كشفت المناقشات الدائرة حالياً داخل أروقة الجمعية التأسيسية لوضع الدستور المصري الجديد أن الرئيس محمد مرسي لن يستمر في منصبه أكثر من سنة واحدة فقط، لاسيما أنه يجب إجراء إنتخابات تشريعية يعقبها إنتخابات رئاسية.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: يبحث خبراء قانونيون ودستوريون الأزمة، ويعملون على وضع مادة في الدستور الجديد، تتيح لمرسي البقاء في منصبه لإتمام فترة الرئاسية البالغة أربع سنوات من تاريخ تسلمه السلطة رسمياً في 30 يونيو/ حزيران الماضي. فيما تواجه الجمعية التأسيسية نفسها مخاطر صدور حكم قضائي بعدم دستوريتها، بعد صدور حكم سابق ببطلان مجلس الشعب، وإصدار المجلس العسكري قرار بحله.

رئيس مؤقت
وفقاً للمرشح الرئاسي الخاسر حمدين صباحي، فإن الرئيس الجديد سيكون مؤقتاً، موضحاً في تصريحات حديثة له أن مصير الرئيس بيد الجمعية التأسيسية، وما تقرره من نصوص فى الدستور، ولفت إلى أنه ما لم يكن هناك نص واضح فى باب الأحكام الانتقالية في الدستور الجديد يؤكد استمرار الرئيس إلى حين انتهاء مدته، فالأرجح أن يعاد انتخاب رئيس جديد بعد إقرار الدستور وإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة.

الإنتخابات الرئاسية بعد الدستور

الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي

تفادياً لتلك الأزمة، إقترح عدد من أعضاء الجمعية التأسيسية وضع مادة في الدستور الجديد، تنص على ضرورة إكمال الرئيس لفترة الرئاسية، والمقدرة بأربع سنوات.

ووفقاً لأسعد هيكل الخبير القانوني، فإن هذا الجدل ينبع من عدم رضا قطاع كبير من الشعب والنخبة السياسية عن نتائج الإنتخابات الرئاسية. وقال لـquot;إيلافquot; إن الرئيس الجديد وفقاً لما هو متعارف عليه في نظم الحكم رئيس مؤقت، مشيراً إلى أنه تتوجب إعادة النظر في كل السلطات بعد وضع الدستور الجديد، ومنها السلطة التشريعية والتنفيذية.

وأضاف هيكل أن الدستور الجديد هو ما ينظم عمل السلطات كلها. وأوضح أنه من الممكن أن يتضمن نصاً يسمح للرئيس بإستكمال ولايته لمدة أربع سنوات، حسبما ينص الإعلان الدستوري الحالي، أو يتضمن نصاً يقلّص ولايته وصلاحياته. ولفت إلى أنه ما لم ينص الدستور الجديد على إستمرار الرئيس لإستكمال فترة ولايته، فإنه يتعين عليه الإستقالة بعد وضع الدستور، وإجراء إنتخابات رئاسية جديدة وفقاً للقواعد التي سينص عليها.

غير أن هيكل توقع إستمرار مرسي في رئاسته للجمهورية لمدة أربع سنوات، وأرجع ذلك إلى سيطرة التيار الإسلامي على الجميعة التأسيسية للدستور، مشيراً إلى أن هذا التيار سوف يكيف الدستور الجديد ليكون ملائماً لمرسي، ويمكنّه من استمراره في الحكم لمدة أربع سنوات.

وفجّر هيكل مفاجأة بالقول إن الجمعية التأسيسية نفسها باطلة، موضحاً أنها جاءت بناء على مجلس الشعب المنحل بحكم قضائي، وبالتالي ما بني على باطل فهو باطل، ولفت هيكل إلى أن الجميعة تضم أعضاء من مجلس الشعب الذين حكم ببطلان عضويتهم.

ويرى سامح عاشور نقيب المحامين ورئيس المجلس الإستشاري أنه بعد وضع الدستور يجب إجراء إنتخابات تشريعية ورئاسية، مشيراً إلى أن إستمرار السلطات المنتخبة، مثل مجلس الشورى أو الرئيس بعد الدستور الجديد، يعدّ باطلاً. وأضاف لـquot;إيلافquot; إن وضع مادة في الدستور تضمن بقاء الرئيس في الحكم لمدة أربع سنوات باطلة أيضاً، مرجعاً ذلك إلى أن الدساتير لا تعرف الإستثناءات.

