجوده بعد حنثه باليمين، وقاطعا الطريق امام اية خطوة للاصلاح خارج تغييرالمالكي نفسه.
واضافت ان تغول السلطة التنفيذية وارتهانها بارادة فرد واحد، يجعل مقاومة هذا النهج تتجاوز قوى تحالف اربيل - النجف، الى المتشككين من اخوتنا في التحالف الوطني ودولة القانون بعد ان تكشفت مواقف المالكي وتصريحاته عن طموح شخصي لايرتبط بمصلحة التحالف او دولة القانون ولا المصلحة العامة.
واكدت حركة الوفاق quot;رفض التجاوز على الدستور ومبدأ الفصل بين السلطات والاساءة الى البرلمان تعتبر تصريحات المالكي منسجمة مع مواقفه العامة في التفرد والاستبداد، وليست زلة لسان يمكن الاعتذار عنها، وترى ان مثل هذه الممارسات تفتح الباب واسعا امام تدخل الآخرين من حكومات اوبرلمانات او منظمات حقوقية عالمية.quot;
وقالت الحركة انها تضع القوى السياسية، ومنظمات المجتمع المدني امام مسؤولياتها في التصدي لحماية التجربة الديمقراطية المهددة، وصون الدستور، وتحذر البعض ndash;تحت اي دافع او عنوان - من وهم الانخراط في اية انشطة تتعارض مع الدستور وقيم الديمقراطيةومبادئ حقوق الانسان والحريات المكفولة.
وكان المالكي قد اكد امس الاول رفضه لدعوات كتل سياسية بأستجوابه او سحب الثقة منه راميا بالكرة في ملعبهم حيث اشترط لذلك اصلاح اوضاع المجلس الذي يطالب نوابه بإقالة رئيسه إسامة النجيفي. وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري اكد المالكي انه quot;لا استجواب ولا سحب ثقة إلا حينما نصحّح وضع المؤسسة التشريعيةquot;.. ودعا خصومه الى الجلوس الى مائدة المفاوضات من اجل الحوار الذي يفضي الى حل المشاكل السياسية التي تعاني منها البلاد. واتهم المالكي خصومه باختطاف السلطة التشريعية في اشارة الى رئيس البرلمان اسامة النجيفي القيادي في الكتلة العراقية التي تعتبر من اكبر خصومه الداعين لاقالته.
وقد أكد الحزبان الكرديان الرئيسان، الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني السبت الماضي تمسكهما باجراءات سحب الثقة من رئيس الحكومة نوري المالكي، وأكدا أن مساعيهما هذه تجري بالتنسيق مع الأطراف الأخرى مع مراعاة المسؤوليات الدستورية لرئيس الجمهورية جلال الطالباني.
وكشفت القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي عن تشكيل لجان قانونية وسياسية لاستجواب رئيس الحكومة نوري المالكي تمهيداً لسحب الثقة منه، مؤكدة أنها تسعى إلى توسيع التحالف الذي شكل مؤخراً مع الكرد وتيار الصدر ليشمل أطياف الشعب كافة.
يذكر أن الرئيس طالباني الذي يخضع لفحوصات طبية حالياً في ألمانيا هدد، في 16 حزيرمن الشهر الحالي بالاستقالة في حال أجبر على تغيير قناعاته مؤكداً أن منصبه يقتضي الحيادية وتوحيد الصف، في حين أكد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في العشرين من الشهر الحالي أنه ليس هناك بديلاً عن توقيع رئيس الجمهورية على طلب سحب الثقة من المالكي، وأكد أنه لن يشارك في أي مشروع غير ذلك.
ويشهد العراق أزمات سياسية أبرزها مطالبات عدد من الكتل وهي التيار الصدري والقائمة العراقية والتحالف الكردستاني بسحب الثقة من رئيس الوزراء في حين يحذر نواب عن دولة القانون التي يتزعمها المالكي من تبعات هذه الخطوة على العملية السياسية.