أوقع ضيق ذات اليد الجامعات البريطانية في مشكلة محيّرة. فهي مضطرة لـlaquo;بيعraquo; عدد من مقاعدها للطلاب الأجانب القادرين على laquo;الشراءraquo; رغم أنهم لا يملكون بالضرورة مؤهلات البريطاني ويساهمون تاليًا في تدني المستويات الأكاديمية. لكن هذه مغامرة مقبولة في ما يبدو.


ثمة ممارسة laquo;غير منصفةraquo; وسط بعض أفضل الجامعات البريطانية تتمثل في قبولها طلابًا أجانب لم يحصلوا على المؤهلات الأكاديمية اللازمة لدخولها، تبعًا لما أسفرت عنه تحقيقات سريّة قام بها مخبرون لصحيفة laquo;ديلي تليغرافraquo;.

وتُعزى الأسباب الرئيسيةفي هذه الممارسة إلى أن هذه الجامعات تجني الكثير من المال (في وقت يقف فيه دافع الضرائب عاجزًا عن توفيره). وتتشعب هذه المسألة لتشمل حقيقة أن الجامعات تأخذ من الطالب الأجنبي مبلغًا يزيد عن ذلك الذي تتلقاه من البريطاني بما لا يقل عن 50 في المئة. وإذا علمنا أن البريطاني يدفع 9 آلاف جنيه رسومًا في السنة، فإن الأجنبي يدفع 13.5 ألف جنيه على أقل تقدير للمقعد نفسه.

جامعة كارديف ضمن المتهمة بـlaquo;بيعraquo; مقاعد لطلاب أجانب

وعلى سبيل المثال، فقد نقلت وقائع التحقيق عن وكالة في بكين تعمل نيابة عن مؤسسة laquo;راسيل غروبraquo; (وهي رابطة تضم 20 من الجامعات البريطانية) زعمها أنها قادرة على توفير مقاعد للطلاب الصينيين لمجرد حصولهم على ثلاث درجات من الفئة C في امتحانات A-level. وهذا بينما يطالب البريطاني بنيل AAB على الأقل لحصوله - ربما - على المقعد نفسه.

وقال مخبرو الصحيفة إنهم علموا أيضاً أن المسألة تنطوي، في بعد آخر، على الكذب. وتبعًا لهؤلاء فقد اعترفت الوكالة الصينية، المسماة laquo;غولدن أرو كونسالتينغraquo;، بأنها laquo;تضمن عودة الطلاب الصينيينraquo; الى بلادهم حال فراغهم من دراستهم رغم علمها التام أن هذا قد لا يكون صحيحًا في السواد الأعظم من الحالات.

وبالنظر إلى هذا الوضع حذّر خبير تعليمي من أنه سيقود إلى laquo;تدني مستويات التعليم العالي بشكل مخيفraquo;. وقال إن التفوق الأكاديمي لدى الطلاب الملتحقين بالجامعات لن يعود هو المعيار وإنما قدرتهم على ملء خزائنها بالمال.

وتبعًا للمخبرين الصحافيين فقد تمكنت laquo;غولدن أروraquo; من إيجاد مقاعد لأكثر من 2500 طالب صيني في بعض أفضل الجامعات البريطانية خلال العام 2011 رغم أن كل هؤلاء تقريبًا لم يكونوا من حملة المؤهلات لدخولها. ولكن كان بينهم مخبرون من الصحيفة (صينيو الأصل) تظاهروا بأنهم طلاب حاصلون على ثلاثية C فقط ويرغبون في الالتحاق بجامعات معيّنة. فتم لهم ما أرادوا واستوعبوا في جامعتي كارديف وساسيكس.

الطلاب الصينيون أكبر شرائح الطلاب الأجانب

وبالطبع فهناك مشكلة اللغة الانكليزية التي قد يكون الطالب ضعيفًا فيها بحيث لا يستطيع متابعة دراساته كما يجب في جامعة بريطانية. لكن الوكالة تعنى بهذا أيضًا - على الأقل في ما يتعلق بإجراءات القبول - فتتولى ملء مختلف الاستمارات نيابة عن الطالب بما فيها طلب تأشيرة الدخول.

يذكر أن عدد الطلاب الأجانب في الجامعات البريطانية ارتفع منذ العام 2006 بنحو الثلث، ليبلغ 300 ألف، قسمهم الأكبر من الصين. وقارن هذا بنحو 180 ألف طالب بريطاني أخفقوا في الحصول على مقاعد عليا في 2011 لأن الجامعات أخذت ساعاتها من الحصص المقررة لها. ويذكر أيضا أن من حق إدارات الجامعات اتخاذ قرارات استثنائية في المواقف التي تعتبرها laquo;ظروفا خاصة تسمح بالخروج عن شروط القبول الساريةraquo;.

ورغم التحذير من الأثر السلبي لقبول الطلاب الأجانب غير المؤهلين على التعليم العالي، فإن الحقيقة الماثلة للعيان هي أن الجامعات بحاجة ماسة إلى المال الذي قد يعني - في بعض الحالات - الحد بين بقائها وزوالها. وفي هذا الصدد حذّر 68 من مدراء هذه الجامعات من أن وضع التفوق الأكاديمي فوق المال بالنسبة للطلاب الأجانب يعني أن هؤلاء سيذهبون إلى دول أخرى. وقالوا إن في هذا بحد ذاته إضاعة مليارات الجنيهات على خزينة البلاد.