أربع سنوات
فيما يرى الدكتور إبراهيم صلاح الدين أستاذ القانون الدستوري أنه إذا تضمن الدستور الجديد مادة تؤكد أن مدة الرئاسة أربع سنوات، فإنه لن تكون هناك حاجة إلى إجراء إنتخابات رئاسية جديدة، وسوف يستمر الرئيس حتى إنتهاء فترة ولايته.

وقال صلاح الدين لـquot;إيلافquot; إن المناقشات الدائرة الآن في الجمعية التأسيسية تسير في إتجاه إستمرار الرئيس في فترته الرئاسية، مشيراً إلى أن نظام الحكم سيكون رئاسياً، مع إحداث توازن في السلطات ما بين التشريعية والتنفيذية، ليكون للرئيس سلطات وللبرلمان سلطات أخرى، بحيث لا يطغى أحدهما على الأخر.

ولفت صلاح الدين إلى أن هناك إتجاهًا أيضاً لإستمرار مجلس الشورى، ولكن مع منحه سلطات وصلاحيات، بحيث يكون له دور في الرقابة والتشريع، بما يخفف العبء على مجلس الشعب، ويحقق أكبر فائدة منه، كما هو معمول به في نظم الحكم الأوروبية، التي تتضمن غرفتين للسلطة التشريعية أو البرلمان.

ليس رئيساً مؤقتاً
فيما قال الدكتور حسين إبراهيم عضو اللجنة التأسيسية لـquot;إيلافquot; إن الرئيس سوف يستمر في أداء مهام منصبه لمدة أربع سنوات. وأوضح إبراهيم عضو حزب الحرية والعدالة أن النص الحالي في الإعلان الدستوري لا يحتاج تعديلاً، وينص على أن quot;مدة الرئاسة أربع سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ إعلان نتيجة الانتخابات، ولا تجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا لمدة واحدة تاليةquot;.

مشيراً إلى أن الحديث عن إجراء الإنتخابات الرئاسية بعد وضع الدستور غير جائز، لأن المرحلة الإنتقالية إنتهت بتسلم الرئيس السلطة من المجلس العسكري، وبالتالي فهو ليس رئيساً مؤقتاً، كما إن الإعلان الدستوري لم ينص على ذلك.

أكتب دستورك
في السياق نفسه، تستأنف حركة 6 أبريل برنامجها quot;أكتب دستوركquot;، الرامي إلى مشاركة المصريين في صياغة الدستور من خلال تشجيع المصريين على كتابة مقترحاتهم للدستور الجديد، وإرسالها إلى الحركة.

وقالت إنجي حمدي عضو المكتب السياسي للحركة إن الحملة تهدف إلى مشاركة المواطنين في كتابة دستور مصر الجديد تحت شعار quot;أكتب دستورك.. تأكد أنه هيوصل.. شارك في صنع مستقبل مصرquot;، مشيرة إلى أن أعضاء الحركة سوف يطرقون أبواب المصريين من أجل أن يشاركوا في كتابة دستور مصر.

وأضافت: سنذهب إلى المرأة والطلاب والفلاحين والعمال في المصانع. سيقوم الشباب في القاهرة والمحافظات والمدن والقرى بتنظيم ورش عمل مختلفة وصالونات ثقافية ومؤتمرات جماهيرية، إضافة إلى إستبيانات، سيتم توزيعها علي المصريين في الشوارع والأماكن العامة والمقاهي والمصانع وفي المنازل.

وأوضحت أن الدستور هو العقد الاجتماعي بين المواطن والدولة، وينظم حقوق المواطنين ووجباتهم وواجبات الدولة تجاه المواطنين، ويحدد إختصاصات كل مؤسسة من مؤسسات الدولة وصلاحيتها.

ولفتت إلى أن الحركة تتلقى إقتراحات المواطنين بشأن الدستور على موقعها على الإنترنت، ويتم رفعها، ليقوم المهندس أحمد ماهر مؤسس الحركة وعضو اللجمعية التأسيسية بمناقشتها وعرضها على أعضاء الجمعية. وأكدت حمدي أن الهدف من مشاركة المصريين العاديين في كتابة الدستور هو المشاركة في صنع مستقبل بلادهم، وعدم ترك مهمة كتابة الدستور للنخبة فقط أو الغالبية السياسية.